بين الصحة والأمن

خبر علاج مسلحون سوريون في « إسرائيل » يتسببون بخلافات حادة

الساعة 08:15 ص|05 مايو 2017

فلسطين اليوم

منذ أنْ أقرّت إسرائيل بأنّها تقوم بتقديم العلاج لجرحى كوادر وأعضاء التنظيمات المُسلحّة في سوريّة، والتي تُحارب من أجل إسقاط نظام الرئيس بشّار الأسد، انتشرت العديد من التقارير الصحافيّة حول الهدف من هذه الخطوة، وأكثر من ذلك: السؤال الذي ما زال مفتوحًا وبدون جوابٍ: مَنْ هي الدولة أوْ الدول التي تقوم بتسديد نفقات علاج هؤلاء الجرحى في المُستشفيات الإسرائيليّة؟ علمًا أنّ التكلفة تصل في الشهر الواحد إلى حوالي 10 ملايين دولار!.

إلى ذلك، وفي تقرير يُثبت مستوى العلاقة التي تربط الدولة « العبريّة » بالمجموعات الإرهابية في سوريّة، نشرت صحيفة “هآرتس″ تحقيقًا حول الخدمات التي تقدمها المستشفيات « الإسرائيليّة » لجرحى المسلحين السوريين الذين يتوافدون إليها بشكل يومي تقريبًا، وتداعيات هذا الأمر على الدولة العبريّة.

وذكرت الصحيفة أنّ أحد الجرحى ويُدعى راجي، فضّل « إسرائيل » على الأردن، قائلاً: سمعتُ الكثير عن العلاقة الطيبة والعلاج الجيد الذي تقدمه المستشفيات في « إسرائيل »، مقارنة مع قصص مؤلمة عمّا حصل في الأردن، على حدّ قوله.

وبحسب الصحيفة، فإنّ مدير قسم الفم والفكين البروفيسور سامر سروجي استقبل راجي، وهو الذي أشرف على علاجه، منذ حضوره إلى المستشفى لحوالي سنة ونصف، مضيفةً أنّ الجريح السوري أصبح يتحدّث اللغة العبريّة وهو اعتاد على طعام المستشفى، كما أكّد تقرير الصحيفة « العبريّة ».

وأضافت الصحيفة قائلةً إنّ المستشفيات في الدولة « العبريّة »، وعلى رأسها مستشفى نهاريا، تعمل في السنوات الأخيرة كما لو أنّها مناطق حرب بكلّ ما للكلمة من معنى.

وتابعت قائلةً إنّ المركز الطبي للجليل، في نهاريا، والذي يبعد عن الحدود مع لبنان حوالي 10 كلم، وهو المستشفى الثاني من حيث حجمه في الشمال بعد مستشفى رمبام في حيفا، وهذا المركز منذ العام 2013، أي في السنة التي بدأت فيها « إسرائيل » باستقبال جرحى المسلحين السوريين، تحوّل إلى أحد المراكز الطبية الرائدة في العالم في معالجة جرحى الحرب، حسب تعبير الصحيفة الإسرائيليّة.

وأشارت الصحيفة العبريّة في سياق تقريرها إلى أنّه في السنوات الأربع والنصف الأخيرة عولج في الدولة « العبريّة » حوالي 1600 جريح سوري، أيْ 70% من الجرحى السوريين الذين دخلوا إلى « إسرائيل »، مضيفةً أنّ هؤلاء الجرحى يتلقون العلاج وتُجرى لهم عمليات جراحية معقدة يعودون بعدها إلى سوريّة، وأنّ فترة بقاء كل جريح سوري في الكيان تبلغ 23 يومًا بمعدل متوسط، في حين أن بعضهم يبقون أشهرًا، وحتى سنة ونصف مثل حالة الجريح السوريّ، الذي أطلقت عليه الصحيفة اسم (راجي).

وفيما يتعلّق بالتكلفة المالية الباهظة، قال مدير مستشفى نهاريا الدكتور مسعد برهوم لصحيفة “هآرتس″ إنّ الجريح السوري يكلِّف المستشفى أكثر من المرضى الآخرين، لأنهم يخضعون إلى عمليات جراحية متعددة، ويحتاجون إلى علاج يشمل في مرات كثيرة زرع أجهزة مكلفة، وهناك جرحى بلغت تكلفة علاجهم أكثر من مليون شيكل، على حدّ قوله.

