خبر مدينتي.. يا غَزَّةَ الوحيدة.. يا غَزَّةَ الفريدة... علي عقلة عرسان

الساعة 08:21 ص|23 ابريل 2017

غَزَّة..

 صباح الخير..

عامٌ جديدٌ، وأمل جديدٌ لك، يا الفريدة في المعاناة، والوحيدة في الحِصار، والمعزولة عن العالم، والمنسية من ذويها، والمنكوبة بصمت مريب.. في عالم عجيب.

عامٌ « سعيد » يا مَدينَة..

يا البيْت، بطَعْمِ الرَّماد..

يا الحزنُ، بثوْبِ الحِداد..

يا الأصْلُ.. يحفظُهُ القلبٌ،

يذكُرُه المِداد..

عام « سعيدٌ » يا مَدينة.

تَحْدِينَ في البيد..

يجيبُكِ الصَّدى،

تستغيثين..

تَمْتَدُّ « النَّجدَةُ » مُدى..

وتَبْرُدين، فيشعلونَك ناراً،

يتدفأُ على جَمرِها العِدا..

وتَرفعُ ألسنتُها الأنين.

حزنٌ فريدٌ، يا وحيدة..

عامٌ حزينٌ، يا « سعيدة!! »..

 أَنتِ جرحيَ والوَصَب..

أَنت صموديَ العَجَب..

عام « سعيدٌ »!!، يا مَدينة.

- 2 -

تُقبلِين على اللَّحدِ يا أُمي، بين جِدارَين،

واحدٌ من صُنعِ فِرعونِ العصر،

وآخرُ من صُنْعِ « قومِ موسى »..

واحدٌ في الأرضِ من فولاذ،

وآخر من كَرَاهية تَفترِش التُّخوم..

وما بينهما، يا أُمي، موت..

تصمتين، وتعجَبين، وتصمُدين، وتُنشِدين، وتصرُخين..

تُنْصِتينَ، وتنظرين..

وتُنْصتينَ، وتنظرين..

ما في المَدى إلا الصَّدى..

يا أمي..

ما في المَدى إلا الصَّدى..

ها أَهلُنا كالرَّملُ، وسعَ الأرضِ.. ملءَ الأرضِ..

رملٌ.. مَدُّهُ يؤذي العُيون،

ولا رؤىً في الرَّملِ، فالبَيْدا ظُنون..

إنَّا نَهونُ عليهم، إنَّا نَهون.

- 3

فريدةً في الحَال،

وحيدةً في السَّاح،

عَميقةُ الجِراح،

عَصيَّةُ المَنال..

مدينتي..

يا شوكةً.. ويا تباريحَ العِدا..

يا غَزَّةَ الفَريدَة..

يا غَزَّةَ الوحيدة..

يا أُمي المجيدة.

تصابرينَ.. ترسلينَ الشُّهَدَا..

أَنوارُهم ضوءُ الصَّباحِ..

يهتفونَ بالجموعِ: للفِدا.. إلى الفِدا..

يأتيك مَدُّ نِدائهم، رجعً الصَّدى..

يأتيكِ في ثوبِ المَساءِ، ملَبَّدا..

« صَمتاَ ».. وتَرداد الصَّدى.

ما في المَدى إلا الصَّدى..

ما في المَدى إلا الصَّدى..

وتصبرينَ، تصمُدينَ، وتُنْشِدين..

وترسلينَ الشُّهَدا..

ها.. والنِّدا خلفَ النِّدا:

« يا أُمَّتي حَانَ الفِدا..

هذا أوانُ الشَّدِّ، فاشتدِّي عطاءً وفِدى..

يا أمتي حانَ الفِدا.. ».

لكنَّه..

 ما في المَدى إلا الصَّدى.

- 4 -

يا قلبَ غَزَّةَ..

يا دمَ الأطفالِ مطلولاً،

على مَدِّ الشواطئِ والرِّمال..

يا أَبْحُراً من الدِّماءِ والفِدا..

يا ساحةَ الرِّجال..  

خيلُ اليهودِ على الحدودِ، وخيلُ أَهلِكِ ضدَّ أَهلِكِ،

في الصّفوفِ معَ العِدا..

أَمَا تَرينَ.. كأَنَّهم بُعْدُ السَّرابِ عن الشِّفاهِ..

ونارُ ليلٍ مُرْمِدَه..

ووجهُ شُخٍّ أربدا..

وعينُ شيخٍٍ أَرمَدا..

