خبر تــرف سياسي.. خالد صادق

الساعة 02:22 م|11 سبتمبر 2017

المواقف الأمريكية الداعمة والمنحازة كليا لصالح الاحتلال الصهيوني, جعلت « إسرائيل » تعيش في حالة ترف سياسية غير مسبوقة, هذه الحالة التي تعيشها إسرائيل انعكست على مواقفها من السلطة الفلسطينية, التي تمثل الحلقة الأضعف في مواجهة الاحتلال, وجعلت الحكومة الصهيونية تملي مواقفها على الإدارة الأمريكية لإحباط لقاء متوقع بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, فمجرد اللقاء أصبح يحتاج إلى تنازلات من السلطة وشروط يجب عليها ان تلتزم بها, وأولها وقف أي خطوات ضد إسرائيل أمام المنظمات الدولية تلبية لطلب من الوفد الأمريكي للسلام وقد التزمت السلطة بذلك, والتعهد بعدم ملاحقة قادة الاحتلال في المحاكم الدولية, وكذلك ان يلتزم رئيس السلطة بعدم إلقائه لأية خطابات هجومية في الأمم المتحدة تجاه «إسرائيل», في مقابل السماح له بلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, والغريب ان الإدارة الأمريكية وافقت على هذه الشروط الإسرائيلية, دون ان تتحفظ على أي منها, وهذا ما جعل «إسرائيل» تعيش حالة من الترف السياسي غير مسبوقة, وهو ما دفعها أيضا للحديث بصراحة عن أطماعها في الضفة الغربية, واستمرارها في سياسة الاستيطان وإقامة دولة إسرائيل العظمى بشكلها النهائي بضم الضفة الغربية. 

حالة الترف السياسي التي تعيشها إسرائيل دفعت نائب رئيس الكنيست الصهيوني بتسلال سمورطيتش للحديث خلال الأسبوع الجاري عن تفاصيل خطة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. وتقوم على ضم الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني، وتكثيف الاستيطان، وحل السلطة الفلسطينية، وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة. ووفق الخطة التي سُميّت «خطة الحسم»؛ فإنه «في حال لم يقبل الفلسطينيون بها، فإن عليهم أن يغادروا أماكن تواجدهم، أو أن يواجهوا ردة فعل عسكرية قوية في حال قاوموا تطبيقها», كما ان بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال تعهد باستمرار التوسع الاستيطاني, وبناء المزيد من المستوطنات في الضفة والقدس المحتلة, واستمرار عمليات هدم بيوت المقدسيين, وتهجيرهم من مدينتهم , واستمرار عمليات الاقتحام اليومي للمسجد الأقصى المبارك, لفرض أمر واقع جديد, وتنفيذ مخطط التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى, واستمرار الحفريات أسفله بغرض هدمه وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه, وقد أفصحت حكومة الاحتلال عن نواياها بوضوح بعد إخفاقها الكبير في معركة البوابات والتي أصابتهم بإحباط شديد .

نعم إسرائيل التي تعيش مرحلة الترف السياسي تضغط بقوة على الرئيس الأمريكي بعدم لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, لأنها لا ترى فيه ندا ولا خصما, ولا يمكن ان تتنازل له عن شيء هي لا تريده, وترى انه من السهل ابتلاعه وإنهاء وجوده تماما لو تطلب الأمر ذلك, وتخشى ان يطرح ترامب حلا لمسيرة التسوية ينتقص ولو شيئا قليلا من أطماعها في الضفة والقدس المحتلة, أو يستند إلى القرارات الدولية, أو يعيد إسرائيل إلى مبادرات مطروحة قديما هي غير مقبولة بالنسبة لها, لأن إسرائيل تعتبر ان هذه المرحلة انتهت إلى غير رجعة, وأنها تريد ان تطرح حلولا لمسيرة التسوية وفق رؤيتها الخاصة, وبعيدا عن الوصاية الدولية, أو التدخلات الإقليمية, والإدارة الأمريكية أعطت الفرصة كاملة لإسرائيل من اجل الاستفراد بالسلطة الفلسطينية وفرض الحلول التي تراها مناسبة والتي تحقق أطماع إسرائيل ومخططها للحل النهائي. 

لا يمكن بأي حال من الأحوال النظر إلى أمريكا على أنها طرف محايد ونزيه, ويدفع باتجاه السلام, فمواقف الإدارة الأمريكية دائما منحازة كليا لصالح الاحتلال, والفيتو الأمريكي جاهز لحماية إسرائيل وإحباط أي محاولات لإدانتها, والضوء الأخضر الأمريكي مشتعل دائما لصالحها, ليمارس الاحتلال سياسته كيفما يشاء, ويشعل حروبه وقتما يشاء, ويقتل ويسفك الدماء ويستبيح المقدسات ويمارس عنصريته بكافة أشكالها, لكن هذا كله لا يضمن لإسرائيل الأمن والأمان, والإدارة الأمريكية مخطأة ان ظنت أنها بسياستها هذه يمكنها ان تحمي إسرائيل, لأن هذا يزيد من حجم الكراهية والبغضاء لها, ويدفع الشعوب العربية والإسلامية والشعوب الحرة لمواجهة سياساتها والتصدي لها وزيادة عزلتها في المنطقة والعالم بأسره, ورفض كل أشكال التعايش مع هذا الكيان العنصري, والغريب ان «إسرائيل» تدرك هذا جيدا, لكنها تغض الطرف لأنها تخشى مواجهة حقيقتها !!.

كلمات دلالية