عقبات داخلية وخارجية

خبر الغام عديدة قد تعترض طريق المصالحة

الساعة 03:43 م|18 سبتمبر 2017

فلسطين اليوم

بعد سلسة طويلة من اللقاءات « الماراثونية » الممتدة طوال العقد الماضي، تتجه أنظار الفلسطينيين والمراقبين إلى العاصمة المصرية (القاهرة) في آخر محطة من المباحثات الثنائية بين حماس وفتح، وسط تفاؤل حذر وسقف توقعات منخفض بسبب الكم الكبير من التجارب السابقة المتعثرة.

وعلى الرغم من التفاؤل الكبير في الشارع الفلسطيني، إلا ان الغاماً عديدة قد تصيب المصالحة الفلسطينية « بانتكاسة كبيرة »، إذ يرى محللون أن افخاخاً عديدة وكبيرة تقف في وجه المصالحة وأنها لن « تحل بكبسة زر » كما يتمنى الفلسطينيون.

تفاؤل الفلسطينيون اصطدم بواقع التصريحات والتحليلات التي تتحدث عن العقبات والعراقيل التي من الممكن أن تواجه جهود المصالحة، وهي تحليلات واقعية ومشروعة في ظل ضبابية التفاهمات الأخيرة.

 عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ومفوض التعبئة والتنظيم جمال محيسن، أكد « أن قضية فرض الأمن حسب قانون السلطة الوطنية في قطاع غزة، وحل قضية الموظفين من أبرز العقبات التي ستواجه إتمام المصالحة، مؤكداً أن تلك العقبات يمكن تجاوزها بعقلية الوحدة الوطنية وتغليب المصالح العليا لشعبنا ».

وشدد على ضرورة « إبراز النوايا الحسنة لتجاوز العقبات أمام تنفيذ وإتمام المصالحة الوطنية، مطالباً بتغليب المصالح الوطنية على الحزبية، لإنهاء صفحة الانقسام البغيض في تاريخ القضية الفلسطينية ».

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، يقول « تجربة السنوات الماضية تناقض حجم التفاؤل الكبير من الفصائل وإطلاق برقيات وتصريحات المباركة والتهنئة وتثمين موقف حركة حماس ».

الكاتب مصطفى إبراهيم: ملفات كبيرة عالقة ولم نعلم كيف سيتم الاتفاق عليها بعد ان اتفق عليها الطرفان مسبقا ولم تنفذ

ويضيف إبراهيم في مقالٍ له بعنوان (ألغام في طريق اتمام المصالحة): الوقت لم يحن بعد للتهنئة والتفاؤل وغياب اليقين في تصديق ما يجري والواقع على الأرض يختلف تماماً عن ما يجري في قاعات الاجتماعات، إذ أننا أمام ملفات كبيرة عالقة، ولم نعلم كيف سيتم الإتفاق عليها بعد ان اتفق عليها الطرفان مسبقا ولم تنفذ، وألغام كبيرة ومتفجرة كفيلة بنسف ما تم الإتفاق عليه بالقاهرة، منها ملف الموظفين وارتباطه بالرواتب والمعابر والأمن وتوحيد الأجهزة الأمنية وعقيدتها وعلاقتها بإسرائيل والتنسيق الأمني وسلاح المقاومة، والدعوة لعقد المجلس الوطني في رام الله من دون التوافق بين حركتي فتح وحماس، وغيرها من التفاصيل والاشتراطات والاستدراكات.

وتابع: حركة حماس تدرك صعوبة الأوضاع وأن أزمة الحركة تتفاقم في القطاع، لذا إتخذت خطوة الى خلف در للوراء كي تثبت للمصريين أنها جادة في إنهاء الإنقسام واتمام المصالحة، وانها مستمرة في توطيد علاقتها بمصر، وعليه فإن خطوة حل اللجنة الإدارية مهمة وتشكيلها فاقم أزمة قطاع غزة وسودت عيشة أهله، وبعد ان كانت تشترط التراجع عن العقوبات التي فرضها الرئيس محمود عباس وتماهت إسرائيل مع الخطوة خاصة فيما يتعلق بتقليص كميات الوقود لكهرباء القطاع، وتنازل حماس يحسب لها بالرغم انه جاء متأخراً.

وتابع « المشكلة الأساس ليس في حل اللجنة، وحلها لن ينهي مشكلات وأزمات قطاع غزة المتفاقمة ورفع الحصار، ولن يعجل في إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني وبناء المؤسسات الفلسطينية خاصة منظمة التحرير بين يوم وليلة، فالطرفان يستعدان لجولة أو جولات جديدة من المفاوضات بناء على اتفاق القاهرة في مايو/آيار 2011. وما تم التوصل له من اتفاقات على مجمل قضايا الخلاف المستمرة حتى الان ولم تنتهي، يعني العودة سبع سنوات الى الوراء، ولا يوجد يقين بصدق النوايا بالاتفاق على وضع حل لقضايا الخلاف ».

الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، يرى أن سلسلة من العقبات قد تعترض ملف المصالحة الفلسطينية، في حال استمرت حركتا حماس وفتح في معالجة ملف المصالحة من خلال « الثنائية » التي عطلت العديد من التفاهمات والاتفاقات منذ بداية الانقسام، مشيراً أن تخطي الثنائية والتوجه نحو شراكة وطنية جامعة من الممكن ان يتجاوز جميع العراقيل والعقبات.

