خبر ماذا تبقى من الإمبراطورية- يديعوت

الساعة 10:14 ص|27 أغسطس 2017

فلسطين اليوم

روسيا لم تعد ما كانته ذات مرة

بقلم: نداف ايال

(المضمون: روسيا أصبحت أمة قليلة الانتاج وهي الدولة النموذج السلطوي، الاجتماعي والاقتصادي الفاشل الذي لا يريد احد ان يقتضيه -المصدر).

في تشرين الاول القادم ستحيا 60 سنة على ذكرى الاطلاق الى الفضاء للقمر الصناعي الاول، سبوتنك. كان فخر ابداع الصناعة العلمية السوفياتية، وبالطبع لحظة تاريخية للجنس البشري. واصل السوفيات تصدر السباق الى الفضاء حتى بعد السبوتنك، وهم مسؤولون عن الانجاز التاريخي الاكبر الآخر – اطلاق أول انسان الى الفضاء. كانت هذه هزيمة مدوية جدا للغرب، اضطر بعدها رئيس الولايات المتحدة كيندي الى الاعلان عن الرحلة الى الفضاء كمشروع قومي في الافضلية العليا. هكذا بدأت الرحلة الى القمر.

 

الاتحاد السوفياتي تفكك؛ وبالنسبة للكثيرين وبينهم الرئيس الروسي الحالي بوتين، كانت هذه هي الكارثة الأكبر في عصرنا. ولكن في قلب الإمبراطورية السوفياتية كانت تقف روسيا، وكل الجسم تباهى بنسبة المهندسين الأعلى في العالم وبالتعاليم الواقعي والعلمي الذي لا منافس له. كان هذا إنجازا رائعا للشيوعية البلشفية، التي نجحت في تحويل أمة زراعية وأمية الى أمة خارقة للطريق. نحن، في إسرائيل، نفهم جيدا هذا الإنجاز؛ عندما انهار الاتحاد السوفياتي وبدأت الهجرة الكبرى تمتعت إسرائيل بعلاوة قوة علمية نادرة.

 

بعد 60 سنة، يطرح السؤال اين روسيا إياها. الرئيس بوتين اعتاد على ان يعطي لضيوفه بين الحين والآخر نموذج من الهاتف الذكي الذي ينتج في روسيا يوتافون، ولكن نجاحه في العالم صفري. فهل هو أمر مسلم به انه في الوقت الذي اندفعت فيه الصين الى الامام أصبحت فيه روسيا أمة تنتج القليل جدا؟ هل يوجد لكم شيء ما في البيت من انتاج روسي أو كنتم تريدون ان يكون لديكم شيء كهذا؟ باستثناء دمى بابوشكا أو منظار عسكري قديم، من شبه المؤكد ان الجواب سلبي. لروسيا توجد صناعة بتروكيميائية كبيرة، صناعة سلاح وبالتأكيد محاجر؛ ولكنها فشلت تماما في المنافسة الدولية في الاستحداثات وفي الصناعة التكنولوجية المتطورة بشكل عام.

هذا ليس أمرا مسلما به. روسيا هي « قوة عظمى عليلة »، اذا ما اقتبسنا « الايكونومست »، وسياستها الخارجية في سوريا وفي أماكن أخرى « مخصصة للتلفزيون ». الراتب المتوسط الشهري في روسيا هو 450 دولار (2016) – أقل مما في رومانسيا او في الصين. معدلات الفقر هي 15 في المئة؛ يدور الحديث عن أناس دخلهم الإجمالي الشهري اقل من 170 دولار. الجهاز الصحي بانهيار متواصل، وهذا لم يجدِ نفعا عندما قلص النظام في السنة الماضي 30 في المئة من ميزانيته في محاولة للسيطرة على الازمة الاقتصادية. ليس لمليون مريض سرطان تقريبا قدرة وصول الى الادوية لتخفيف الالام؛ 300 الف ماتوا بلا ادوية كهذه حسب « الاندبندنت » البريطانية. وفي 2013 سُئل المسؤول الأعلى عن رفاهية الأطفال في روسيا لماذا تسافر زوجته الى جنوب فرنسا كي تلد؛ فأجاب انهما لا يريدان « اخذ المخاطرة في روسيا ».

من يزور موسكو او سان بطرسبورغ الجميلة لن يرى كل هذه الظواهر، وهكذا أيضا من سيقرأ المقالات في صحيفة بوتين العظيم الذي نجح في اخضاع أمريكا في سوريا. فقدرة بوتين على استخدام روافع القوة في الساحة الدولية استثنائية بالفعل. ولكن عند النظر الى عمل الحكم والى المعطيات – نكتشف الحقيقة. لقد كان النجاح الأكبر لبوتين في استقرار دولة مرتبة، تراتبية وقوية. ولكن هذه الدولة يفترض أن تكون لمواطنيها، وليس من أجل حملات احتلال في القرم.

ان الدولة التي أطلقت سبوتنك ليس موجودة. معظم العالم يعتقد أن خير هكذا. فقد صفت وقتلت معارضيها، بعشرات الملايين واكثر من ذلك. ولكن مثلما سيسر بوتين ان يشير اليه كانت هذه دولة حققت إنجازات عظيمة. الدولة الروسية التي حلت محل الاتحاد السوفياتي هي نموذج لا يريد احد ان يقتضيه، ولم يأتِ منها أي انجاز تكنولوجي لامع. فضلا عن ذلك، تعيش روسيا أزمة ديمغرافية حادة، في ضوء مساحتها الكبرى ستهدد اكثر فأكثر قدرتها على التقدم اقتصاديا. الأراضي الإقليمية هي الامر الأخير الذي تحتاجه.

في دولة الكنيسة والتقاليد فيها هي قيمة وطنية، فان الزعيم لا يتغير، والديمقراطية المحدودة استبدلت بالحكم المطلق، وكراهية الأجانب والعنف تجاههم منتشرين جدا – احتلال عسكري والتركيز على الأراضي الإقليمية هما بديل عن تطوير الرفاه للمواطنين. لماذا يعد هذا هاما لنا؟ إذ بشكل عام يجدر بنا ان نسأل أي نموذج من الدولة ينجح في العالم واي نموذج يفشل تماما. هكذا نعرف عما نبتعد والى ماذا نقترب.

 

كلمات دلالية