خبر عن قطاع الاتصالات ودعم الاحتلال.. معن سمارة

الساعة 04:59 م|23 مارس 2017

كتب

ثمة أمور تخرج عن نطاقها الاجتماعي الفلسطيني، وتدعو فعلا للذعر...

وثمة كلام يخرج عن المنطق، ويتوه تماما كما تتوه رؤانا العامة في فلسطين هذه الأيام.

وثمة رغبة في تدمير بنية اقتصادية تساهم في بناء المجتمع الفلسطيني، وتوفر فرص عمل كبيرة وحقيقية للكثير من الشباب الفلسطيني، وتدعم فيما تدعم الشركات الصغيرة والمؤسسات الاجتماعية التعاونية والنسوية في المناطق المهمشة والأرياف.

وثمة توجه عند البعض في أن تظل فلسطين معتمدة اعتمادا كليا على الدعم الخارجي للمؤسسات والطلبة والثقافة.

وثمة رؤية لتشويه الموظف الفلسطيني الذي يعمل في قطاع الاتصالات أمام أسرته وعائلته، وتصويره كأنه الغول الذي ينهش في البلاد وأهلها.

وثمة رجال أعمال مشبوهين يحاولون بيعنا فلسطينيتهم الكاذبة للتجارة في اقتصادنا، ومن ثم بيعه للمستثمر الإسرائيلي.

يمكن تلخيص صور الحراك ضد شركات الاتصالات الفلسطينية بهذه (الثمات) أعلاه برغبة البعض في قتل اقتصادنا الوطني عن سبق إصرار وترصد.

فهذا الحراك، والذي يبدو ظاهريا، بأنه حراك مطلبي اجتماعي نحن جميعا نؤيده من حيث المبدأ الأساسي في تخفيض الرسوم لأسعار المكالمات والإنترنت في فلسطين، ولكنه عند النظر بعمق الأشياء وتفاصيلها فإن هذا الحراك يقودنا إلى الهاوية، ويدعونا إلى الانتصار للمنتج الإسرائيلي، ويؤسس لاستعادة إسرائيل هيمنتها الكاملة على الاقتصاد الفلسطيني برمته خصوصا في ظل حالة الترهل الثقافي، والعمل المفاهيمي لمقاومة الاحتلال، وبناء الشباب الفلسطيني.

لا أفهم كيف يحاول البعض تقزيم العلاقة بين شركات الاتصالات الفلسطينية والمواطن والدولة والعمل الأهلي بشتى مجالاته بعلاقة شريحة ورصيد وأسعار مكالمات فقط. ويتناسى، بشكل مقصود، أن هذه العلاقة هي منظومة كاملة من العمل والتعاون والتطوير والبناء. يتناسوا الدور الذي تلعبه هذه الشركات عبر برامج مسؤوليتها الاجتماعية المختلفة، والمبالغ الطائلة التي تستثمر في هذا المجال لدعم الطلبة، والعائلات الميسورة، والمؤسسات الثقافة، والمستشفيات، والمراكز الشبابية، والابتعاثات التعليمية، وينسوا أيضا دور هذه الشركات في تدريب وتوظيف الأيدي العاملة الفلسطينية، ودورهم في حماية الاقتصاد الفلسطيني من العبث. أنهم ينسون تماما كافة العراقيل التي تضعها إسرائيل كجهة احتلال غاشم على عملهم، والتحديات التي يواجهونها يوميا للتغلب على هذه المعيقات والعراقيل لتظل خدمات الاتصال الحديث. ويتناسوا أيضا حجم المبالغ التي يضخها هذا القطاع لخزينة الدولة، ودور ذلك في سريان شريان الحياة في فلسطين عبر توفير الرواتب، ومحاولة الخروج من عباءة الممول الأجنبي.

أنهم يغمضون أعينهم، ولا يبصرون كل ذلك، ولا يرون أن هذه شركات هي شركات مساهمة عامة تضم آلاف المساهمين الفلسطينيين، وينسون تماما أن قطاعات اقتصادية كبيرة أخرى في فلسطين قائمة على تطور هذا القطاع. أنهم لا يرون أن استقلال هذا القطاع قد منحه مساحات واسعة من التطور والتقدم، وسهل حياة المواطن الفلسطيني بشكل كبير في التواصل مع المحيط المحلي، والعالم الخارجي.

لقد صار من الضروري أن نميز بين مطالب مجتمعية قد تكون محقة في تخفيض أسعار الخدمات التي تقدمها هذه الشركات باتفاق مع جمعية حماية المستهلك ووزارة الاتصالات، وضمن المعقول، وبالشكل الذي لا يضرها ولا يضر حجم استثماراتها وطموحاتها المستقبلية وبين غوغائية الحراك ضد هذه الشركات، ودعم الشرائح الإسرائيلية بما يخدم الاحتلال وتوجهاته في إعادة السيطرة على قطاع الاتصالات الفلسطيني.

لقد صار من الضروري أن نقف بصدق أمام كل محاولات استغلال حاجة الناس ووضعهم الاقتصادي لتمرير أفكار وبرامج وأطماع شريكة للاحتلال وتوجهاته. وربما هنا يجب على وزارتي الاقتصاد والاتصالات الفلسطينية بشكل خاص والحكومة الفلسطينية بشكل عام أن تقف في وجه هؤلاء، وترفض ترويجهم المستمر للبضائع والشرائح الإسرائيلية، ومقارناتهم للأسعار بين الشركات الفلسطينية والإسرائيلية، وتبرير ذلك.

لقد أصبح من حق المواطن الفلسطيني على هذه الوزارات أن يفهم ما يجري حوله، وأن يزال الشك الذي يعتريه بالاستغلال.

كلمات دلالية