خبر غزة: من يسبق من.. الانفجار أم الانفراج؟

الساعة 06:36 ص|15 أغسطس 2017

فلسطين اليوم

د. سفيان أبو زايدة

يكثر الحديث من قبل القيادات العسكرية والسياسية « الإسرائيلية » حول امكانية حدوث مواجهه جديدة او عدوان جديد على غزة.

ما هو جديد هو التقديرات الاسرائيلية ان بناء الجدار تحت الأرضي و قطع الطريق امام الانفاق القتالية مما يستوجب وجود اكثر من الف عامل وفني و عسكري اسرائيلي علي طول الحدود مع غزة سيكونون عرضه للقنص او الخطف الامر الذي قد يستدرج ردود افعال من قبل الاطراف المختلفة يتدحرج الى مواجهه شاملة.

و السبب الاخر الذي يجعل الحديث عن امكانية حدوث مواجهه وشيكة وفقا للمسؤولين الاسرائيليين هو الوضع الانساني المتأزم في غزة و الذي ازداد سوء خلال الاشهر الاخيرة ، خاصة بعد استمرار الحصار الاسرائيلي الذي اصبح و كأنه امر طبيعي وجزء من المشهد اضافة الى الاجراءات القاسية التي اتخذها الرئيس عباس فيما يتعلق بالموظفين و الصحة و التعليم و الكهرباء و احالة آلاف الموظفين الى التقاعد المبكر بعد ان سبق ذلك خصومات وصلت الى ٤٠٪ من رواتبهم ، الامر الذي عمق من الازمة الاقتصادية و الانسانية في قطاع غزة.

من الواضح ان اجراءات الرئيس عباس كانت اسرع و اقسى من ان تعوضها تفاهمات ما يعرف بتسميته تفاهمات السنوار – دحلان التي لم تستطع حتى الان التقليص من الاضرار الجسيمة التي نتجت عن اجراءات الرئيس عباس رغم ما يبذل من جهود حثيثة لتطفئة الحرائق و الكوارث التي تسببها هذه الاجراءات.

 امران يمكن الإشارة لهما بشكل عاجل ، الاول هو موضوع الكهرباء الذي ليس فقط لم يتحسن بل اصبح اكثر سوء و ذلك بعد ان تم تقليص كمية الكهرباء التي تصل من اسرائيل بقرار من الرئيس عباس و تعطل الخطوط المصرية منذ اكثر من اربعين يوم و الصعوبات في ادخال السولار المصري بشكل منتظم اضافة للتكلفة العالية في تشغيل محطة الطاقة في غزة التي تبدو عاجزة عن تعويض العجز .

و الامر الاخر الاكثر وجعا و قهرا هو استمرار اغلاق معبر رفح ، حيث لم يسبق ان اغلق بهذا الشكل المتواصل منذ خمسة شهور ، وذلك بسبب الانشاءات و التطويرات التي تجري هناك و الذي يشعر المواطن الفلسطيني انها تسير ببطئ . استمرار اغلاق المعبر الذي يشكل المنفس الوحيد لحوالي ٢ مليون فلسطيني لهذه المدة الطويلة هو امر اكثر من قدرة الناس على تحمله بغض النظر عن اي تبريرات.

ازدياد حالة الاحتقان في غزة هي السبب المباشر لما تحدث عنه الاعلام عن اقتراح لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس بضرورة تخلي حماس عن مسؤوليتها الادارية تجاه غزة و ترك فراغ هناك.

بغض النظر عن صوابية هذا الاقتراح الذي خلق الكثير من الارباك حتى في داخل حماس نفسها ، وبغض النظر عن الاسئلة الكثيرة التي لا يوجد عليها اجابات واضحه ، وبغض النظر عن صوابية هذه المبادرة او المقترح من حيث الشكل و الاخراج و التوقيت ، لكن من الواضح ان هذا الاقتراح هو عبارة عن مبادرة لرمي كرة اللهب في وجه اسرائيل و السلطة و المجتمع الدولي. هي رسالة تقول ان الامور وصلت الى حد لم يعد يطاق وان حشر القط في الزاوية سيكون له ثمن كبير ، حتى و ان كان هذا الثمن يعني مواجهه جديدة مع اسرائيل.

على اية حال ، وبغض النظر عن الاجراءات الاسرائيلية على الحدود و التي يعتقد الاسرائيلي انها قد تكون سبب في انفجار الوضع و بغض النظر ايضا عن تدهور الوضع الاقتصادي و الانساني في غزة كلا الطرفين ومنذ اليوم الاول الذي توقف فيه عداون ٢٠١٤ و استخلاص العبر و الاعداد و وضع الخطط و التدريب ووضع السيناريوهات متواصل على قدم وساق.

اسرائيل تدرب الجيش على المحاربة داخل الانفاق و على القتال في مناطق مأهوله بالسكان و في ظروف قاسيه، و جاهزة لإخلاء سكان غلاف غزة منذ اليوم الاول ، وفي الجهة المقابلة حماس تقول انها عوضت كل ما خسرته في ٢٠١٤ من انفاق و صواريخ و تسليح و هي رغم الحصار و التهديد الا انهم يواصلون الاستعداد لهذه المواجهة.

مع ذلك ، اخر شيء يمكن ان تفكر فيه حماس هو ان تدخل في مواجهه عسكرية شاملة مع اسرائيل او تبادر هي لتدفع اسرائيل او تجرها لهذه المواجهة، المنطق يقول رغم كل الظروف القهرية ان حماس غير معنية بذلك، على الاقل حتى الان.

اما من الناحية الاسرائيلية ، الذين يتابعون كل صغيرة و كبيرة ، ورغم الحديث المتكرر عن امكانية حدوث مواجهه وشيكة الا ان المؤسسة العسكرية لا تسارع بالذهاب الى هذا الخيار الا اذا تحقق تخوفهم من وجود احتكاك على الحدود نتيجة بناء الجدار و غرس المجسات الكاشفة للأنفاق، حينها ستكون المواجهة مسألة ايام او اسابيع.

خلاصة القول ان غزة تجلس على برميل بارود قابل للانفجار في كل لحظة حتى وان كان كل الاطراف غير معنيين بانفجاره.

و لان اسرائيل تريد ان تحقق كل شيء دون ان تقوم بأي خطوة من اجل عدم انفجار الوضع حيث تواصل حصارها لغزة و استجابت لطلب الرئيس عباس بتقليص كمية الكهرباء و ترفض تزويد غزة بالكهرباء الا من خلال السلطة و تتردد في ادخال الاف العمال للعمل في حقول غلاف غزة  الامر الذي يخفف قليلا من حالة الاحتقان، وبدل من ذلك تستورد ٥٠ الف عامل صيني.

وبما ان الرئيس عباس مستمر في خطواته لخنق غزة دون اي اعتبار حتى وان كان الثمن انفجار الوضع و حدوث كوارث انسانية او حرب مع اسرائيل.

يبقى الامل الوحيد هو في الاخوة المصريين الذين يدركون جيدا ان اي انفجار في غزة سيؤثر على امنهم القومي اضافة الى مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية. لذلك الخطوة العاجلة والتي لا تحتمل اي تأجيل اكثر من ذلك هو في اعادة فتح معبر رفح في اسرع وقت ممكن، وكذلك الاسراع في المساهمة في ايجاد حلول ابداعية للتخفيف من ازمة الكهرباء.

الطريق السريع في دفع غزة باتجاه الانفجار واضحة وكذلك الطريق التي تمنع حدوث هذا الانفجار ايضا واضحه، السؤال من يسبق من، الانفجار ام الانفراج.

كلمات دلالية