بقلم: دان بن دافيد
(المضمون: الاستمرار في تطبيق أجندة الحريديين والمستوطنين يعني وصول اسرائيل الى نقطة اللاعودة والابتعاد عن القيم الحضارية للدول المتقدمة -المصدر).
السنة الماضية أنهت عدة عقود من التقدم، والآن يمكن القول للحريديين والمستوطنين: انتصرتم! ماذا بعد؟ كيف سيبدو المستقبل الذي سينشأ من الواقع الذي تقومون بتجذيره هنا؟ .
مستوى الحياة المتقدم في الدول المتقدمة تحقق بفضل قيم حرية التفكير والتعبير. وطالما أن اسرائيل لا تستطيع وحدها انتاج جميع احتياجاتها، فنحن نتعلق وجوديا بالعلاقات الجيدة مع تلك الدول. لهذا ليس من المهم اذا كنتم لا تعرفون أن اقصاء النساء والفلسطينيين يعتبر عنصرية. والامر الحاسم اضافة الى هذه الحقيقة، كيف ينظر الينا العالم المتقدم عندما سيقرر طبيعة علاقته معنا.
صفات العالم المتقدم هذه تميز ايضا الاغلبية في اسرائيل، التي اقامت الجامعات وصناعة الهاي تيك. عندما يصل 90 في المئة من ضريبة الدخل من 20 في المئة من السكان فقط، يجدر التوقف قبل الاعتداء على تلك القيم ومعرفة أنها ملك للـ 20 في المئة هؤلاء.
في النجاح في التغاضي عن القيم التي تميز اغلبية اليهود في الولايات المتحدة، والصداقة مع الاصوليين المسيحيين، والتوهم بأنهم سيسيطرون الى الأبد، يفكرون في استبدال العالم المتقدم بالروس والصينيين، الذين يعرفون مثلكم الحاجة الى قمع أي اختلاف. نأمل نجاحكم ايضا. أين تعتقدون أنكم ستكونون في سلو أولويات الروس الذين يؤيدون الاسد وحزب الله، والصينيين الذين يعتمدون على دول النفط؟.
مع اليد على القلب، في أي دولة من الدول المذكورة أعلاه، كنتم ستختارون العيش لو أن اسرائيل لم تكن موجودة؟ لأن هذا هو الخيار الذي تختارونه الآن من حيث الدولة التي ستكون هنا عندما سيتحقق حلمكم. ليس فقط اغلبية اليهود في الولايات المتحدة سيتركونكم، بل سيترككم ايضا شباب اسرائيليون مثقفون، علمانيون ومتدينون، ممن يؤمنون بالتفكير الانتقادي، وحرية التعبير ومساواة الفرص، الذين يحملون على أكتافهم عبء صيانة الدولة. يحتمل أن مراعاة الآخر ليست الجهة القوية لديكم، بل الاستخفاف بقيمنا – لكنها المفتاح لوجودكم المادي هنا. واذا لم تكن لديكم خطة عمل لليوم الذي سيتم ترككم فيه من قبل العالم المتقدم، ومن يشبهونه في اسرائيل – فقد يكون من الاجدر الفهم الى أين تؤدي طريقككم.
هناك رسالة اخرى اخيرة للغالبية في الكنيست، ممن يهتمون ببقاء وازدهار المشروع الصهيوني: نحن ملزمون باستبدال القرص طالما أن هذا الامر ممكن. اسرائيل تقترب بسرعة من نقطة اللاعودة الديمغرافية والديمقراطية، التي لا يمكننا بعدها تغيير الاتجاه. واذا صمم الحريديون والمستوطنون على العيش في الهذيان فيجب علينا البدء في فتح أعيننا والتعاون فيما بيننا.
يمكن تشكيل حكومة بدون الحريديين والمستوطنين في اسرائيل، وبالتالي انقاذ مستقبلنا. نحن نستطيع وقف تمويل المدارس التي تمنع الاولاد من التعلم الاساسي، وتمويل المستوطنات التي تمنع رسم الحدود القابلة للعيش. وبدل ذلك يجب تخصيص الموارد للاصلاح البنيوي في جهاز التعليم والرفاه والصحة، التي من شأنها تحسين الوضع وضمان مستقبلنا. العالم الذي تتقدم فيه التكنولوجيا بشكل سريع يضع التحديات الكثيرة. وطالما صمم الحريديون والمستوطنون على الانفصال عن الواقع فيجب أن تكون قطيعة كاملة بينهم وبين قيادة الدولة التي تصمم على العيش في المكان الاكثر عنفا وخطرا في العالم.