أثار فرار اثنين من الموقوفين من سجن أريحا أمس الأربعاء، تساؤلات كبيرة حول الكيفية التي تمكن منها الموقوفين الفرار من السجن المحصن بشكل كبير، وبما لا يقارن مع السجون الأخرى، حيث ينقل إليه كل من يتم تصنيفهم أمنياً بـ « شديدي الخطورة »،
وعلمت « الأيام » أن عدداً من قيادات الشرطة والأجهزة الأمنية، في اجتماع متواصل، للبحث حول الكيفية التي تمكن فيها الموقوفان من الفرار، بحضور محافظ أريحا والأغوار، يذكر أن الموقوفين متهمان بالمشاركة في قتل رجال أمن فلسطينيين بمدينة نابلس.
وكان المتحدث باسم الشرطة المقدم لؤي ارزيقات، أعلن أمس الأربعاء، عن تمكن جهاز الاستخبارات العسكرية وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على أحد الموقوفين الفارين، وأن العمل ما زال جاريا لتحديد مكان الموقوف الآخر؛ لضبطه.
بيان الشرطة الأول جاء مقتضباً، تحت عنوان « فرار موقوفين من مركز إصلاح وتأهيل أريحا »، حيث أفاد المتحدث باسم الشرطة المقدم ارزيقات بفرار موقوفين اثنين من مركز إصلاح وتأهيل أريحا.
وأشار ارزيقات إلى أن الشرطة باشرت على الفور في إجراءات التحقيق، والبحث، والتحري.
ويعرف سجن أريحا بشدة الإجراءات الداخلية، والمحيطة به، بحيث يصعب الهرب منه، وكأنها مهمة شبه مستحيلة، فوفق تقارير إعلامية يوجد لكل غرفة فيه باب حديدي من النوع السميك، إطاره محاط بمطاط قوي عازل للصوت، ولا نافذة فيه، إلا فتحة صغيرة لا يفتحها إلا السجان من الخارج، ليحكم مراقبته على النزلاء أثناء وجودهم داخل غرفهم، وأيضا لا نوافذ للغرفة بالمعنى المعروف، إلا من « طاقة » في أعلى بعض واجهاتها، مغلقة بصفيح من الحديد المخروم، لا يسمح إلا بدخول القليل من الهواء ولا شيء من الشمس.
وحسب تقرير صادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) في العام 2001، فإن مركز إصلاح وتأهيل أريحا يقع في مبنى المقاطعة في مدينة أريحا ويتكون المركز من خمس غرف مقسمة إلى قسمين لكل قسم دورة مياه والتهوية والإنارة متوفرة، سواء بصورة طبيعية من خلال النوافذ والأبواب، أو من خلال أعداد كافية من « النيونات ».
وأضاف التقرير، يوفر المركز للنزلاء الاتصال بالعالم الخارجي من خلال الصحف اليومية، والاتصال بذويهم هاتفياً من خلال مكتب الإدارة، والسماح لذويهم بزيارتهم كل يوم سبت.
ويفصل المركز بين السجناء الأمنيين وغيرهم، كما لا يقبل بإدخال الأحداث إليه، لكنه يعاني من عدة مشاكل، بينها، حسب التقرير: البناء غير مصمم كمركز تأهيل وإصلاح فقد خصص لحظة بنائه إبان فترة الانتداب البريطاني كإسطبل للخيول، وهو بحاجة إلى غرف للمراقبة، وتحديث شبكات المجاري والكهرباء، وإلى أسرّة حيث ينام النزلاء على الأرض، ويحتاج أيضاً إلى عيادة طبية متخصصة.
يشار إلى أنه في العام 1998، أصدرت السلطة الوطنية الفلسطينية قانون مراكز الإصلاح والتأهيل رقم 6 للعام 1998، والذي استبدل اسم السجون باسم مراكز الإصلاح والتأهيل، وفي الثالث من حزيران من العام نفسه أصدر الرئيس الشهيد ياسر عرفات القرار رقم 23 لسنة 1998، الذي اعتبر فيه المديرية العامة لمراكز الإصلاح والتأهيل إحدى إدارات الشرطة، وفوض مدير الشرطة جميع الصلاحيات المخولة لوزير الداخلية بمقتضى قانون مراكز الإصلاح والتأهيل، وإن بقيت بعض السجون التي تعرف بالعسكرية تحت إدارة الأمن الوطني.
ومع كل ما سبق يعيد التساؤل الذي يحمل الكثير من الاحتمالات، والتأويلات، بانتظار رواية الشرطة والأجهزة الأمنية المختصة: كيف فر الموقوفان من سجن أريحا؟!