خبر فيما ينبغي عمله لحماية انتصار الأقصى.. بقلم: داود أحمد شهاب

الساعة 08:54 ص|03 أغسطس 2017

فلسطين اليوم

بقلم: داود أحمد شهاب

« وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ »

ما أحوجنا إلى تلمس معية الله واتباع الأسباب التي تمكننا من تحقيق النصر الحاسم على أعدائنا واستعادة أرضنا المباركة.

قبل الملحمة البطولية التي شهدتها القدس على مدار أسبوعين كاملين دفاعاً عن المسجد الأقصى ، كان الحزن والإحباط يسكن قلوب الكثيرين نتيجة ما جنته أيدي السياسيين من تشتت وضياع ، وكنا نتحدث ليل نهار عن استغلال أعدائنا لحالة التفكك والتشرذم التي أصابت أمتنا ، وأنهم سينقضون على المسجد الأقصى المبارك لتنفيذ فصل جديد من مخطط التهويد والاستيلاء على مسرى رسولنا الكريم.   

وكُنّا نتداول يومياً أخبار الاقتحامات لساحات الأقصى ونُحصي حجم التهويد والاستيطان وعدد الاقتحامات وتضاعفها ، كان الأعداء يتصرفون كما أن الأمور على الأرض احكمت لهم وكما لو أنهم في القدس وحدهم.

وكُنَّا نضع أَيدينا على قلوبِنا خوفاً على الأقصى والقدس وعلى كل الأماكن المقدسة فيها  ونحن نسمع تهديدات المستوطنين ونرى أفعالهم.

كان هناك شعورٌ يقترب من العجز في اتخاذ الوسائل الكفيلة بلجمهم والرد عليهم والتصدي لهجومهم الشرس على الانسان المقدس والمكان المقدس.

ويوم وقوع عملية الدفاع عن الأقصى التي نفذها الفدائيون الثلاثة من عائلة جبارين ، اختلطت في داخلنا مشاعر الفرح والقلق والخوف، فما تبع العملية من إجراءات خطيرة كانت مبعث قلق وخوف كبيرين على مستقبل المسجد الأقصى المبارك ، كُنّا نشاهد شوارع البلدة القديمة وهي خالية وأسوار الأقصى يُلفها الحزن، بحسرة شديدة. كانت الدنيا ساكنة لم يتحرك أحدٌ ، وحدها قوات الاحتلال كانت تدخل للأقصى وتفعل ما تشاء ، ولم يرفع الأذان في الأقصى ثلاثة أيام متواصلة ولم يقم فيه أي مصلٍّ!!

قرأ الأعداء في ذلك استسلاماً ، فأخذوا يحثون الخطى بوضع كل الإجراءات الكفيلة لتثبيت وضع جديد في الأقصى.

لكن انتفاضة المقدسيين حطمت كل أحلامهم ، ووجهت لمشروعهم الاستيطاني ضربة أحبطت مخططات أعدوا لها منذ سنوات طويلة.

تحقق النصر بحمد الله ، وحقق المقدسيون إنجازات عظيمة أهمها أنهم أثبتوا للعالم أجمع أن المعركة على القدس لم تنته ولن تنته بإذن الله ما دام في القدس أهلها يرابطون على بواباتها ، أثبتوا أن أصحاب الحق لن ينسحبوا ولن يتراجعوا ولن يغادروا أرضهم وبيوتهم. وما دام أهل الحق موجودين فلن يقدر أحد على سرقة حقهم والسطو على ملكهم. أثبت أهل القدس كذلك أنهم أصحاب الشرف في الوصاية والسيادة والولاية على المسجد الأقصى المبارك ، ولا أحد شريك لهم في هذا الشرف.   

من المؤكد أن أطماع أعدائنا لن تتوقف، فغرور القوة والغطرسة ستدفعانهم لتصعيد هجومهم على القدس وأهلها ، وسيكون أهل القدس هدفاً تستعر عليه أحقاد المشروع الصهيوني وعتاته ، ولهذا من الضرورة اليقظة والانتباه والعمل على تعزيز مكامن القوة في صفوف المجتمع المقدسي وتوفير كل مقومات الدعم والصمود للمقدسيين.

من الضروري عدم إضاعة الوقت في التفكير، وسرعة اتخاذ القرارات المناسبة والكفيلة بحماية القدس ، فهي كانت ولا زالت عنوان المواجهة والصراع.

يجب إزالة كل الأسباب التي تشجع الأعداء الصهاينة وتغريهم بالهجوم على القدس ، وأهم سبب هو تفكك مقومات الوحدة الفلسطينية وضياع الأولويات والرهان على مواقف قد تأتي من هنا أو هناك ، التجربة الماثلة أمامنا في السنوات الماضية يجب أن تنتهي وألا تتكرر أبداً ، والمقصود هنا تجربة السنوات العجاف من المفاوضات العبثية والتنسيق الأمني وأيضاً مأساة الانقسام المرير.

الانتصار المقدسي أحيا الأمل في نفوسنا وبعث فيها العزيمة وأيقظ فينا كل المعاني والفضائل الجميلة ، وهو انتصار يحمل الكثير من العبر والعظات التي يجب أن ينتبه إليها كل من يحمل لواء العمل الوطني والإسلامي. عليه أن يدرك أنه بدون قوة الجماهير والدعم والاحتضان الشعبي الحقيقي  لن يستطيع أحد التقدم خطوة واحدة إلى الأمام . والجماهير متقدمة في عقلها ووعيها عن القواعد الحزبية الضيقة. ولذلك من يريد أن يكسب حركة الجماهير ويستميل قوة دفعها الرهيبة عليه أن يتخذ القرار الفوري بتصفير كل الأزمات الداخلية التي تؤرق الناس. وتصفيرها المقنع لا يكون إلا برعاية المصلحة العامة لكل الناس بغض النظر عن موقعهم ومنطقتهم ومكانهم وانتمائهم.

صحيح أن ما حققه المقدسيون هو انتصار جزئي وأن المعركة لا تزال طويلة ومفتوحة ، فجنود الاحتلال لا يزالون على أبواب الأقصى واقتحامات المستوطنين لم تتوقف وخير شاهد على ذلك عدد المقتحمين الذي تضاعف يوم قبل يومين، ولهذا يجب البناء على ما تم ، والمسؤولية في ذلك تقع على القيادات والقوى الفاعلة. فالشعب مستعد للتضحية بأغلى ما يملك لحماية كل ما هو مقدس ولحماية الحق والثابت الوطني ، لكن على الجميع أن يمتثل لمطالب ودعوات كل الذين ضحوا وأعطوا وقدموا من دمائهم وأعمارهم ثمن هذا النصر الذي نشعر به. 

 

كلمات دلالية