"ومن الهوايات ما قتل"...

خبر فلسطيني في « منى » يروي نبأ استشهاد ابنه بعد عقم 14عامآ

الساعة 08:24 ص|04 سبتمبر 2017

فلسطين اليوم

مكرمة خادم الحرمين تنتزع الحزن العميق من والدي الشهيد رامي ريان

لم يدر بخلد المواطن الفلسطيني والمصور الصحفي رامي فتحي ريان أن هوايته، التي تعلق بها شغفاً ستكون يوماً ما سبباً مباشراً لاستشهاده على يد الاحتلال « الإسرائيلي » خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، ليأتي اليوم الذي وُجد صريعاً بجانب « كاميرا » وقد تحطمت واختلطت دماءؤه مع القطع المتناثرة للعدسات.

يقول الأب المكلوم من مخيمه في مشعر منى بعد أن منّ الله عليه بتأدية فريضة الحج: « أنا من سكان مدينة غزة، وعمري 68عاماً، تزوجت ولَم يرزقني الله بالمولود الأول رامي إلا بعد 14عاماً من العقم، وظللنا فرحين به حتى راح ضحية في الحرب »الإسرائيلية« على غزة وبقي هذا الجرح لا يندمل بسبب حاجتنا الماسة له في مواجهة ظروف الحياة، خصوصاً أنني زوّجته في سن مبكر وأنجب منها ولدين وبنتين ».

وبوجع الفقد يروي الحاج فتحي قصة الإعلامي رامي قائلاً: « ينتسب ابني لمؤسسة صحفية في مدينة غزة، وكانت والدته تحاول ثنيه عن هذه الهواية التي أصبحت مهنته فيما بعد، إلا أنه كان يردد كل مرّه: لابد أن نكشف للعالم جرائم الاحتلال »الإسرائيلي« لن نسكت عن ممارساتهم ».

ويضيف « ظل الابن يتنقل بكاميراته التي تتطور عاماً بعد عام حتى أصبحت ملحقاتها كثيرة، وبدأ يرصد قصصاً متنوعة لبطولات أبناء فلسطين، وشاهدنا تصويره يتصدر وكالات الأنباء العالمية والقنوات الفضائية والصحف طيلة عمره الصحفي، وأصبح هدفاً لجنود الاحتلال »الإسرائيلي« بعد أن حاولوا حجب الصوت والصورة بقتل الإعلاميين وترويعهم في الضفة الغربية والقدس المحتلة وقطاع غزة ».

ويصف الحاج فتحي اليوم الذي قصم ظهره بعد أن « بلغ من الكبر عتيا »، وتحديداً قبل ثلاث سنوات إبان القصف « الإسرائيلي » العنيف ومجزرة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث خرج رامي مودعاً والديه وأبناءه لرصد أثار القصف « الإسرائيلي » على الحي مستغلاً هدنة الـ3 ساعات، التي حددها الاحتلال ليتسوق الناس، إلا أنها كانت هدنة الغدر، حيث غار الاحتلال بكل عتاده على الناس، وكان « الابن » يرصد آثار الدمار، وفِي أثناء مرحلة التوثيق جرى الهجوم عليه بقذيفة مباشرة مع ثلاثة من زملائه، وسقط أرضاً بجانب الكاميرات، التي كان يحملها، فيما هرب الأهالي لمنازلهم وتم نقله إلى المستشفى فوراً.

وعن معرفته بنبأ استشهاده قال الحاج فتحي: « كنت جالساً في البيت، وزوجتي تسمع الأخبار من الراديو (المذياع)، وأخبرتني أن هناك مجزرة في الشجاعية، قلت لها: »أغلقي الموجة بلاش يرتفع علي الضغط والسكر« ، وفي هذه الأثناء اتصل بي إخوتي الذين لديهم كهرباء ويشاهدون التلفزيون، ويطمئنوا علي لأني وحيداً وولدي دائماً في الميدان، وفجأة خرجت للشارع ووجدت الجيران أمام بيتي، وأخبروني أن رامي مصاب في قدمه ».

وتابع الحاج فتحي بدموع تزاحم ألم الذكريات، « توجهت للمستشفى وفِي الطريق استوقفني مواطن يعرفني، وقال: »البقية في حياتك ..ابنك استشهد« ، حينها فقدت الوعي، ووجدت نفسي بالمستشفى والأطباء بجانبي، وهناك تأكدت من استشهاد ابني ذو الـ26عاماً، وأظلم منزلنا مجدداً، وأصيبت والدته بالضغط والسكر، وأصبح الألم هو حالنا منذ ثلاث سنوات ».

واليوم ينتزع خادم الحرمين الشريفين شيئاً من ذلك الحزن العميق، بعد أن ساهم في حجنا وزوجتي لأول مره، وفِي الحج لا تغيب دعواتنا للملك سلمان وابننا الشهيد الذي راح فدى الأقصى.

وكان استشهد 16صحفياً وصحفية في الحرب الأخيرة على غزة وأصيب نحو خمسين آخرين أثناء تغطيتهم للحرب. وفقاً لمركز غزة للإعلام الناشط في القطاع.

كلمات دلالية