يشدك النظر، أثناء التجوال في طرقات محافظة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، مشهد غير مألوف، لقرد صغير « نسناس » يعتلي سيارة ملاكي، تعود للمُسن معاوية الفرا « 55عامًا ».
القرد « ولهان » كما يُسميه مالكه المُسن « الفرا »، يرافقه منذ أكثر من ثلاث سنوات، في حياته اليومية، سواء في رحلات العمل داخل المحافظات، أو الزيارات العائلية، حتى في السوق المركزي.
كما يقضي القرد « ولهان » جُل يومه داخل أو خارج قفص حديد مُخصص له داخل ورشة لتصليح ودهان السيارات يمتلكها « الفرا » الذي يقطن منطقة البلد وسط خان يونس، وقفص أخر وضع لها على شارع عام أمام منزله.
لم يعُد هذا القرد بعد ثلاث سنوات ونصف من التربية والاعتناء به، مجرد حيوان غريب في المكان، بل أصبح جزءًا من حياة « الفرا » اليومية، فيأكل ويشرب معه ومع أبنائه وأحفاده، دون أن يؤذي أحدًا منهم.
جزء من اليوميات
كما أنا مالكه لم يبخل عليه بشيء، معظم ما يتناوله من مأكولات ومشروبات، يتناولها القرد « ولهان » معه؛ ما جعله أليف، ولا يؤذي أحدًا حتى الضيوف، سوى ازعاجه الدائم للجميع، كثرة حركته وقفزه من مكان لأخر، وعبثه بأي جسم أمامه.
ويضع « الفرا » حبلاً طويلاً يزيد عن خمسة أمتار حول جسد القرد، ليتمكن من السيطرة عليه، وألا يبعد كثيرًا عن المُحيط الذي يتواجد به، أو اللحاق بأحد في الطريق أو داخل الورشة، التي يقضي مُعظم يومه بها، رغم أنه لم يؤذي أحدًا، لكن تجنبًا لعدم حدوث ذلك.
وعندما دخلنا لمكان تواجد القرد « ولهان » داخل الورشة، وجدناه يجلس على كُرسي، يتناول طعام الافطار مع مُربيه وأطفاله، وأحيانًا يتناول الطعام من أيديهم، حتى اعتاد على ذلك في جميع الوجبات اليومية.
وأخذنا « مُربي القرد في جولة بشوارع محافظة خان يونس، وبدا اندهاش المواطنين، الذي تجمعوا من حول السيارة التي يعتليها ذاك القرد، ويلتقطون صورًا معه، ويداعبونه دون أي خوف، خاصة الأطفال، ويقدمون لها المكسرات وبعض الفواكه.
تربية واعتناء
يقول »الفرا« الذي بدت عليه السعادة، لمراسل »وكالة قدس نت للأنباء« : »اشتريت القرد وهو بعمر شهرين ونصف، واشرفت على تربيته والاعتناء به، بشكلٍ جيد، حتى كبُر وأصبح بعُمر ثلاث سنوات ونصف، وأصبح جزءًا من حياتنا اليومية، دون أن يُشكل خطر أو أذى للكبير والصغير« .
ويُضيف : »القرد الذي اسميته (ولهان)، أتيت به من باب ادخال السرور على أفراد الأسر، وعلى الأطفال وغيرهم، من خلال اصطحابه، في كافة المشاوير التي أقوم بها داخل قطاع غزة، خاصة في خان يونس، حتى أنه يدخل معي لداخل منازل الأقرباء عند زيارتهم؛ فالكل يستغرب أن قردًا يأتي لزيارتهم« .
ويُتابع الفرا : »الكل اعتاد أن يرى هذا القرد في حدائق الحيوان، من خلف أقفاص حديدية مُحكمة، لكن اليوم بين يديهم، فيمكن أن يروه ويداعبوه بشكل مباشر، والتقاط الصور معه، لذلك اتعمد أن أصطحبه معي في كل مكان؛ آخرها داخل مخيم خان يونس قبل أيام؛ حيث تجمع العشرات حول السيارة لرؤيته واللعب معه« .
ويُشير، إلى أنه يوفر له مكان في الصيف داخل قفص مُخصص له، يدخل له في الليل، وفي النهار معنا في داخل الورشة يبقى؛ أما في الشتاء، فنضعه بمكان دافي يحميه من البرد، ويتناول معنا الطعام والشراب والفواكه، ولم نبخل عليه بشيء، حتى أنه يتناول يوميًا المُكسرات.
ويُلفت الفرا لـ »قدس نت« ، إلى أنه اشترى القرد »ولهان" ليس للتجارة أو انتاج سُلالة، فيكتفي بوجوده لوحده فقط، فهو سعيد بوجوده، ويشاركه حياته، حتى أنه بين أحفاده الصغار يلعب ويحتضنونه، دون أن يؤذيهم، وكل يوم ينتظرون أن يأتي لهم داخل المنزل للعب به.
وينوه، إلى أن تربيته لهذا الحيوان عدا السرور الذي يبعثه في النفوس، من باب العبرة لدى الناس، فهو مُطيع وتشعر أنه يفهم ما يحدث؛ كذلك الرفق به والاعتناء به الأجر الكبير.