خبر فجأة مساواة- هآرتس

الساعة 09:26 ص|14 سبتمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

فجأة المجتمع الاسرائيلي يستيقظ من سباته ويناضل من اجل واحدة من القيم الاساسية المرغوبة جدا للديمقراطية. فجأة ترفع محكمة العدل العليا راية المساواة. فجأة الجميع متنورون جداً. كل الاحترام، لاسرائيل. كل الاحترام لمحكمة العدل العليا. ومحكمة العدل العليا نفسها التي لم تترك أي تمييز في المناطق إلا وحللته، والتي حسب رأيها الممتلكات المتروكة في العام 1948 هي لليهود فقط، ومثلها ايضا جمع شمل العائلات، تصدر فجأة فتاوى للمساواة. ونفس يئير لبيد الذي قرر أن عرب اسرائيل هم مواطنون من الدرجة السابعة قال إنه منذ الآن ليس هناك مواطنون من الدرجة الاولى والدرجة الثانية، بل من الدرجة السابعة. ومحلل موصى به كتب: يوم عيد.

الحديث لا يدور عن مجرد قيمة من قيم الثورة الفرنسية، بل يدور عن « مساواة في العبء ». العبء في اسرائيل هو فقط عبء الخدمة في جيش الدفاع الاسرائيلي لا غيره. المعاقون يتراكضون وهم متعرقون في الشوارع على كراسيهم المتحركة، ويتوسلون بدرجة أقل قليلا من التمييز، على الاقل مساواة اكثر في العبء، ولا ينجحون في لمس النار. طالبو اللجوء الافارقة، القادمون من اثيوبيا، العرب الفلسطينيون، يتوسلون لاعطائهم  القليل من المساواة، ويعودون خالي الوفاض. نحن في صراع على المساواة في العبء، نحن نريد فقط شيئا واحدا وهو أن يخدم الحريديون في الجيش الاسرائيلي. هكذا سيكون مجتمعنا مجتمعا عادلا ومعسكرنا طاهرا. اقصاء وقمع، قصة تمييز ظلامية – فقد اخدموا في الجيش الاسرائيلي وسيكون لنا عدل.

اليسار، الامر المثير للضحك، باستثناء آفي غباي الذي نشر اعلانا معتدلا جدا، مثير للضجة أكثر من اليمين في توقه لأن يلبس الجميع الزي العسكري، وأن يحمل الجميع السلاح، وأن يسير الجميع في دوريات داخل المناطق، وأن يقوم الجميع باختطاف الناس من أسرتهم، أو أن يقوموا بقصفهم في منازلهم. وهكذا صاغ ذلك مسيح التجنيد لبيد: « القيم انتصرت الآن، روح الجيش الاسرائيلي انتصرت، جنودنا انتصروا... التجنيد للجميع ». قيم وروح جيش الدفاع الاسرائيلي وجنودنا وتجنيد للجميع – بالالمانية كان هذا يبدو فظاعة. ولكن على هذه القضية عاش وسقط العدل الاسرائيلي للبيد. لا يوجد بعد موضوع يثير حماسة الاغلبية العلمانية مثل الشهوة الجنسية، ليس هناك كلمة اخرى، أن نرى الحريديين بالزي العسكري.

كل بضع سنوات يظهر هذا الموضوع، ويبدأ الاحتفال. في اساسه تقف القيمة رقم واحد في اسرائيل وهي ألا نكون مغفلين – ليس في ازمة السير، وليس في الطوابير الطويلة، وليس في الجيش الاسرائيلي. مشكوك فيه أن الجنود يهمهم حقا أن يتم تجنيد الحريديين، ومشكوك فيه حتى اذا كانوا يرون في تجندهم للجيش عبئا. ولكن آباءهم هم الذين يريدون عدم خروجهم مغفلين. ايضا كراهية الحريديين تختفي خلف كل الهتافات لمحكمة العدل العليا، الكراهية المتقدة للمختلفين والسود.

جيش الدفاع الاسرائيلي منذ زمن لم يعد جيش الشعب، نحو نصف الاسرائيليين لا يخدمون فيه، عرب وحريديون ومرضى ومن هاجروا ومتهربون ورافضو للخدمة، فقط الحريديون هم ما ينقصه. جيش الدفاع الاسرائيلي منذ فترة ايضا لم يعد جيش فيه مساواة: الجيدون لسلاح الجو والسيئون لحرس الحدود، ودولة تل ابيب للوحدة 8200، ودولة الضواحي لوحدة « كفير » في الطريق الى كراجات السيارات. جيش الدفاع الاسرائيلي ايضا منفوخ وسمين بالنسبة لمهماته، مع مستوى غير قليل من البطالة المقنعة – فقط الحريديون هم ما ينقصه. عندما سيكون حريديون في جيش الدفاع الاسرائيلي فسنخرج للنضال ضد عملية تدين الجيش. ولكن هنا سيصرخ العلمانيون ضد الفصل والاقصاء، وضد اعتبار صوت النساء عورة، وضد جعل المطابخ حلال في جيش الدفاع الاسرائيلي وفقا للحاخام موشيه لنداو شليطا.

اتركوا الحريديين وشأنهم. فهم يحملون العبء ويعيشون في فقر، ولن يكون بالامكان تجنيدهم في أي يوم بالقوة، بل فقط بالتفاهم الذي من اجل تحققه نحتاج الى الوقت، ولا سيما عندما يدور الحديث حول الدين. وبالضبط مثلما يسود فهم أن العرب لا يخدمون في الجيش، يجب فهم تفكير الحريديين. سياسيون كثيرون حققوا نجاحهم عن طريق تأجيج الكراهية ضدهم.

ولكن قبل كل شيء حان الوقت من اجل أن نتجاوز هذا الهراء الذي يقول ان الخدمة العسكرية هي « قيمة »، وتحقيقها يعني المساواة. لا قيم ولا مساواة. الحديث يدور حول امر ملزم، ويوجد ما يكفي من الاسرائيليين المستعدين للقيام به. كثيرون منهم يتوقون للخدمة في المناطق، ولمطاردة أولاد يرشقون الحجارة كي ينفسون عن احباطهم وعنفهم وكراهيتهم للعرب. لا يوجد نقص في الجنود والطيارين والقناصة ومروضي الكلاب للجيش الاسرائيلي، لهذا دعونا نترك الحريديين وشأنهم.

كلمات دلالية