بقلم: اسرائيل هرئيل
(المضمون: المفتش العام للشرطة أو رئيس الشباك ليسا مهنيين فقط بل هما صمام الامان الذي يحافظ على تاريخ الشعب اليهودي وأيديولوجيته -المصدر).
حوالي 1200 يهودي ذهبوا الى الحرم في التاسع من آب (العبري). بعد اسبوعين من التوتر الذي بدأ مع قتل الشرطيين ووضع البوابات الالكترونية، كان التوقيت في هذه المرة اشكاليا، لكن الشرطة، أي المفتش العام للشرطة وقائد منطقة القدس، أبلغا المستوى السياسي بأن الشرطة يمكنها مواجهة هذا التحدي، واذا كانت اعمال عنف فان الشرطة مستعدة لذلك.
وقد احتج وزير الخارجية الاردني والاوقاف الاسلامية وطلب رائد صلاح تحرير المسجد الاقصى وخبراء اسرائيليون حذروا كالعادة بأن وجود اليهود في الحرم من شأنه أن يشعل الانتفاضة. ولكن مثلما توقعت الشرطة بقي الحرم هادئا والشرق الاوسط لم يشتعل وحرب يوم القيام بين المسلمين واليهود لم تندلع وأم الفحم ايضا بقيت صامتة في الحر الشديد.
في الماضي غير البعيد وفي الايام العادية منعت الشرطة اليهود من الذهاب الى الحرم في التاسع من آب وكان المبرر هو سلامة الجمهور. وجود اليهود في الحرم كما قالت الشرطة في حينه هو امر استفزازي للمسلمين ومن شأنه أن يتسبب بالاعمال العنيفة في القدس وفي المناطق وفي القرى العربية في اسرائيل. والدعاوى التي طالبت بحرية وصول اليهود الى المكان الاكثر قداسة لليهودية لم تجد. والشرطة مثلما قالت محكمة العدل العليا هي جهة مهنية واعتباراتها هي سلامة الجمهور. هذا ما حدث سنة تلو الاخرى.
ما الذي تغير اذا؟ ببساطة: قيادة الشرطة رفيعة المستوى تغيرت. والقادة الحاليين يعتقدون أنه حتى لو تصرف العرب بعنف فان من واجب الشرطة قمع هذا العنف وتمكين اليهود من الحصول على حقهم الطبيعي والتاريخي، لا سيما في التاسع من آب. وهذا الامر بسيط جدا. هذا الواجب الاساسي لم يكن مفتشون سابقون للشرطة مستعدين للقيام به ولا حتى وزراء الامن الداخلي. هل هذه تعتبر حرية عبادة واحترام لاسرائيل؟ احياء ذكرى الخراب في مكان الخراب وفي يوم الخراب؟ ومحكمة العدل العليا منحت الغطاء لهذا الامر.
حسب سابقات كثيرة يمكننا تخيل ماذا كانت المحكمة ستقول لو أن الشرطة قامت باغلاق الحرم أمام المصلين المسلمين بزعم أنهم يعرضون سلامة الجمهور للخطر (هذا حدث احيانا: قتل رجال الشرطة والاخلال بالنظام ورشق الحجارة على المصلين في حائط المبكى).
في ذروة ازمة البوابات الالكترونية تم توجيه الاتهام لروني ألشيخ بأنه يتصرف بناء على قناعته الايديولوجية التي تنبع من كونه متدينا ومستوطن سابق، وكل ذلك مقابل « السلوك المهني » لنداف ارغمان، رئيس الشباك السابق الذي هو إبن كيبوتس. تحذير ارغمان بأن البوابات
الالكترونية ستسبب الانقضاض الجماعي على الحرم وضرر سياسي كبير، تبين أنه تحذير خاطيء، لكن ارغمان هو شخص منا.
أنا شخصيا لم يسبق لي أن تحدثت مع أي واحد منهما، لكن يمكنني توقع، خاصة على خلفية الخلاف بينهما بخصوص الحرم، مواقفهما التي تثبت أن الانسان في العادة هو عبارة عن قالب يعكس منشأه. وهذا يفسر لماذا معظم « المحافظين على الخط النهائي »، كما تبين في فيلم درور مورا، يعتقدون أن وجودنا في الحرم وفي يهودا والسامرة هو أمر خطير ومفسد ويسبب العنف.
هذه الامور التي تركت الانطباع لدى المشاهدين في البلاد وفي ارجاء العالم يمكن قولها فقط من قبل من لا ينظرون الى الصلة التاريخية العميقة مع الاماكن التي ولد فيها الشعب اليهودي والتي عاد اليها وقام باقامة دولته في جزء منها.
إن دور رؤساء الاجهزة الامنية ليس تقنيا ومهنيا فقط. فهم يخدمون أهداف عليا، ومهمتهم، اضافة الى حماية حياة المواطنين، هي تحقيق طموحات الشعب القومية. في دولة اليهود التي ما زال الكثيرون يريدون القضاء عليها، هذا واجب مطلق.