خبر عن القوة والطمع -يديعوت

الساعة 10:37 ص|13 يوليو 2017

فلسطين اليوم

عن القوة والطمع -يديعوت

والان، ملف 4000

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: يخيل ان نتنياهو والعصبة التي تبلورت حوله يقتربون من اللحظة المعروفة جدا في الماضي، التي يقول فيها اسرائيليون لزعمائهم: أيها الفاسدون، مللناكم - المصدر).

 

يقضي تقرير مراقب الدولة أمس نهائيا على القول المريح جدا، « لن يكون شيء لانه لم يكن شيء ». فقد كان شيء وهو موجود. فما حصل في وزارة الاتصالات في السنوات التي كانت فيها الوزارة العزبة الخاصة لنتنياهو يمكن ان نسميه « ملف 4000 ». لم يوصِ المراقب صراحة بفتح تحقيق جنائي، ولكن توصيفه الدقيق لا يترك مساحة واسعة للمستشار القانوني للحكومة. كل قضية على حده، وكلها معا، متراكمة، تنز عنها رائحة شديدة من الفساد. فالقوة مفسدة، قال اللواء أكتون؛ الزمن مفسد ايضا. الكثير من القوة على مدى زمن طويل جدا يفسد اضعافا.

 

لملف الغواصات ولملف بيزك توجد عدة مزايا وعدة ابطال مشتركين. الميزة الابرز هي الطمع.

عندما شغر منصب وزير الاتصالات، في نهاية 2014، أصر نتنياهو على أن يأخذ المنصب لنفسه. وأثار الاصرار عجبا لدى كل من يفهم في المجال: فوزارة الاتصالات مخصصة لان تكون واضعة لانظمة ادارية، فنية وتجارية، وليست وزارة سياسية ولا مكتب صحافة. وعليه، فان اللجان التي بحثت في شأنها أوصت المرة تلو الاخرى على الغائها، واقامة سلطة بدلا منها. أما ايداع وزارة كهذه في يدي رئيس وزراء فهو كالسماح للقط بان يغرق في القشدة.

عجب آخر تعلق بدور قريبي عائلة لنتنياهو، دافيد شمرون واسحق مولكو، صاحبي مكتب محامين مشترك. شمرون هو المحامي الخاص لنتنياهو وممثله في كل مفاوضات سياسية؛ مولكو هو مبعوثه السياسي. وتباهى مكتب الرجلين في صفحته على الانترنت، بوقاحة لا بأس بها بانه هو « أحد المكاتب الرائدة في البلاد في مجال قوانين الاتصالات ».

عندما يدير محاميان في نفس الوقت تجارة المملكة وتجارتهم الخاصة فالخطيئة تربض على الابواب. وعندما يدور الحديث عن قرارات بالمليارات ودور مباشر من جانب رئيس الوزراء، فان الخطيئة تصرخ الى السماء. لقد كشفت النقاب عن المكانة المزدوجة للرجلين في مقاطع عديدة تضمنتها مقالاتي في « يديعوت احرونوت ». اما نتنياهو فخرج، على عادته، بوابل من الاتهامات ضد الصحيفة. واصيب المستشار القانوني للحكومة يهودا فينشتاين بالخوف. خمسة اشهر استغرق فينشتاين للتوصل مع المحامين الى تسوية لمنع تضارب المصالح. وكتبت اقول: « هذه تسوية شوهاء ». ومثلما يتبين من تحقيق المراقب، لم تكن هذه التسوية جديرة حتى بالورق الذي كتبت عليه.

 

ان ضعف حماة الحمى هو سيف ذو حدين. فقد مس ضعف فينشتاين في نهاية المطاف باولئك الذين سعى الى ارضائهم، في هذه الحالة نتنياهو ومحاميه شمرون. فقد اعتقدوا بان كل شيء مباح، وكل شيء مسوغ. فينشتاين كان نقطة غرورهم.

 

ان احدى المشاكل التي ينطوي عليها جعل محامين خاصين ممثلين ومقربين من رئيس وزراء هي الصورة التي تنشأ لهم في السوق. فقد سار المحامي شمرون في مكاتب الحكومة كالملك في مستنقعه. هالة رئيس الوزراء سارت امامه. ورأى رجال الاعمال بان هذا خير وسعوا لبوابته. هذا

 

القرب، هذه الهالة، تساوي مالا كثيرا، اكثر بكثير من الشيكل الرمزي الذي تدفعه الدولة للمحامي مولكو مقابل خدماته.

