خبر مبارك يعود الى البيت -يديعوت

الساعة 09:38 ص|26 مارس 2017

فلسطين اليوم

فلافل، فول وعسل ملكات

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: حين تكون ثورة التحرير شبه ميتة، فان مرسي و « الاخوان » هم فقط أعداء الدولة. يمكن للسيسي أن يسافر بهدوء الى القمة العربية، ليواصل اللقاء مع ترامب ويبدأ بالاستعداد للانتخابات للولاية الرئاسية الثانية - المصدر).

 

مثلما في حملة عسكرية أخرجوا بسرية تامة يوم الخميس ليلا الامتعة الشخصية، كل ما تجمع في السنوات الثلاثة من الاعتقال في القسم الاكثر حراسة في المستشفى في حين المعادي. وفي الصباح وصلت السيارات، وادخل حسني مبارك في سيارة اسعاف تجاوزت أزمة السير في الطريق الى حي هيليوبوليس. وهو لم يعد « المخلوع » بل « الرئيس السابق »، الذي يعود الى منزل سكنه، الذي يطل على القصر الذي أدار منه مصر لثلاثين سنة. زقاق الشارع الصغير، والذي أعدوا له فيه عتاد الانعاش وفريق من ثلاثة اطباء، أغلقوه في وجه المشاة. وفي الحاجز لن يسمح الا بدخول من لديهم تصاريح خاصة. احد لا يغامر.

 

فكروا في هذا: عندما يخرج رئيس عربي الى الحرية بعد ست سنوات اعتقال، بعد أن ادخلوه في قفص من حديد واداروا ضده « محاكمة القرن »، فان هذا حدث غير مسبوق ليس فقط في مصر. فلم يسبق أن كان حاكم أخر اطيح في اعقاب عصيان مدني، حوكم في محكمة عسكرية، وطالب الادعاء العام له بعقوبة الاعدام، وتراوح قرار الحكم بين الحكم المؤبد وعشرات السنوات في السجن، وثلاثة انظمة – عسكري، ديني اسلامي وشبه مدني – عالجت القضية. احد لم يصدق بان هذا العجوز، الذي سيبلغ من العمر بعد شهرين 89 سنة، سيرى نور الشمس في الخارج في محطات حياته الاخيرة. في عهد المجلس العسكري الاعلى تلقى مبارك الاذن بالعيش في شرم الشيخ. وعندما صعد الاخوان المسلمون الى الحكم، ارسل الى قسم مغلق في سجن طرة. وعندما طير السيسي مرسي، حظي مبارك برفع للمستوى: غرفة مع اطلالة الى نهر النيل ورعاية طبية ملازمة.

 

محاميه الشخصي فريد الديب (الذي دافع قبل، دون نجاح كبير، عن عزام عزام الاسرائيلي) أخذ مبارك كمشروع حياته. فقد عقد الصفقات، لم يتنازل للمدعين وعرف كيف يستخدم الاعلام. وتباهى الديب أمس بتفاصيل وجبة الافراج الاولى على طاولة الزبون الذي عاد الى بيته: فلافل، فول مصري وعسل ملكات.

 

لقد اعلن مبارك بريئا من المسؤولية عن قتل مئات المتظاهرين ضده قبل ثلاثة اسابيع، وتأجل الافراج عنه عن قصد. فأجهزة الدولة سعت الى قياس مستوى غضب الشارع، لضمان الا يعود المتظاهرون وابناء عائلات الـ 850 قتيلا في الثورة الى الميادين. فعندما يتفجر الغضب، من الصعب الاعتماد على قانون حالة الطوارىء او على دبابات الجيش المصري التي تحيط بميدان التحرير. في هذه الاثناء فان هذا يمر بهدوء. من يغضب، ينفس على التويتر. نحو 90 مليون مصري منشغلون بملاحقة سلة الغذاء اليومية، يشتكون من ارتفاع اسعار بطاقات القطار السفلي الذي ينقل ابناء الحظ الى اماكن عملهم.

 

مشوق أن نلاحظ الفوارق بين التقرير المنضبط في وسائل الاعلام المسيطر عليها في مصر وبين الصحافيين الغربيين الذين يأتون للدفاع عن الديمقراطية. فهؤلاء يجدون من الصواب التشديد على أن حظ مبارك لعب في صالحه جدا عندما اصبح تلميذه السيسي هو الرئيس. اما اولئك بالمقابل فيجدون معنى خفيا في حقيقة أن مبارك هو آخر من افرج عنهم. فكل فلول حكمه – وزراء، موظفون كانت لهم مناصب اساسية ورجال اعمال عرفوا كيف يربطوا بين المال والسلطة – سبق أن عادوا الى بيوتهم. وبالمقابل، فان الاف الثوار الذين ملأوا الميدان، شبان رأوا في لحظة واحدة بقعة نور، عالقون حتى اليوم في ظروف بائسة في السجون.

 

هذه بالضبط هي الرسالة التي ينطوي عليها الافراج عن الرئيس الذي اخر في ظلمة الليل: لم تعد توجد ثورة. لقد أبقوا مبارك أخيرا، وليس ثمة من يأخذ المسؤولية عن قتل مئات المتظاهرين. بعد قليل سيبدأون بالحجيج اليه وهو سيكشف بعناية ما تراكم لديه في البطن. حين تكون ثورة التحرير شبه ميتة، فان مرسي و « الاخوان » هم فقط أعداء الدولة. يمكن للسيسي أن يسافر بهدوء الى القمة العربية، ليواصل اللقاء مع ترامب ويبدأ بالاستعداد للانتخابات للولاية الرئاسية الثانية.

كلمات دلالية