وعلى ضوء ذلك، أوضحت الصحيفة أنّه وبعد نقاشات صاخبة في الكنيست وتهديدات وزير الصحة، يعقوب ليتسمان، الذي أعطى تعليماته للمستشفيات بالتوقف عن معالجة الجرحى في حال لم يتم الوصول إلى حل للمشكلة، تم الاتفاق في الشهر الماضي بتوجيه من مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأنْ تقسّم تكلفة معالجة الجرحى السوريين بشكلٍ متوازٍ بين وزارة الصحة ووزارة الأمن.

بالمقابل، كشفت المصادر في « تل أبيب » النقاب عن أنّه تقرر تشكيل طاقم بمشاركة ممثلي وزارتي الصحة والأمن، يقوم بتدقيق شهري حول الكلفة الفعلية للعلاج الطبي للجرحى، علمًا أنّ هذا الطاقم، بحسب الصحيفة، لم يبدأ عمله بعد وتعاني المستشفى في نهاريا من العجز الأكبر في تاريخها. وبحسب مدير المُستشفى د. برهوم، فإنّ دين الدولة للمستشفى وصل إلى 220 مليون شيكل، على حدّ قوله.

وبحسب معلومات “رأي اليوم” قرّرت إدارة المركز الطبيّ للجليل الغربيّ في نهاريا إقامة قسم خاص لمعالجة الجرحى السوريين، لمنع احتكاكهم بالمرضى الآخرين، خصوصًا أنّ أغلبية المرضى الذين يُعالجون في المركز نفسه هم من العرب الفلسطينيين.

علاوة على ذلك، يبدو أنّ تكاليف الحراسة المشدّدة على الجرحى باتت تقض مضاجع دوائر صنع القرار في جيش الاحتلال، إذ بحسب المصادر عينها، يحرس جنود من جيش الاحتلال الغرف التي يُعالج فيها الجرحى السوريون على مدار الساعة، ويمنعون أيّ شخص من الاقتراب إلى الغرفة سوى الطاقم الطبيّ.

وفي هذا السياق، كشف النائب السابق في الكنيست، الشيخ عباس زكور، النقاب عن أنّ إدارة مستشفى الجليل الغربي في نهاريا سعت إلى البحث عن أوصياء من عرب الداخل للجرحى السوريين الأطفال.

وقال لـ”رأي اليوم”: “لقد قامت إدارة مستشفى نهاريا بالاتصال بالمحكمة الشرعيّة في عكا سعيًا منها في البحث عن أوصياء من عرب الداخل لهؤلاء الأطفال، وخاصة في الموضوع الطبيّ، أيْ بمعنى أنْ يكون لكلّ طفلٍ سوريٍّ وصي يوقع على استمارة العملية الجراحية للطفل بغياب أهله السوريين”.

وتابع الشيخ زكور قائلاً: “في الحقيقة أدركت أنّ هناك أمورًا غامضة وألغازًا بحاجةٍ لحلٍّ في هذه القضية، ولا بدّ من كشفها، لذلك رفضت طلب المستشفى”.

ولفت إلى أنّه توجّه إلى المستشفى، والتقى أحد الأطفال، الذي كان بحاجة لعملية جراحيّة، ولكن تبينّ له أنّ والده كان موجودًا في المستشفى، وقام بإبلاغه بأنّه من المُعارضة المُسلحّة، عندها، قال الشيخ “قررت الابتعاد عن هذه القصّة ولم أعُد بعد ذلك لعيادة الجرحى السوريين”.

وعن تمويل العلاج قال زكور إنّ “إسرائيل تربح عليهم كثيرًا”، في ما يبدو هناك جهة خارجيّة عربيّة تتكفل بالعلاج.

وبسبب الأزمة الاقتصاديّة التي تعيشها الدولة « العبريّة »، فإنّ الخلاف بين وزارتي الصحة والمالية الإسرائيليتين تأجج في الفترة الأخيرة حول قضية دفع تكاليف علاج جرحى المعارضة السوريّة.

كلمات دلالية