خبر خبير الصحافة الإسرائيلية « نظير مجلي » :إعلام (إسرائيل) سلطة رابعة حقيقية مسيطرة رغم النواقص

الساعة 05:10 ص|13 ديسمبر 2008

للصحافة في (إسرائيل) مكانةٌ تختلف عن مكانتها وما تعنيه لأهلها في أي مكانٍ آخر.. فهي هناك محترمة من قبل الفقير والوزير.. تزج الأخير بالسجن إن أخطأ بحق "دولته" وتنصف الأول (أي في المجتمع الإسرائيلي) بجرة قلم.. ورغم سلبياتها، فيما يتعلق بصمتها وتبريرها لجرائم جيش الاحتلال، وبثها للاشاعات والمعلومات المغلوطة بالتنسيق مع أجهزة مخابرات الاحتلال بهدف التأثير في الساحة الفلسطينية وبث الفرقة وتحقيق أهداف الاحتلال، إلا أن المهنية تقتضي الاعتراف بقدرتها على التأثير لا التأثر.

 

نظرةٌ أعمق على واقع الصحافة الإسرائيلية نستعرضها لكم قرّاء "فلسطين" من خلال هذا الحوار مع خبير الصحافة الإسرائيلية "نظير مجلي".

 

سمات الصحافة الإسرائيلية..

 

استعرض مجلي في بداية حديثه أهم السمات التي تتمتع بها الصحافة الإسرائيلية، من حيث كونها متنوعة وغنية بالمعلومات، إضافةً إلى أن العاملين في حقلها يتمتعون بمساحةٍ كبيرةٍ من الحرية معطاة لهم "خصوصاً فيما يتعلق بالحديث عن القضية اليهودية"، ناهيك عن كونها أقرب إلى الإنسان بكل تفاصيل حياته، حيث يعتبر الهدف الأول في عملية التنمية، معقباً على ذلك بقوله :"الصحافة في (إسرائيل) سلطة رابعة حقاً، إذ إن لها تأثيراً كبيراً جداً على حياة المواطنين الإسرائيليين تصل إلى درجة أن تسقط رئيس دولة ورئيس الوزراء وتزج وزيراً بالسجن لذلك تعتبر الصحف الإسرائيلية من أكثر صحف العالم تقدماً ولكن يشوبها الكثير من النواقص".

 

وحول قدرة الصحافة الاسرائيلية على تقديم المعلومات التي يحتاجها المواطن الاسرائيلي، ذكر أن الصحافة "الإسرائيلية"، وبالإضافة إلى كونها تعطي المواطن ما يحتاج إليه من معلومات، فهي ايضاً طورت من فهمها لمفهوم المهنية، وطورت آلية نقل المعلومات على اعتبار أنها "سياسية" في كثير من الفروع التقنية والتكنولوجية وحتى المهنية، ولكن لم تقدم للقارئ الإسرائيلي أو للمشاهد الإسرائيلي أو للمستمع الإسرائيلي ما يستحق أن يعرفه من حقائق عن الطرف الآخر الذي يحتك به ومصيره من مصيرهم وحتى العرب في (إسرائيل) لا يعطيهم الصورة المهنية المتكاملة".

 

قضية إمكانات وفرص

 

وبشأن ما يميز الصحفي الاسرائيلي عن الصحفي العربي الفلسطيني، قال: "القضية ليست قضية صحفي باعتقادي، فنحن يوجد لدينا صحفيون جيدون، وليس عندي شك أن الصحفي الفلسطيني لو اتيحت له الفرصة كما اتيحت للصحفي الاسرائيلي ستكون النتيجة متقاربة على الاقل في الناتج المهني"، فالقضية -وفق مجلي- تتعلق بتوفر الخبرة والفرصة والإمكانات المادية وتطوير الذات عن طريق التعلم المستمر من خلال الاطلاع على أحدث وسائل الكتابة الصحفية في العالم... "وهذا ما يسمح للصحفي الإسرائيلي أن يبدع، بينما يبقى الصحفي الفلسطيني بلا هذه الإمكانيات مجرد صحفي بسيط ينتظر "محاصراً" أن يتلقى بعض العلم الذي يحصله "ذاتياً عبر الاطلاع وبعض الاهتمام".

