خبر هجوم عباس والتغيير جواباً

الساعة 09:37 ص|15 ابريل 2017

فلسطين اليوم

بقلم: عدلي صادق

لعل الفرمان الذي قيل إن وفداً من مركزية عباس، سيحمله الى حماس لكي تستسلم؛  يساعد محمود الزهار مثلاً، على التفكير في محاكاة تجربة سيف الدين قطز، مخصوماً منها قطع روؤس الوفد المغولي الذي جاءه ليعرض عليه الاستسلام، وتعليقها على باب زويلة في قاهرة المُعز. فصياغة الفرمان، كانت ذات نَزَقٍ مغولي، ينم مضمونها عن استهداف الناس، لا استهداف المماليك الذين يحكمون. ففي الصياغة كانت هناك بعض الإطالة لتعظيم هولاكو حفيد جنكيز. أما الوعيد فكان قصيراً، وقد أسمعه للناس رُسل الغُزاة: لا تُطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب، قبل أن تُضرِمُ الحربُ نارَها، وترمي نحوكم ِشَرارها، وتَدْهَون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم بسيوفنا خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم، والسلام علينا وعليكم وعلى من أطاع الهدى وخشي عواقب الردى، وأطاع المَلك الأعلى« !

غير أن أول الخازوق، الذي مُني به ذلك المَلِك الأعلى، صاحب الفرمان في القرن الثالث عشر، كان في غزة قبل سواها، في شهر شعبان. وبعدئذٍ، اكتمل الخازوق في عين جالوت، في شهر رمضان الذي تلاه!

 يبدو أن المعركة باتت وشيكة. عباس يهجم، وسيتبدى الزهار على سبيل المثال، يدافع ويقول إن الناس معه، بينما تقول الناس إنه معها لمآرب أخرى!

 لقد بات من بين معطيات المعركة، أن عباس يفتقد الى المحبين الحقيقيين. فالمحيطون به، انتهازيون يتمنون له الهلاك. أما لجنته المركزية، فلا يعلو دورها عن مستوى الكومبارس الذي لا يليق بأخف عروض إسماعيل ياسين السينمائية. فالكومبارس القديم، يمكن أن يغادر خشبة المسرح أو الاستدوديو، لو أن المخرج، خاطب بعضهم بكلمات نابية، مثلما خاطب عباس بعض مركزيته في اجتماع يوم السبت الفائت!

بالمقابل، تعلم حماس أن الهجوم ليس عليها، وأنما على الناس بذريعتها.  فما الذي يريده لنا هؤلاء، عندما يرتسم المشهد، ويكون فيه الهجوم أسوأ من الدفاع والعكس صحيح؟! ومن ذا الذي بمقدوره أن يأخذ هؤلاء، من الطرفين، الى مسابقة معرفية، ويسألهم عن معنى مصطلح الشعب، ومصطلحات أخرى كالكرامة في الحياة، والعدالة في الحكم، وأن يستفسرهم عن أنبل المعارك التي يتمنونها، وعن أعز الأهداف؟!

صاحب الفرمان بمنطق »التسليم وإلا" يكذب ويتقمص دور المحزون على غزة، وبكل وقاحة يصف الشعب فيها بأنهم الأهل، ظناً منه أن الناس ستقبض منه حرفاً واحداً، فيما هو يسعى الى استكمال الحصار، وشطب آخر بقايا ما ظلوا يتحصلون عليه من حقوقهم!

كأن الرجل الذي يدعو الى انتفاضة ضد حماس، زعيم مُقدّر، جميل الشمائل، لكي يسمع الشعب كلامه ويهجم على حماس!

من جهتها، لم تجد حماس ما تقوله وما تفعله، سوى الهجوم اللفظي على عباس، وحرق صورته، وهذه أمور اعتاد عليها ولا تؤثر فيه. كان ولا زال الأجدر بحماس، أن تعلن عن مشروع للتخلي عن الحكم وإعادة الاعتبار للشعب لكي يقرر. ولكي يكون هذا المشروع ذا سياق سياسي تفخر به حماس ويحظى باحترام أحرار فلسطين قاطبةً، تُدعى كل الأطياف للمشاركة فيه، لأن إعادة بناء النظام السياسي، على أسس ديموقراطية، هي مطلب الجميع. وأن يكون هذا في مناخ حر أقل تعرضاً بكثير، لضغوط الاحتلال، إذ يُتاح للنظام السياسي أن يمارس دوره، بسلطة انتقالية، ومجلس تأسيسي وانتقالي منتخب، يلتزم المحددات الدستورية والقانونية، لكي يُبنى عليه فلسطينياً في سائر الوطن. لقد بات عباس ومعاونوه الأقربون، خطراً على القضية الوطنية وعلى الوئام الأهلي، وعلى المقدرات المتاحة، وخطراً على الثقافة وعلى التسوية نفسها مثلما هم خطر على المقاومة ويتهددون فكرة الشهيد المقاوم في جوهر مؤداها وعاطفتها. فلا شيء يدعو الى التريث حيال عباس، الذي لا دور له سوى إطاحة كل قيمة، في الحياة السياسية والوطنية!

إن مواجهة القبح لا تكون بقبح مضاد، ولن يُحاصر الفساد بفساد آخر، ولا التسلط الأمني على الناس سيُقاوم بتسلط أعتى، ولا الكذب العاري بالكذب مشفوعاً بالرياء الدنيي.

فالتغيير يكون بوحدة الطيف الفلسطيني، وهذا ما يستقطب تأييد خمسة عشر مليون فلسطيني في الوطن والشتات، لو إن من يحكمون في غزة، أتاحوا للوطنيين والإسلاميين، من كل الأطياف مأسسة التوجه الوطني الى التغيير!

كلمات دلالية