خبر بين السرايات.. بقلم / خالد صادق

الساعة 05:02 ص|03 مايو 2017

فلسطين اليوم

يرتبط اسمها بالمعاناة, ويعرفها كل الأسرى الذين اعتقلهم الاحتلال الصهيوني, كانت محصنة وشديدة الحراسة, ورغم ذلك اخترق حصونها « أقمار ستة أكتوبر » بعد ان فر الاحتلال من غزة هاربا, تساقطت صواريخ الطائرات عليها فتحولت إلى ارض خلاء, لكن رائحة الأسرى الأبطال لا زالت تنبعث من بين الركام, وتدل على البطولات الكبيرة, والتضحيات الجسام والعمل النضالي الكبير لهم, فرغم أنها كانت سجنا ومركزا للتعذيب والقهر, لكنها كانت رمزا للصمود والعزة والكرامة, وعنوانا يدل على بشاعة الاحتلال.

ما ان تقترب من ساحة السرايا حتى تطرق مسامعك الأناشيد الوطنية, وهتافات المحتشدين, ودبيب الأقدام الصاخب, ونداءات الباعة المتجولين, يأخذك مشهد الخيام المنتشرة في ساحة السرايا دائما إلى الذاكرة, ويعود بك من أحداث النكبة والنكسة, إلى معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها الأسرى الأبطال, فالمعارك كلها تدور على مشهد الخيام, وكأنها قدرنا الذي لا مفر منه, فالخيمة أصبحت رمز لغربتنا وصمودنا على حد سواء.

بين الخيام شباب منتشرون يحملون الماء, وآخرون يقومون بتعليق الشعارات وصور الأسرى الأبطال, ومثلهم يحملون الكراسي ويهرعون من مكان لمكان, لتسكين الزوار وتوفير الأماكن المناسبة لهم, هناك خيمة تحمل صورة احمد سعدات, وأخرى لمروان البرغوثي, وخيمة لصورة حسن سلامة, وأخرى لزيد بسيسي وفراس صوافطة, ويسري المصري, وانس جرادات, وسميح الحداد, وعمار عابد, واحمد الشيباني. وغيرهم العشرات من الأسرى الأبطال, في كل الخيام هناك ازدحام وكلمات تلقى وهتافات تردد.

أمام الخيمة وتحت حرارة الشمس, يصطف عشرات القادة من كافة الفصائل لاستقبال المتضامنين, وتتلاحم الأكف وتشد الأيادي, وتتعانق الأرواح, كأنها تبعث بالرسائل للأسرى أننا نقف معكم موحدين, لن نخذلكم, ولن نتخلى عنكم, هذا عهدنا إليكم, لقد تحولت السرايا إلى سرايات, وبين السرايات يتوحد المشهد في كل مكان معركة من معارك التضامن مع الأسرى, وفي كل لحظة تتوافد الوفود الفصائلية والعائلية والوزارية والنقابية والشعبية, أم شهيد تجلس إلى جوار أم الأسير تشد من أزرها وكلتاهما تتحاوران حول رحلة العطاء والتضحيات التي لا تنضب, وطفلة أو زهرة تقف شامخة إمام صورة أبيها أو أخيها أو جدها الأسير الذي طال انتظارها له, ووالد أسير يتكأ على وجعه وألمه, وهو يستحضر صورة ابنه الراقد في زنزانته, لا يدخل الطعام فاه منذ أسبوعين, لكنه يستند على الأمل دائما, فهناك جنود صهاينة أسرى, وصفقة منتظرة, وإذعان صهيوني لإرادة المقاومة, والاستجابة لمطالبها رضوخا وهم صاغرين.

لم ينته المشهد بين السرايات, فالمشاهد كثيرة ومتعددة, وكلما طال إضراب الأسرى, زاد اليقين بحتمية النصر وانتزاع الحقوق من بين أنياب المحتلين, نعم الأسرى لا يهزمون, تعلو صرخة طفل من بين الخيام – الحرية للأسرى- تردد أم أسير سنبقى معكم في جوعكم فاصمدوا أيها الأبطال- يهتف شاب إنا أوفياء لكم سنحرركم من قيدكم, فيرد والد أسير مقاومتنا رمز عزتنا النصر لنا, ويبقى المشهد قائما لن ينقطع إلا بانتصار.

كلمات دلالية