بقلم: مئير عوزيئيل
لنتحدث قليلا عن الاعداد في حياتنا. نشر مؤخرا في القناة 2 استطلاع جاء فيه ان الليكود نال 30 مقعدا. هذا يعني، ان الليكود هو الحزب الاكبر، والفارق كبير. بنيامين نتنياهو نفسه انتخب كالمرشح الافضل لان يكون رئيس الوزراء، بفارق حتى اكبر من ذلك. هكذا اعتقد 35 في المئة من الناخبين، والذي هو اكثر من 30 مقعدا. (هذا في واقع الامر 42 مقعد أو بحساب معاكس 30 مقعد هي 25 في المئة فقط).
يدور الحديث عن مسافة واسعة، اوسع من مضاعفة، عن الشخص الثاني الذي يعتقد الاسرائيليون انه مناسب لان يكون رئيس الوزراء. والمقصود هو يائير لبيد الذي حصل على 14 في المئة. وبات الفرق هائلا حقا في المرشح التالي: ايهود باراك الذي اعتقد 9 في المئة فقط انه مناسب، دون الحديث عن الفرق الهائل عن زعيم المعارضة والمعسكر الصهيوني اسحق هرتسوغ. 4 في المئة فقط يعتقدون انه مناسب لان يكون رئيس الوزراء. هامشي لدرجة انه غير موجود. هذا يشهد عما يعتقده الشعب بالنسبة لكفاءات نتنياهو وليس اقل من ذلك عن انعدام البديل مقابل مستوى الآخرين.
حسن، لن ابدأ بتصديق الاستطلاعات بسبب هذا الاستطلاع، ولكن لنفترض ان الاستطلاع يمثل الواقع. مفاجيء جدا، أليس كذلك؟ نتنياهو، الذي لا يوجد تشهير لا يشهر به بثبات ونشاط في وسائل الاعلام كل يوم، يتصدر بفارق كبير. غريب بقدر لا يقل ان الليكود الذي ينجح في كل يوم في أن يوفر أخبارا سلبية عن سلوك نوابه ونشطائه، يبقى الحزب الاكبر.
ألا يؤثر اورن حزان وعجائبه على الاطلاق على الجمهور؟ هل نزعة الاستمتاع التي يركض نتنياهو خلفها لا تنثر الاسرائيليين حتى ولو قليلا؟ ليته كان لنا ليكود يبعث فيه النواب على الاحترام وليته كان لنا رئيس وزراء تواضعه مثالي. ولكن الموجود هو الليكود ونتنياهو. والشعب يجلس ويفكر بالنقيض الذي يسمعه في وسائل الاعلام كل يوم كما يسمع القائم، وبعد تفكير يختار نتنياهو ويختار الليكود لقيادة اسرائيل.
ذات مرة قال لي صحافي كبير في حفلة ما، بعد احدى الحملات الانتخابية خاب فيها ظن كل من حضر الحفل ان الاحزاب التي يريدونها خسرت مرة اخرى: « أترى، وسائل الاعلام لا تؤير، ها هو اليمين يفوز مرة اخرى ». قلت له: « بل هي تؤثر جدا، انظر كم مقعدا حصلت عليه احزاب اليسار. فهل تعتقد انه لولا وسائل الاعلام لكان هذا العدد الكبير سيصوتون للاحزاب التي تمثل مواقف غير منطقة بهذا القدر؟ » فانفجر ضحكا وركض ليروي هذه النكتة للاخرين.
لسنوات طويلة جدا أسمع بان وسائل الاعلام لا تؤثر. ها هي وسائل الاعلام يسارية، والشعب مع ذلك يصوت لليمين. ولكن لعل وسائل الاعلام تؤقر مع ذلك؟ لعله بدون وسائل الاعلام ما كان يمكن اقناع هذا العدد الكبير في اسرائيل بانه يوجد منطق في المواقف والحلول غير المنطقية على الاطلاق، مثل حل الدولتين، الارض مقابل السلام، او شعارات عقدة الذنب الذاتية، مثل « الاحتلال مفسد »؟ كل هذه ما كانت لتنال حتى الوصول الى مكانة مركزية في الخطاب الاسرائيلي والتأثير بهذا القدر الكبير على الانتخابات، لولم تكن هذه هي المواقف شبه الموحدة لوسائل الاعلام.
ماذا كان سيحصل لو كان التوزيع في وسائل الاعلام مثلما هو في الاستطلاع المنشور، وثلثه على الاقل كانت تكتب وتبث انطلاقا من الفهم الموضوعي بان نتنياهو هو الاكثر ملاءمة للقيادة، وان الحزب صاحب المواقف الصحيحة هو الليكود؟ هل يحتمل أن كنا سنرى ارتفاعا آخر في العطف لليكود ولليمين وبقدر أقل في اختيار احزاب اليسار وآراء اليسار؟
من جهة اخرى، لعلهم في الليكود فرحون بنتائج الاستطلاع الاخير، وأنا أفترض انه في محيط نتنياهو يرفعون نخب الفوز (شمبانيا وردية، هاها) على انتخابه، ولكن يمكن النظر لهذه الارقام بشكل آخر ايضا. فالارقام تقول ان واحدا من كل ثلاثة اسرائيليين يعتقد ان نتنياهو هو الاكثر ملاءمة، يكاد يكون الملائم الوحيد لان يكون رئيس وزراء، ولكن الاستطلاع يكشف ايضا عن ان اثنين من كل ثلاثة اسرائيليين لا يعتقدان ان نتنياهو ملائم لان يكون رئيس الوزراء. بلاد صغيرة وممزقة.