خبر دولة ثنائية القومية في فلسطين- هآرتس

الساعة 10:21 ص|08 يونيو 2017

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

لم تكن هناك حاجة الى خمسين سنة من الاحتلال كي نعرف أن حرب الايام الستة قد بلورت الوعي الكولونيالي في اسرائيل. فمنذ اقامة المستوطنة الاولى، كفار عصيون، تبين أن الحديث لا يدور عن احتلال كورقة للمساومة، أو السيطرة على المناطق من اجل التوصل الى اتفاق سلام، مثل اغلبية الاحتلالات الكولونيالية، اسرائيل ايضا اضطرت الى أن تفهم، بالقوة، أن عليها الانتقال من نظرية « الاحتلال المتنور » تجاه العرب الذين ليست لهم هوية قومية، الى الاعتراف بالشعب الفلسطيني وقيادته السياسية.

اسرائيل بسخاء منها منحت الفلسطينيين لقب شعب وقومية. ولكن بدون الحقوق التي تشتق من ذلك، أي اقامة دولة خاصة بهم، لأن اسرائيل غير مستعدة للتنازل عن الهدية التي حصلت عليها في حرب الايام الستة، وهي أن تكون دولة بدون حدود.

المسألة لم تعد حاجة أمنية منذ زمن، مثلما حاولت خطة ألون أن تثبت ذلك. اخلاء المستوطنات في حرب يوم الغفران في الضفة الغربية وفي هضبة الجولان، والعبء العسكري (الاخلاقي) الكبير الملقى على الجيش الاسرائيلي في حماية هذه المستوطنات، يثبت ذلك. ايضا الرعب السياسي من اخلال المستوطنين ليس مبررا بما يكفي. اسرائيل انسحبت من شبه جزيرة سيناء ومن قطاع غزة ومن مناطق في شمالي الضفة، وأعطت السلطة الفلسطينية الادارة الكاملة عن مناطق أ و ب. وهذا لا يعني أن اخلاء المستوطنات هو أمر بسيط ورخيص، لكن فجوة كبيرة تفصل بين التمسك بالصعوبة التقنية لاخلاء مستوطنين وبين عدم الاستعداد لوضع سياسة مصممة، تلتزم باخلائها بشكل يحول المستوطنات الى مستوطنات غير قانونية.

هذه القانونية لم تُمنح لها في فترة حكومات اليمين فقط، الانتصار في العام 1967 هو الاساس لها. ويبدو أنه كلما كان الانتصار أكبر فان مبرر الحفاظ على الغنيمة كان أقوى، اذا منحت الحرب « الحق » بأن تفعل ما تريده بالغنيمة، فان الخمسين سنة التي مرت حتى الآن عززت الشعور بالملكية وحولتها الى أبدية. تعبير « تنازل اسرائيلي » أصبح مفهوما يثير الخوف والفزع بسبب الحاقه الضرر بالانتصار المقدس.

« التنازل الاسرائيلي » تطور وأصبح خدعة مقبولة حتى على اليسار في اسرائيل، وهو يُغيب حقيقة أنه ليس مطلوبا من اسرائيل التنازل عن اراضيها، بل اعادة اراض ليست لها. هكذا سقط اليسار في شرك اليمين، حيث أنه بدل « التنازل » عن الاراضي خلق هذيان الدولة ثنائية القومية. عيش الاخوة معا، حيث للفلسطينيين حقوق مساوية لحقوق اليهود، فكرة رائعة ستخلد حرب الايام الستة: بدلا من التنازل عن مناطق تتم اقامة دولة بدون حدود في ارض اسرائيل الكاملة. ستقام دولة ابرتهايد حقيقية، حتى لو حصل الفلسطينيون رسميا على حق التصويت، فلن يكون من حقهم تحقيق طموحهم في الحصول على دولة خاصة بهم. وكأن حقوق الانسان والمواطن هي البديل عن الحقوق القومية. هذه التجربة المعوجة قامت بها فرنسا عندما قامت بضم الجزائر وحولتها الى مقاطعة فرنسية، وحرب التحرر الجزائرية فجرت هذا الوهم.

الدولة ثنائية القومية لا يمكنها أن تعيش مع نفسها بناء على الموافقة، وليس كبادرة رحمة أو تسامح. ولكن من يعنى جدا باقامتها مدعو لاجراء التجربة في المختبر الذي انشأته حرب الايام الستة. اذا كانت هناك حاجة الى دولة ثنائية القومية فلماذا لا يتم البدء بفلسطين؟ مثلا اقامة كانتونات يهودية داخل الدولة الفلسطينية، واصلاح الصحراء الفلسطينية اليهودية من خلال المنح والاستثمارات، وتشكيل برلمان مشترك ونظام حكم مشترك، والسماح للمستوطنين بالاحتفاظ بالمواطنة الاسرائيلية مثل يهود الولايات المتحدة أو يهود فرنسا.

دولة ثنائية القومية في فلسطين لن تقلل من ملكية اليهود للاماكن المقدسة، وهكذا سيهدأ المبدأ المسيحاني. وهي ستكون منزوعة السلاح، ومواطنوها اليهود سيكونون تحت الحماية الاسرائيلية. هل يبدو هذا غير صحيح؟ ليس أكثر من اقامة دولة ثنائية القومية بين رفح ونهر الاردن.

كلمات دلالية