 

الصحيفة الإسرائيلية "المهنية"

 

أي الصحف الاسرائيلية ترى فيها المصداقية والموضوعية في نقل الاحداث العربية الاسرائيلية؟، أجاب مجلي: "أكثر صحيفة مهنية في (إسرائيل) هي صحيفة هآرتس، حيث تحاول ان تعكس صورة الشعب الفلسطيني اكثر من غيرها، ويميزها انها تضم ضمن طاقمها صحفيين مهمين وهم عميرة هيس وهي صحفية اسرائيلية تعيش في رام الله وتتنقل حتى بين رام الله والخليل، وتحاول ان تنقل صورة –مهما صغرت- عن معاناة الانسان الفلسطيني داخل فلسطين، وجدعون ليفني الذي يقوم بكتابة زاوية اسبوعية دائما يتناول فيها معاناة الفلسطينيين في اي منطقة من مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، ويدخل في اوقات الاجتياحات ويتحدى الدبابات والجيش الاسرائيلي واحتلالهم، ويواجه محاولات الاعتداء عليه بصرامة وجرأة، وينقل هذه المعاناة بطريقة مؤثرة ومثيرة للإعجاب"، مستدركاً :"تفرز هذه الصحيفة صحفيا متخصصا في قضايا فلسطين ايلي سفارو وصحفياً آخر اسمه يؤاف سنيني يساعده في قضايا العرب في اسرائيل، وهذه الصحيفة اقامت دور للصحفيين العرب من اجل تجنيدهم باعتبار انها تؤمن بعدم وجود عرب في الجهاز الإعلامي بما يكفي، وهي وصمة عار على الصحافة الإسرائيلية ومن هذا المنطلق أرى أن صحيفة هآرتس هي الأفضل إسرائيلياً".

 

تأثيرها في الغرب

 

وبخصوص التطور الذي نقل  الصحافة الاسرائيلية الى مصاف الصحف العالمية، أشار مجلي الى أن الصحافة الاسرائيلية احرزت نقلة في الإعلام الإسرائيلي للخارج وأن الصحافة الاسرائيلية تعمل ضمن الحركة الاعلامية التي بدأت تنشط في الحركة "الصهيونية" قبل قيام (إسرائيل) بعشرات السنين، فهي جزء اساسي من عمل كل مؤسسة إسرائيلية، موضحاُ أنه توجد مجموعة كبيرة من الصحفيين الاسرائيليين الذين يعملون مع الصحافة الاجنبية في الخارج، وهؤلاء لهم تأثير، بالمقابل "هنالك مجموعة من الاشخاص من اصحاب رؤوس الاموال الذين يملكون مؤسسات اعلامية امريكية اعلامية بقيادة اليهود، ومؤسسات اعلامية روسية بقيادة اليهود، وكذلك ايطالية، وهذا سبب انتشار الاعلام الاسرائيلي في الغرب".

 

وقفة جادة

 

ويرى الخبير في الصحافة الإسرائيلية أن الصحافة "العربية" عموماً و"الفلسطينية" على وجه التحديد، يجب ان تأخذ دورا اساسيا في المعركة مع (إسرائيل) حتى تقودنا الى موقعنا الطبيعي، "فالأمة العربية لا يعيقها لا المال ولا الموارد الطبيعية ولا القوة البشرية التي تتيح لها ان تتصدر وتحتل صدارة الحضارة الانسانية، وعلينا التخلص من الشوائب والمعيقات.. وهذا دور الصحافة"، منوهاً إلى ضرورة متابعة إعلام "العدو" ليس لمعرفة ما يقوله عنا وحسب.. بل للوقوف على أحدث تقنيات الكتابة الصحفية التي يتمكن كتابها فيها من أن يوصلوا أصواتهم إلى العالم بينما نحن لا نستطيع ذلك".

 

وختم مجلي حديثه بالقول :"الصحافة يجب ان تبدي اهتماماً واسعاً بالقضايا الاستراتيجية، من أجل إزالة حالة الخمول التي تعيدنا خطوات كبيرة نحو الخلف"، مضيفاً: "أنا لا أتحدث بيأس عن الامة العربية بل انا متأكد ان هنالك جيلاً من القادة في العالم العربي الذين ينهضون بالأمة بهذه الطريقة، والقضية هنا انهم ليسوا اصحاب مفاتيح بالسلطة ولا بأس بذلك، سيأخذون المفاتيح رويدا رويدا وعلى الصحفي العربي ان ينتبه ان هذه مهمته".

 

 - نقلا عن صحيفة فلسطين