خبر حرب قبائل -معاريف

الساعة 11:05 ص|10 يونيو 2017

فلسطين اليوم

بقلم: جاكي خوجي

(المضمون: اذا ضغطت السعودية اكثر مما ينبغي، وأضرت اقتصاد جارتها وحرمتها من الاكسجين، لن يكون للقطريين مفر غير الوقوع في أذرع ايران -المصدر).

 

من قلبه حزين وعالمه خرب، استمد الشجاعة هذا الاسبوع من الشماتة بإمارة قطر. كثيرون منا فعلوا هذا، بعضهم يجلس حول طاولة الحكومة. فقرار السعودية قطع العلاقات مع قطر سحب وراءه ثلث دول الجامعة العربية ووقع على الدوحة بقوة شديدة. وعبرت اصوات الفرح التي صدرت عن القدس عن الثناء والشكر للسعودية على الضربة التي احدثتها لجارتها الاستفزازية، ولكن هذه الاصوات كانت سابقة لاوانها. فمن شأن هذه الجرة ان تنقلب رأسا على عقب. علينا ايضا.

 

عدد سكان قطر ادنى من عدد سكان حيفا. ولكن في العقد الاخير، ثبتت الامارة نفسها جيدا في دور الابنة العاقة للعالم العربي. وهي لم تخترع شيئا. كل شيء تعلمته من جارتها السعودية. واحدى عاداتها هي تطوير علاقات ود مع المتطرفين. تنظيم القاعدة في سوريا، مثلا، يتمتع لسنوات من اموال الغاز القطري. ليس لغرض ثنائية الوجه تفعل كل هذا، بل انطلاقا من فهم فئران القرية. فاذا تصادقت مع أزعر الحارة، ولا سيما اذا دعمته ماليا، تتحسن فرصك الا يعمل ضدك. والتسكع مع منظمات الجهاد هو بوليصة تأمين من شرهم.

 

قلة يعرفون ماذا كان الفتيل الذي تسبب للسعودية بان تعربد. فالمقت المتبادل، الشخصي، بينها وبين جارتها الصغيرة معروف. وقد تفاقم في عصر الشباب. قطر يقودها منذ أربع سنوات الشيخ تميم بن حمد، ابن الـ 37. ومع أنه يقف على رأس المملكة السعودية الملك سلمان ولكن من يديرها عمليا هو محمد، عصبي ابن 32. شيء ما حصل بينهما في الاسابيع الاخيرة اشعل حرب القبائل.

 

قطر هي الداعمة الاكبر لحركة حماس. هناك يسكن خالد مشعل، وعصبة معتبرة من رجال المكتب السياسي، الى جانب قدامى الذراع العسكري. في اسرائيل فرحوا ليس فقط بسبب الضائقة التي وقعت على قطر بل اساس بسبب الاثار على حماس. بعض من رجال الحركة ممن يسكنون في قطر اضطروا لتركها هذا الاسبوع وان يجدوا لانفسهم عاصمة اخرى. احد منهم لم يطرد. باحساساتهم الحادة فهم رجال مشعل، بان أمهم التي تبنتهم تختنق تحت ضغط شديد فحزموا أمتعتهم بمبادرتهم. سافروا الى ماليزيا، الى لبنان والى غزة. إذن هناك اخيار وهناك اشرار، والاشرار أكلوها.

 

رصاصة في الساق

 

حسنا، اين المشكلة؟ المشكلة هي ان العالم العربي الذي كل شيء فيه أسود وأبيض يغشي العين ومن شأنه ان يفاجيء. كهذه يمكن ان تكون المفاجأة التي أعدتها قطر للسعودية، وفي الواقع لنا جميعنا، في حالة تفاقم الازمة. في يوم الاثنين مع الفجر، بعد أن قطعت السعودية وملحقاتها العربيات العلاقات معها، فهمت قطر الى أي مشكلة علقت. فالجارات السُنيات – السعودية، اتحاد الامارات والبحرين فرضت عليها الحصار في واقع الامر. فقد سدت المطارات، الموانيء وطرقها البرية في وجه كل طائرة، شاحنة او سفينة قطرية، واغلقت معظم أبوابها الى العالم. ولم يتركوا في يدها بديل غير التوجه الى ايران. فقد توجهت قطر الى معارفها في طهران، وهؤلاء ردوا ببشاشة. اتفق بينهم على ان ارساليات العتاد، الغذاء والمؤن تهبط في مطارات وموانيء ايران ومنها الى الدوحة.

 

اما السعودية التي اتصل زعماؤها هذا الاسبوع بكل زعيم عربي وطالبوه بان يعلن فورا عن قطع العلاقات مع قطر، من شأنها ان تكتشف بانه كان في كل الخطوة مجرد رصاصة في الساق.

 

فقطر ليست عدوا خالدا للرياض وهي بالاجمال ابنة عاقة. رغم انها تبدي استقلالا سياسيا وترفض اطاعة كل نزوة سعودية، ففي معظم المسائل الهامة عملت الدولتان معا. على رأسها الحرب في سوريا، حيث سكبتا المليارات لتمويل الفصائل التي تكافح ضد نظام دمشق. اذا ضغطت السعودية اكثر مما ينبغي، وأضرت اقتصاد جارتها وحرمتها من الاكسجين، لن يكون للقطريين مفر غير الوقوع في أذرع ايران.

 

قطر، بخلاف كل شقيقاتها، لا تفزع من الجمهورية الاسلامية. فهي تتقاسم معها نجاح بئر غاز هائل في مياه الخليج. وتقيم معها علاقات تجارية جارية. وستكون هذه سقطة بالنسبة للسعودية اذا ما حصل بعد عشر سنوات فأكثر من الصراعات والحروب في محاولة لاسقاط الاسد ستسقط عاصمة عربية ثانية وهامة مثل الدوحة في أذرع المعسكر الشيعي.

 

كيف يرتبط كل هذا بنا؟ قطر ستواصل دعم قادة حماس مثلما كانت تفعل على مدى السنين. ولكن اذا ما دفعت باتجاه ايران، فستكون جيدة احتمالات ان تدفع حماس هي الاخرى الى هناك.. ان هتافات الفرح من القدس من شأنها ان تُستبدل ببكاء من النوع المعروف. من يحتاج الى هذا.

 

 

 

كلمات دلالية