بقلم: دان مرغليت
معركة الكبار بين البروفيسور زئيف روتشتاين والبروفيسور ميخائيل فنتراوب تشمل جميع عناصر الدراما المشتعلة. ففيها صراع على القناعات الطبية: الادارة الحديثة لجهاز صحي كبير، مقابل قدسية حياة الفرد. المال ينافس القيم، وفي الخلفية يوجد « الأنا ». مواجهة كهذه توجد في كل مركز طبي، في كل البلاد وبكل لغة.
قبل أكثر من عقد استضفت في التلفاز الحاصل على جائزة اسرائيل، مدير عام وزارة الصحة سابقا ومدير مستشفى شيبا، البروفيسور مردخاي شني. وقد عارض شني أن يكون دواء « الريتسباتين » مشمول في سلة الدواء، مدعيا أن هذا الدواء سينقذ فقط حياة عدد قليل من النساء، وأنه سعره المرتفع سيمنع علاج مرضى آخرين حياتهم هم ايضا في خطر.
اثناء الجلوس في ستوديو « مساء جديد »، أدرك البروفيسور شني أنه يدير معركة خاسرة. وجميع النساء الاعضاء في الكنيست أدرن الحرب ضده، وزاد تأييد المريضات بالسرطان رغم تبريراته، وأثبتت النتائج أنه كان على حق في تلك الفترة، لكن مع تقدم الطب حدث تحسن. الثمن مقابل القيمة، مثلما قال البروفيسور شني في حينه، هو الأمر الاكثر صعوبة أمام عالم الطب.
مشاكل كهذه تظهر كل بضع سنوات. وعند ظهور وباء الايدز بدأت المختبرات في المنافسة المكلفة لتطوير دواء ناجع. وعندما وصل الكوكتيل الى الرفوف، استطاع الاثرياء فقط شراءه. وعندها حدثت صرخة بسبب الاجحاف بحق الفقراء. ولكن عدم وجود عدالة في تفضيل اصحاب الاموال زاد من تمويل الدواء، وأصبح الآن متوفرا للجمهور الواسع. وقد تم قطع مسافة طويلة في الطريق الى المساواة والعدالة، والآن يتم التعامل مع مرض الايدز على أنه مرض مزمن يمكن التعايش معه لسنوات.
إن ما يحدث في مستشفى هداسا في القدس هو نوع مشابه من الخلاف. من جهة هناك البروفيسور فنتراوب على رأس عدد من الاطباء المثاليين، وهو يعتبر أن سلامة المرضى الشباب من الأولويات، دون تحديد ثمن لتطبيق قسم الاطباء. ومن جهة اخرى يقف البروفيسور روتشتاين مع مسؤولية شاملة لمنع انهيار مستشفى هداسا، مع الشعور أنه اذا سمح لكل جماعة بفعل ما تشاء تجاه مرضاها، فلن تكون هناك هداسا ولن يكون من يقدم المساعدة لمرضى الفشل الرئوي والكبد ومرضى القلب وما أشبه.
لقد تم احضار البروفيسور روتشتاين من ادارة مستشفى شيبا الى مستشفى هداسا لاصلاح الاخفاقات الادارية التي هددت مستوى الخدمة الطبية فيها. وقد توقع الجميع بأنه سيقوم بمحاربة الظواهر الصعبة التي التصقت بالمستشفى. وكان من الواضح أنه اذا قام بدوره بشكل صحيح فهو سيضر بعدد من الاقوياء. ومن الجدير هنا اقتباس شعار هداسا « قلب شعبي كبير، لكن من أين سيأتي المال ». اذا لم يكن من الفعالية التي تكون دائما مؤلمة.
من يقف في الجانب سيلاحظ أن البروفيسور روتشتاين وفنتراوب قاما بدورها بشكل صحيح. ومن المفروض بطبيب السرطان أن يرى المريض أولا، ومطلوب من المدير الاهتمام بمصلحة الجهاز كله ومصالح جميع المرضى. أحدهما يطلب المساعدة بأي ثمن، والآخر يدرك أن المساعدة ستنهار اذا تمت الادارة بأي ثمن.
إن المعركة في مستشفى هداسا توجد فيها تجاوزات غير معيارية. فقد تجاوز الاطباء الخطوط الحمراء عندما قاموا بضم المرضى وأهاليهم الى الصراع – الخطوة التي استخدمت فيها المشاعر وعيون الجمهور الدامعة الى درجة تصل الى اقتحام كل جدار اداري، الذي من دونه لا تستطيع مؤسسة هداسا العمل.
في هذه الاثناء لا يوجد أي خيار: مطلوب حسم مؤلم من قبل محكمة العدل العليا دون البحث عن الحل الوسط.