طلال عوكل: سلسلة من العقبات قد تعترض ملف المصالحة الفلسطينية، في حال استمرت حركتا حماس وفتح في معالجة ملف المصالحة من خلال « الثنائية »

وذكر أن التصريح والتلويح بالأفخاخ من قبل قيادات وازنة في حركتي حماس وفتح لا ينذر بمصالحة حقيقة، لافتاً أن التلويح بالعقبات ومحاولات التمهيد لفشل هذه الجولة من المصالحة « يعني أننا رجعنا إلى سياسة خلق الذرائع، وهي محاولة كل طرف للبحث عن فخ ليلقيه أمام الطرف الثاني ».

وأوضح عوكل أن تجاوز العقبات التي تعتري طريق المصالحة، تتطلب إشراك الكل الفلسطيني بالمصالحة الجامعة، مشدداً على ضرورة إخضاع اتفاق القاهرة 2011 على طاولة الحوار الوطني الجامع لبحث ومناقشة العقبات التي من الممكن أن تعترض المصالحة، ولإيجاد آليات لتخطي العراقيل، محذراً من الشراكة بين فتح وحماس على أساس الثنائية.

وأشار إلى أن تحقيق الوحدة الوطنية بحاجة إلى ثمن كبير، لافتاً أن الحالة الفلسطينية غير جاهزة للمصالحة الوطنية الشاملة الجامعة، في ظل إصرار حماس وفتح على الثنائية في الحوارات.

ويرى أن تفاؤل الشارع الفلسطيني، نابع من جدية مصر بمتابعة ملف المصالحة الفلسطينية، والعمل على إنهاء الانقسام، إضافة لحل (حماس) اللجنة الإدارية التي كانت إحدى ذرائع فرض إجراءات على قطاع غزة، ويأمل المواطنون أن يعقبها تخفيف من تلك الإجراءات، وفي حال لم يكن هناك تجاوب من قبل السلطة وحركة فتح، ولإدراك المواطن ان مصر من الممكن ان ترد بسلسلة من الإجراءات التخفيفية عن قطاع غزة وحركة حماس.

ناجي شراب: هناك محاذير داخلية وخارجية

أستاذ العلوم السياسية ناجي شراب، يرى هو الآخر ان هناك محاذير في إتمام المصالحة الفلسطينية، وقسّم المحاذير إلى داخلية وخارجية، مبيناً أنّ الخطر الحقيقي يكمن في وجود رؤيتين متناقضتين، تحتاج إلى إطار جامع وصياغة توافقية مشتركة للوصول إلى مصالحة حقيقية.

وبين شراب، أنّ المحاذير الداخلية يمكن تجاوزها من خلالها خطوات مدروسة ممنهجة يبنى عليها بالتوافق الوطني، أما المحاذير الخارجية، فتلك الضغوط التي يمارسها العالم الإقليمي والدولي للتأثير على القرار الفلسطيني، مبيناً أنّ التحرر من هذه القيود أكبر ضامن لنجاح المصالحة.

ويرى شراب، أنّ الخطر الأكبر في ملف المصالحة، يكمن بالتسوية السياسية، التي يتم الحديث عنها على المستوى الدولي والإقليمي و« تعني تصفية القضية الفلسطينية »، لافتاً إلى أنّ الانفراد بها يعني خراب المصالحة.

ويقول شراب: « المصالحة ليست ملفات بل هي رؤية وطنية من أجل بناء منظومة سياسية فلسطينية متكاملة، والاعتراف أنّها عملية معقدة تحتاج إلى تنازلات وحسن نوايا ».


وكانت حركة (حماس)، أعلنت، فجر الأحد، حلّ اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعت حكومة الوفاق الوطني للقدوم إلى القطاع وممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورًا.

كما أعلنت الحركة في بيان، موافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة.

وقالت « حماس » إنها حلّت اللجنة الإدارية استجابة للجهود المصرية بقيادة جهاز المخابرات العامة، وتعبيرًا عن الحرص المصري على تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وحرصًا على تحقيق أمل الشعب الفلسطيني، بتحقيق الوحدة الوطنية.

وكان وفد حماس برئاسة اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة الذي وصل قبل أسبوع الى القاهرة، أجرى مباحثات مع رئيس المخابرات العامة خالد فوزي، في حين التقى وفد برئاسة القيادي في حركة فتح عزام الأحمد مسؤولين مصريين، مساء السبت.

وكانت حماس أعلنت عن تشكيل لجنتها الإدارية في مارس/آذار الماضي، وهو ما اعتبرته السلطة الفلسطينية « مخالفة » لاتفاق « الشاطئ » الذي بموجبه توصلت فتح وحماس لتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة « الحمد الله ».

لكن بعد أشهر على هذا الاتفاق لم تتمكن حكومة « الحمد الله » القيام بمسؤولياتها في قطاع غزة، واتهمت حماس بتعطيل عملها، وفق مسؤولون بالحكومة.

وشكلت حركة « حماس » اللجنة الإدارية لإدارة شؤون قطاع غزة بعدما تخلت حكومة الوفاق عن دورها في القطاع.

ويشترط رئيس السلطة الفلسطينية، لإنهاء العقوبات التي فرضها على قطاع غزة؛ تقنين كمية الكهرباء وقطع وتقليص الرواتب ومنع إدخال الأدوية والتحويلات الطبية، بإنهاء حركة « حماس » لعمل ودور اللجنة الإدارية.

وتعتبر قضية استيعاب موظفي حكومة حماس في القطاع والبالغ عددهم نحو أربعين ألف موظف مدني وعسكري في حكومة السلطة الفلسطينية، وملف الأجهزة الأمنية من أهم المشاكل التي أدت إلى فشل المصالحة بين فتح وحماس مرات عدة.

 

كلمات دلالية