خبر كي ينجو بنفسه... بقلم: خالد صادق

الساعة 09:50 ص|14 أغسطس 2017

فلسطين اليوم

خروج آلاف الإسرائيليين في تظاهرات مطالبين باستقالة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، تدل على حجم الأزمة التي تعانيها الحكومة الصهيونية, وهو يحاول الخروج منها بإقناع المعارضين له ان انهيار حكومته واستقالته من منصبه, يخدم الفلسطينيين ويصب في مصلحتهم, حتى انه وجه خطابه للفلسطينيين قائلا, لن أستقيل وسأستمر في الحكومة ولن تفرحوا بهذه اللحظة أبدا, وكأن نتنياهو يحاول ان ينقل الصراع من صراع صهيوني داخلي, إلى صراع مع الفلسطينيين حتى ينجو بنفسه وبحكومته.

واضح ان بنيامين نتنياهو يخشى مصير سلفه ايهود باراك, وقد جاء ببرنامجه الانتخابي بهدف تحقيق حلمه بإقامة هذا الكيان وفق الرؤية الخاصة والتي تحقق أحلام الإسرائيليين, خاصة انه ضرب ما تسمى بمسيرة السلام في مقتل, وعاد بالمفاوضات إلى نقطة الصفر, واستطاع إقناع الأمريكان والمجتمع الدولي ودولا عربية, بأن حل القضية الفلسطينية لن يكون إلا بحوار ثنائي بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية, بعيدا عن الرعاية الدولية, والاتفاقات الموقعة سابقا, ووفق الرؤية الإسرائيلية والمشهد الصهيوني الذي سوف يسدل بعده الستار, بما يرضي إسرائيل الاستفرادية ويحقق رؤيتها للحل النهائي, كما انه مستمر بعملية البناء الاستيطاني والتوسع في القدس والضفة الغربية, رغم مواقف السلطة الفلسطينية المعارضة للاستيطان, وانه يستجيب لمطالب اليمين الصهيوني المتحالف معه, لإحكام القبضة الحديدية على الفلسطينيين.

أما على المستوى الخارجي فنتنياهو يتفاخر أمام الصهاينة باختراقه للعواصم العربية, وبناء تحالفات مع بعض الرسميين العرب, والسعي لتشكيل حلف عربي إسرائيلي لمواجهة أعداء جدد, واتساع مشروع التجارة بينه وبين عدة دول عربية, والتمدد الإسرائيلي في إفريقيا وربطها اقتصاديا «بإسرائيل», والدعم اللامحدود من الإدارة الأمريكية في كل المجالات بتوصيات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, وتقويض دور المجتمع الدولي الذي سن القرارات الدولية بخصوص القضية الفلسطينية, والالتفاف على هذه القرارات, كما انه لا يخفي تدخله في شئون الدول العربية, وسياساته التي يفرضها على بعض الزعماء العرب, وآخرها نجاحه في إجلاء الصهيوني القاتل للمواطنين الأردنيين, دون ان يسمح للأردن باستجواب القاتل والتحقيق معه.

بنيامين نتنياهو يحاول ان يحفظ مستقبله السياسي وعدم خلعه من منصبه, لأنه يرى ان هذه فرصة مواتية لتحقيق انجازات حقيقية لصالح إسرائيل, في ظل عجز السلطة الفاضح عن مواجهة سياسة الاستيطان, وتهافت الدول العربية على استرضاء إسرائيل واعتبارها حليفا استراتيجيا, وهو يرى انه قد يحقق انجازات تاريخية لنفسه تضمن له ان يتحول إلى قائد تاريخي «لإسرائيل» وهو ما عجز عن تحقيقه أي رئيس حكومة سابق, وسيقاتل لأجل الاستمرار في حكمه, وكلما ضاق عليه الخناق سيحاول ان يفجر صواعقه في مناطق أخرى, كغزة ولبنان والضفة والقدس, كي لا تبقى الكاميرا مسلطة على مشاكله الداخلية والاهتمام الإعلامي موجه نحوه فقط, وهذا الأسلوب دائما ما يلجأ إليه المتنفذون الصهاينة عندما يقعون في الأزمات.

التظاهرات التي تطالب بإقالة نتنياهو من منصبه ستستمر, لكنها لا زالت حتى الآن محدودة ومتباعده, وهى رغم ذلك دفعت إلى التسريع في التحقيقات في الملفات الضالع بها نتنياهو, وقد تم تجنيد شاهد ملك للإدلاء بإفادته حول تورط نتنياهو بقضايا فساد, فهذه الأمور لا يمكن تجاهلها, لان هذا يثير غضب المعارضة الصهيونية, لكن مصير نتنياهو مرتبط بتطورات هذا الملف, ومدى تورط نتنياهو فيه, وقد تشهد الأيام القادمة مفاجآت, وقد تستقر الأمور لأن نتنياهو يراهن على سياساته التي ترضي أغلب الإسرائيليين, إنها عاصفة تجتاحه وحكومته, فإما ان تقتلعه, وإما ان ينجو منها بأعجوبة, وفي الحالتين نتنياهو سيخسر لأن هذه الأزمة أضعفته كثيرا أمام الإسرائيليين, ووضعته في دائرة التشكيك والتخوين.

كلمات دلالية