بقلم: موشيه العاد
القاتل في حلميش مساء السبت يثير سؤال كيف أن الاجهزة الامنية لم تتمكن بعد من ايجاد الحل لردع « المخربون للمرة الاولى ». والمقصود هنا هو المخربون من نوع « الذئب الوحيد » أو « الشخص الذي يعمل وحده »، والذين هم غير معروفين للشرطة والشباك، ليس لهم ماض من الاعمال العدائية.
هؤلاء المخربون يزدادون في الساحة الفلسطينية، ويجعلون الاجهزة الامنية بدون حول ولا قوة. والمبرر المعروف « يصعب ردع مخرب وحيد لا ينتمي الى أي تنظيم ارهابي »، لم يعد بالامكان قبوله. من وراء كل مخرب هناك تنظيم يمكن معاقبته، ويسمى العائلة. ليس هناك تقريبا أي مخرب لا تقف عائلته من خلفه ومن خلف افعاله، أو لا تتفاخر به كـ « شهيد ».
عائلة المخرب هي الحلقة المركزية في العملية. مؤخرا فقط نشرت السلطة الفلسطينية أن المخرب الذي يكون محكوما بثلاثين سنة وما فوق سيحصل على مخصص شهري بمبلغ 14 ألف شيكل على مدى الحياة. واذا قتل واصبح شهيدا فان عائلته ستنضم الى 26.700 ألف عائلة تحصل على مبلغ مشابه.
العقوبات لم تكن ناجعة حتى الآن: لا الاعتقال ولا الطرد ولا هدم المنزل. ايضا رئيس الولايات المتحدة ترامب والدول الغربية فشلوا في تهديد أبو مازن من اجل الكف عن دفع الاموال للارهابيين وعائلاتهم. أبو مازن بدل الكف عن ذلك قام بتوسيع دائرة الدفعات. من الصعب تصديق ذلك، لكن رجل الامن في السلطة الفلسطينية يحصل على راتب يبلغ 2700 شيكل، والموظف في السلطة الفلسطينية يحصل على راتب يبلغ 2800 شيكل، أما الارهابي فيحصل على 3129 شيكل. والغرب يفهم الآن ايضا أن الارهاب في السلطة الفلسطينية هو مهنة مفيدة ومطلوبة.العقاب الناجع الذي تمت تجربته مرة واحدة في السابق يسمى بلغة القضاء « تغيير السكن » وبلغة الشعب « الطرد الى قطاع غزة ». المنطق هو أنه اذا كان المخرب سيعرف مسبقا أن جميع أبناء عائلته في الضفة الغربية أو في شرقي القدس سيتم ابعادهم الى قطاع غزة، فهناك احتمال أن لا يُقدم على تنفيذ العملية. ويجب التأكيد: اذا كانت الحياة والظروف صعبة في الضفة الغربية وفي شرقي القدس، فان الحياة في قطاع غزة تشبه الاعتقال مع الاشغال الشاقة. أبناء الضفة الغربية يعتبرون أن الانتقال الى غزة يشبه الانتقال من الجنة الى جهنم. والجمهور الذي يعتبر أن الارهابيين هم الافضل، يجب علينا استخدام كل عقاب ضده.
فقط مرة واحدة في العام 2002، بعد تردد المحكمة، تم اتخاذ قرار طرد أبناء عائلة مخرب من نابلس الى قطاع غزة. بين أسطر القضية التي تم نقاشها في محاكمة عجوري يمكننا رؤية أنه عند معاقبة عائلة مخرب بالطرد الى غزة، هناك فرصة جيدة لمن يخطط للقتل ويعرف مسبقا أن عائلته ستطرد، كي يرتدع عن تنفيذ الجريمة النكراء.
الجهاز القضائي هو نفسه الذي كبح عقوبة طرد العائلات. ورجال القضاء يترددون في تناول هذا الموضوع، إلا أنه عندما يكون أبناء العائلة على صلة مباشرة بالارهاب أو التأييد العلني للارهاب. « اذا أكل الاولاد الحصرم »، كما يبررون، « فلا يمكن أن تتحمل العائلة المسؤولية عن ذلك وتصك أسنانها »، أي أن كل شخص يجب أن يتحمل المسؤولية عن افعاله. وبالنسبة لهؤلاء القضاة، بغض النظر عن خطورة الحادثة، فان الامر لا يعني « حالة طواريء ». تسلسل عمليات القتل في الضفة الغربية والحاجة الى ردع المجرمين، ليس مبررا كافيا وملحا حسب رأيهم. في الولايات المتحدة التي يحدد فيها الدستور حياة 350 مليون شخص، قال وزير العدل هناك، جوهان اشكروفت، في اعقاب عمليات الحادي عشر من ايلول في 2001 إنه « اذا حلقت طائرة وعلى متنها 450 شخصا بشكل خاطيء فوق البيت الابيض أو فوق الكابتول فسيتم اسقاطها ». يجب وضع معايير جديدة في التوازن بين حقوق الانسان وأمن الدولة. الولايات المتحدة الكبيرة تخشى من الحاق الضرر حتى برموزها. أما عندنا فالرموز هم مواطنون من لحم ودم.