 

شمرون وزارة الاتصالات هو شمرون قضية الغواصات. فاذا كانت التحقيقات في قضية بيزك تتعلق بالقرارات التجارية لاصحاب الشركة وحيالها بتنظيمات ادارة غريبة من جانب وزارة الاتصالات، ففي قضية الغواصات تتعلق التحقيقات بدور اللواء مروم، الوكيل غانور والمحامي شمرون في الدفع الى الامام بخطوات امنية مشكوك فيها. الشبهات خطيرة، والتفسيرات عرجاء.

* * *

في قضية بيزك يؤدي شخص آخر دورا هاما. شلومو (مومو) فلبر عينه نتنياهو مديرا عاما للوزارة. أنا أعرفه من عمله في مجلس « يشع » للمستوطنين. فقد كان رجلا تنفيذيا ناجعا، نقيا من التزمت الكاسح لبعض من زملائه. عندما اطلعت على القرارات الغريبة التي وقع عليها، في حملة الليكود، وفي وزارة الاتصالات، طلبت اللقاء به لسماع روايته. فرفض بكياسة.

ان الاحساس في صناعة الاتصالات كان ان فلبر يعمل من أجل ألوفيتش. سلسلة من القرارات، وعلى رأسها الرسالة العاجلة التي اطلقها فلبر الى بيزك من خلف ظهر مسؤولي الوزارة، الرسالة التي كان يفترض بها ان تغني الشركة بمئات الملايين، ادخلت السوق في صدمة. اما ماذا كان دافعه فليس واضحا، حتى بعد تقرير المراقب. والتفسير الذي اعطاه في حينه قال بايجاز ان الدولة تسمح لالوفيتش بان يغنى انطلاقا من الافتراض بان المال الذي سيكسبه سيستثمر في تطوير شبكات الاتصال. وكما أوضح المراقب، هذا لم يحصل. اما الثمن فدفعه الجمهور.

 

لقد اعتزم نتنياهو استغلال ولايته في وزارة الاتصالات كي يحدث تغييرا في نقطتين. الاولى، ان يزيد عدد قنوات التلفزيون في اسرائيل لدرجة الا يكون لاي منها القدرة على تغطية الاخبار وجمع النفوذ؛ والثانية، ان يوضح لرجال الاعمال بانه اذا تصرفوا في وسائل الاتصالات التي بملكيتهم على نحو جميل، فانهم سيرتاحون في عملهم. برلسكوني مدموج في ألوفيتش. هل ماتت الخطة؟ ليس مؤكدا.

لغز آخر يرافق قضية الغواصات. لماذا نقلت معالجة صفقة المشتريات الكبرى هذه من وزارة الدفاع الى ديوان رئيس الوزراء؛ لماذا أصر نتنياهو، بخلاف كل سابقة، على نقل الموضوع الى جهة ليست مبنية للانشغال بها، بلا رقابة، بلا نقاش. لماذا سلم وزير الدفاع بوغي يعلون بهذه الالتفافة. اليوم يتهم يعلون نتنياهو بالفساد، ليس فقط على مسمع من اذان الاسرائيليين، بل في وسائل الاعلام الاجنبية، ولكن ما الذي فعله في حينه، حين كان بوسعه ان يوقف الانجراف.

السؤال الكبير هو ماذا كان دور نتنياهو في هذين الاحتفالين. اذا لم يعرف – مرة اخرى لم يعرف – فان كفاءته موضع شك. واذا كان يعرف، فليحفظنا الرب.

وبالطبع، من نبش أين، من أمر بالغاء العطاء ولماذا، وكيف حصل ان شمرون، رجل السر، نسي أن يروي لرئيس الوزراء بانه ضالع في الصفقة التي يدفعها نتنياهو الى الامام. مهما يكن من أمر، يخيل ان نتنياهو والعصبة التي تبلورت حوله يقتربون من اللحظة المعروفة جدا في الماضي، التي يقول فيها اسرائيليون لزعمائهم: أيها الفاسدون، مللناكم.

كلمات دلالية