خبر دخول الادوية عبر الأنفاق.. حاجة ملحة أم خطر جديد يتهدد صحة المواطنين وسط رقابة محدودة

الساعة 10:25 ص|14 ديسمبر 2008

فلسطين اليوم-غزة (تقرير خاص)

الغاية تبرر الوسيلة.. هذا ما يمكن إطلاقه على الوسائل التي بات يتبعها المواطن الفلسطيني بعد اشتداد الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أشهر خلت، ليصل الأمر إلى حد إدخال الأدوية عبر الأنفاق التي مازالت تشهد جدلاً واسعاً بين مبررات الحصول على الأدوية عبرها لتفادي نقص أصناف عدة في الصيدليات، أو ضررها على المواطنين نظراً لعدم وجود رقابة عليها.

 

وحسب وزارة الصحة، فإن ما يقارب 100 صنف من الدواء مفقودة وغير موجودة في قطاع غزة ، فضلاً عن فقدان أكثر من 230 صنف من المهمات الطبية يستعمل أغلبها في إنقاذ حياة الآلاف من المرضى في غرف العمليات وأقسام الطوارئ.

 

وفي الآونة الأخيرة، أصبح دخول الأدوية عبر الأنفاق هو الوسيلة الوحيدة لسد نقص بعض الأدوية رغم اختلاف وتباين الآراء حول رفض هذه الوسيلة أو الاتفاق عليها وموقف وزارة الصحة منها.

 

الصيدلي أبو محمد الخضري من غزة في حديث لـ"فلسطين اليوم"، اعتبر أن إدخال الأدوية عن طريق الأنفاق هو سبيل للخروج من أزمة انقطاع الأدوية في السوق المحلي، وأمر اضطراري لجأ إليه التجار وأصحاب الصيادلة لحل المشكلة، لأن المريض لا يهمه سوى الحصول على الدواء بغض النظر عن وسيلة دخوله، خاصةً إذا كان بحاجة ماسة للعلاج.

 

واشتكى الخضري، من تلاعب الكثير من التجار في أسعار الأدوية ورفع سعرها خاصةً في ظل انقطاعها عن السوق وشحها، مما يجعل خسارة الصيدليات مضاعفة، موضحاً أن هناك إقبال من قبل المواطنين على الأدوية المصرية وذلك بسبب عدم وجود بديل آخر عنها.

 

من ناحيتها، أشارت الصيدلانية رانيا حجاج، إلى أن الكثير من المواطنين يظهرون ضيقهم وضجرهم عندما لا يحصلون على الأدوية المناسبة لهم، خاصةً المرضى الكبار في السن، والأطفال الصغار، مؤكدةً أن الكثير من أصناف الدواء الهامة لم تعد متوفرة لدى الصيدليات خاصةً لمرضى الضغط والسكر والقلب ووالامراض النفسية والمراهم العلاجية.

 

أما الصيدلي جهاد مسلم، فأكد أن هناك إقبالاً من المواطنين على الأدوية المصرية لعدة أسباب أهمها عدم وجود بديل آخر عنها، ولأنه أرخص من الأدوية الأجنبية، مشيراً إلى ان الضرر الناتج عن تخزين الأدوية عبر الأنفاق، وعدم كفاية هذه الأدوية لحاجة المرضى في قطاع غزة.

 

وأضاف مسلم، أن هناك بعض تجار الشنطة يبيعون الأدوية ولايتم التعامل معها لأن أدويتها غير مضمون صلاحيتها، حيث يتم التعامل من خلال الشركات الرسمية، مبرراً إقبال المواطنين على الأدوية لحاجتهم الماسة لها.

 

نايف قرموط، صاحب أحد شركات توزيع الأدوية، أكد أن دخول الأدوية عبر الأنفاق يحل مشكلة المرضى بشكل متقطع، فيما يضر قطاع الشركات الموزعة للأدوية والمسجلة رسمياً والتي لا تتعامل مع الأنفاق في دخول الأدوية.

 

بدوره، بين الدكتور إياد الخضري مدير عام شركة معامل الشرق الأوسط للصناعات الدوائية، أن الأزمة تكمن في فقدان العديد من أنواع الأدوية التي ليس لها بديل بالذات أدوية الأمراض المزمنة حيث أن هناك بعض الأدوية لها بداخل أخرى يمكن الحصول عليها.

 

وأشار إلى أن الشركة تعاني من عدم قدرتها على تسجيل 18 صنفاً من الأدوية بسبب الحصار والإغلاق الذي يمنع من إمكانية إرسال عينات الأدوية بسبب عدم وجود إمكانية لتسجيلها في قطاع غزة، منوهاً إلى أن المصنع كان ينتج 45 صنفاً من الأدوية المختلفة، التي يعتمد في تصنيعها على المواد الخام المستوردة، فيما انخفض إنتاجه في الفترة الأخيرة بسبب نفاد المواد الخام من المخازن.

 

وطالب الدكتور الخضري بضرورة بمراقبة الأدوية التي تدخل عبر الأنفاق من خلال دائرة الرقابة والتفتيش أو دائرة الرقابة الدوائية، لأن هناك بعض الأدوية التي تتضرر بشكل كبير إذا اختلفت الظروف الملائمة لوجودها وإبقاءها صالحة للاستعمال.

 

من ناحيته، أكد الدكتور منير البرش مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة في حكومة هنية بغزة حديث لـ"فلسطين اليوم"، ، وجود أدوية مهربة عبر الأنفاق دخلت إلى أسواق غزة، مستدركاً أن الوزارة تقوم عبر دائرة التفتيش بمصادرتها من الصيدليات لأنها لم تخضع للنظام الصحي والمراقبة والتفتيش فضلاً عن اختلاف الظروف التي أحيطت بدخولها.

 

وأضاف الدكتور البرش، أن انتشار الأدوية المهربة عبر الأنفاق ازدادت بعد اشتداد الحصار الإسرائيلي وفتح العديد من الأنفاق، مشدداً على أن الوزارة لا تعتبرها أدوية صالحة للاستخدام، فيما يتحمل المواطن مسؤولية

تناولها.

 

وأضاف مدير عام الصيدلة، أن الوزارة تحذر بشكل مستمر من تداول وتناول هذه الأدوية التي تدخل دون رقابة ودون معرفة منشأها، مبيناً أن وزارته تقوم بحملات تفتيش على الصيدليات خاصةً على أدوية المخدرات والجنس والهرمونات التي بدأت تنتشر في قطاع غزة خاصة بين الفتيات والشبان.

 

وأشار إلى أن وزارة الصحة قامت منذ أربعة شهور بعمل حملة لحل مشكلة غلاء أسعار الأدوية، حيث قامت بتوحيد الأسعار وألزمت الصيدليات بتنفيذها، وبدأت بتفتيش على الصيدليات لضمان تطبيق التسعيرة، مطالباً أصحاب الصيدليات والمواطنين بالالتزام بالتسعيرة.

 

ودعا الدكتور البرش، كافة وسائل الإعلام والوزارات المعنية لعمل حملات توجيه وإرشاد للمواطنين لمنع تناول هذه الأدوية، وكشف مخاطرها السلبية عليهم.

 

ويبقى السؤال الذي يدور في الأذهان، هل ستصبح حاجة المرضى للعلاج مبرراً لدخول الأدوية عبر الأنفاق بدون رقابة وبغض النظر عن صلاحيتها أو ضررها بالنسبة لهم، وهل سيصبح الحصار الإسرائيلي هو شماعة يعلق عليها الفلسطينيون أخطاء عدة قد ترتكب في حقهم.