وظِمؤُ أكباد الأخوة، ريُّ أكباد العِدا !؟

« لا »تندَهي« .. ما في حَدا.. »..

« لا.. »تندَهي« .. ما في حَدا.. »..

ما في المَدى إلا الصَّدى.

- 5 -

يا أُمي الحَزينَة..

يا غَزَّةَ.. الطَّعينَة..

في أَيِّ وقتٍ أَنتِ..؟!

في زَمنَ الأوَّلين، أم زمَنَ الآخِرين..

كيف الطعامُ، والكِساءُ، والدَّواءُ، والوَلَد..

كيفَ تُهَلِّلين..؟!

ما طعمُ وقتكِ، والمَدى..

ما لَونُ أرضِكِ. والسَّما..

ما ذا يقولُ المَاء..

ما ذا يقول البحرُ، والهواء..

وموجةٌ رَعناء..

لقاربٍ من طين..

عليه تُحْمَلِين..

من نُوحِ الأوَّلين..

لنُوحِ الآخِرين..

ما ذا يقول المَاء..

يا أُمَّنا السَّمراء.. 

في عامِكِ الجديد،

أيْ عامك الحزين!؟

قولي لنا.. يا أمَّنا « السعيدة »..

في عامِها الوليد..

يا غَزَّةَ الوَحيدة..

في عِزِّها التَّليد..

يا غَزَّةَ الفَريدة..

في عامها الجديد.؟!

- 6 -

لا صوتَ.. لا صَدى..

قد أُغلِقَ المَدى..

مدينتي ما بين لَحَّادَيْن..

فرعونُ واليهود.

وتَكثُر الحدود..

وتَكبُرُ الجُدرانُ، والقيود..

وأُمَّتي صًدى..

تُصَعَّرُ الخُدود..

وتُنثَرُ الوعود..

وأنت يا مدينتي أَمل..

قاماتُ صَامدين..

صبرُ المُجاهدين..

عَزمُ المُحَرِّرين..

وشُعلَة اليَقين..

بأنَّهُ.. لا بُدَّ أن يحين..

نصرُ المقاوِمين..

تحريرُ فلسطين. 

- 7 -

مدينتي..

يا غَزَّةَ الجِهادِ والعَمل..

وجرحِ الصَّابرين..

يقينُ العَابدِين..

وبَيْدَرِ الأنين..

في عامِكِ الحَزين..

لَأنتِ وحدَكِ الأََمل..

وشعلةُ الإيمانِ واليَقين..

عَرينُ الصَّامدين. 

معزولةٌ.. نَعَم..

عن أُمَّةٍ مشلولةِ اليمين،

لا عندها غوثٌ، ولا تُُبين..

وتُرْهِقُ المُغيثَ إذ يأْتي بما يُعين..

.. في عالمٍ، قوقعةٌ من طِين،

منكوبةٌ بصمتِهِ، وعُقْمِهِ المُبين.

أطفالُك الصِّغارُ يصرخون،

بملءِ صوتِ الحقِّ، يصرخون:

« نريدُ سَقفاً فوقنا، لبيتنا.. من قَصَبٍ وطِين..

نريدُ عِلْماً نافِعاً.. كمثلِ آخَرين..

 نريدُ أن نلعبَ.. أن نكونَ.. أن نعيش..

ككلِّ أطفالِ الدُّنا من حَولنا..

نريدُ أن يزورَنا الأمانُ والفَرح..

نريد حقاً من حقوق العالمين..

نُريد.. أيْ.. نُريد.. ».

والعالمُ اللَّعين..

لا يسمعُ الصُّراخََ، والدُّعاءَ، والأَنين..

لا ينصفُ المَظلومَ، والمَحرومَ، والمِسكين..

أذناه ضَخمتان.. ضَخمتان..

لكنَّما.. 

واحدةٌ من طين، وأُخرى من عَجين..

لا يسمعُ النِّداءَ، والصُّراخَ، والأَنين..

 يلغوا، ويثغوا.. إنَّما..

لا ينصفُ المَظلومَ، والمقهورَ، والمَحرومَ، والِمسكين..

لا يصنع الفرح..

 مدينتي..

يا غَزَّةَ الحَزينة..

في عامِها « السعيد؟ »، وعمرِها المديد..

لكِ الأَمل..

مدينتي لكِ الأََمل..

ونصرُك المُبين..

على جَناحِ الحَقِّ، واليَقين.

ترقبُه العيون، تصنعهُ المقاوَمَة..

مدينتي.. لكِ الأَمل.

 

كلمات دلالية