بقلم: يوسي ميلمان
(المضمون: لتبادل الاسرى لا حاجة للوسطاء او الافكار الابداعية. هناك حواجز مانعة لدى الطرفين من الوصول الى الشروط الاولية لعقد مثل هذه الصفقة - المصدر).
زعيم حماس في غزة يحيى السنوار انخرط أمس في الجدال الجاري في اسرائيل في مسألة الاسرى وجثامين جنود الجيش الاسرائيلي وقال انه مستعد لان يشرع فورا في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل لتحقيق صفقة تبادل، ولكنه طرح شروطا مسبقة: على اسرائيل ان تحرر سجناء حماس الذين تحرروا في صفقة شاليط واعتقلوا من جديد في اعقاب مقتل ثلاثة التلاميذ من المدرسة الدينية من غوش عصيون قبل حملة « الجرف الصامد ». السنوار، الذي هو نفسه تحرر في صفقة شاليط، لم يمسك نفسه ولذع حكومة إسرائيل إذ قال ان ليئور لوتان، المنسق المكلف من رئيس الوزراء لشؤون الاسرى والمفقودين، « عمل بلا صلاحيات ».
في هذا الموضوع على الاقل كان محقا. فبعد ثلاث سنوات فهم لوتان بان كل مساعيه لتحقيق صفقة كانت عبثا لان حكومة اسرائيل التي عينته تعرض موقفا حازما وليست مستعدة لاي شروط مسبقة كما تطالب حماس. وهذا لب الموضوع. لا ينقص الوسطاء. وحسب التقارير، فان قطر، مصر، تركيا وأجهزة الاستخبارات الغربية عرضت خدماتها بل وحاولت العمل. وطرحت افكار ابداعية، ولكن لم يوجد طلب عليها في الطرفين.
موقف اسرائيل أوضحه جيدا وزير الدفاع افيغدور ليبرمان، الذي اعلن بشكل لا لبس فيه بانه « في ورديتي » لن تكون صفقة شاليط رقم اثنين. وفي الخلفية توجد ايضا استنتاجات لجنة مئير شمغار (رئيس المحكمة العليا الاسبق) الذي بلور بعد صفقة شاليط توصيات لكيفية ادارة المفاوضات
لتبادل الاسرى. وبحثت حكومة اسرائيل في التوصيات ولكنها قررت عدم تبنيها كي لا تكبل نفسها ولتترك لها حرية العمل والمناورة.
تعمل الحكومة وفقا لصيغة شمغار التي في مركزها مبدأ التبادلية والتوازن. مقابل الجثامين تعيد اسرائيل جثامين، مقابل مدنيين تحرر اسرائيل عددا صغيرا من المخربين ممن ليس لهم دم على الايدي ومقابل جندي سقط في الاسر تدفع ثمنا بعشرات قليلة من المخربين.
في الماضي وجه انتقاد جماهيري لاذع وعن حق على الصفقات التي حررت فيها اسرائيل مئات والاف المخربين مقابل جنود قلائل وجثامين. هكذا كان بعد صفقة جبريل في 1985، صفقة الحنان تننباوم في 2004 وصفقة شاليط في 2011. كل هذه الصفقات، التي دفعت فيها اسرائيل ثمنا مبالغة فيه، نبعت من حملات العلاقات العامة المتشددة التي خاضها ابناء العائلات.
هذه المرة، ظاهرا، الوضع مختلف. عائلتا غولدن وشاؤول لا تطالبان بتحرير مخربين مقابل جثماني ابنيهما. وبدلا من ذلك تطالب حكومة اسرائيل بتشديد ظروف حبس مخربي حماس في السجون وتشديد الحصار الاسرائيلي على غزة لدرجة تجويع مليوني من الفلسطينيين الابرياء. بكلمات اخرى، تطالب العائلتان ان تفقد اسرائيل طابعها الانساني، تتخلى عن المباديء الاخلاقية وتساوي قيمها مع قيم منظمة ارهابية. وبالضغط الذي تمارسه العائلتان وبالتعابير التي تستخدمها (« ليبرمان جبان ») لا تختلف عن مريم جروب، ام يوسف جروب من صفقة جبريل.