خبر بضمان محدود- معاريف

الساعة 11:51 ص|23 مارس 2017

فلسطين اليوم

بقلم: عاموس جلبوع

       في مقالي الاسبوع الماضي عرضت فكرتي عن أن من يعتقد ان الدول العربية السنية المعتدلة ستضغط على الفلسطينيين لتلطيف مواقفهم الاساس، من أجل تحقيق تسوية سلمية مع اسرائيل - يعيش في الوهم. أو العكس، من يعتقد أنه يمكن الوصول الى تسويات سلمية مع الدول السنية، كالسعودية مثلا، دون تسوية سلمية مع الفلسطينيين يعيش هو أيضا في وهم حلو. اما هذه المرة فسابحث في فكرة اقليمية اخرى اكتسبت القلوب في إسرائيل: حلف/ترتيبات أمن مع الدول السنة المعتدلة حيال التهديد الايراني المشترك. كما يسود ايضا النهج المتداخل، أي: نصنع السلام مع الفلسطينيين، بمساعدة الدول السنية المعتدلة، وعندها لا نتوصل فقط الى تسويات سلمية مع السعودية ودول الخليج (إذ يوجد لنا مع مصر والاردن سلام منذ الان)، بل وسنتمكن ايضا من أن نخلق معها حلفا عسكريا ضد العدو الايراني.

          وبالفعل، واضح أن ايران هي عدونا الاساس، وواضح أن ايران هي العدو الاساس للسعودية ودول الخليج، وفي هذا الموضوع مصالحنا تشبه مصالحهم: صد ايران وذيولها. ان يكون لاسرائيل مصلحة في خوض حوار امني هاديء مع السعودية واذيالها – هو أمر واضح؛ ويخيل لي أنه ينبغي ان يكون للسعوديين أيضا مصلحة في الاستعان باسرائيل باشكال مختلفة، من تحت الطاولة. ولكن ينبغي أن نفهم بانه توجد فجوات جوهرية بين الواقع الامني الذي توجد فيه السعودية وبين الواقع الذي توجد في اسرائيل في سياق ايران. وهذه فجوات تضع، برأيي، قيودا في التعاون الامني الشامل، وبالتأكيد التعاون العلني، بيننا وبين السعودية.

          أولا، التهديد الايراني الحالي على السعودية هو في اساسه تهديد التآمر الداخلي لاسقاط النظام السعودي، ولا سيما في شرقي السعودية على شواطيء الخليج الفارسي، حيث يوجد سكان شيعة كثيرون؛ والى جانب ذلك يوجد ضغط عسكري على السعودية من اليمن، ولا سيما من الجانب الحوثي الشيعي. اما التهديد النووي الايراني فهو للمدى البعيد. من ناحية دولة اسرائيل، لا يوجد أي تهديد تآمري ايراني. والتهديد المحتمل القريب هو تهديد عسكري للارهاب واطلاق النار من هضبة الجولان من خلال اذيالها، والتهديد الابعد هو بالطبع التهديد النووي. حزب الله من لبنان هو عمليا التهديد الايراني الدائم.

          ثانيا، المنافسة بين السعودية (ومصر، الاردن وامارات الخليج) وبين ايران هي منافسة سياسية ودينية. صراع عتيق بين السنة والشيعة، صراع اصبحت فيه ايران، منذ بداية القرن السادس عشر، الدولة الشيعية الكبرى، التي أدارت على مدى نحو 300 سنة صراعات قوى مع الامبراطورية العثمانية السنية. وهذا الصراع الديني- الثقافي – السياسي هو اليوم المشكلة الاكبر في المنطقة. فهل ينبغي لاسرائيل أن تدخل نفسها علنا في هذا الصراع؟ ماذا، أهي دولة سنية؟

          ثالثا، حاليا لا يوجد في المنطقة أي حلف سني. فالسنة منقسمون. وبالمقابل، يوجد حلف شيعي واضح بقيادة ايران. هذا بارز أساسا في ساحة القتال المركزية في سوريا. إذن ماذا، هي ستوجد اسرائيل بين السعودية وتركيا، مثلا، في حلف مشترك ضد المحور الشيعي؟ هراء. وعليه، فماذا هناك؟ المواصلة في كل العلاقات الامنية والمحتملة الاخرى من تحت الرادار مع الدول العربية الخصم لايران وبمشاركة ادارة ترامب؛ ولكن عدم ادخال اصبح في عيون الدول المعتدلة من خلال خطوات مثل ضم مناطق في يهودا والسامرة؛ عدم الظهور كرافضين للحوارات السياسية مع ابو مازن اذا بادر ترامب الى ذلك. وبالاساس: الا نخطيء بالاوهام عن حلف عسكري، مثلا، مع السعودية، وأكل الحمص في الرياض.

كلمات دلالية