خبر خمس كرات أرضية لن تكفينا- يديعوت

الساعة 11:47 ص|23 مارس 2017

فلسطين اليوم

مصيبة البيئة

بقلم: نداف ايال

من كل الخطوات التي اتخذها الرئيس ترامب في البيت الابيض حتى الان يبدو أن أكثرها مصيرية هي الخطوات البيئية. فترامب يحاول ان يدمر، حجرا حجرا، السياسة الرامية الى حماية جودة البيئة وتقليص الاحترار العالمي. فقد أعلن رئيس وكالة حماية البيئة الذي عينه مؤخرا بانه لا يؤمن بان سببا مركزيا للاحترار هو انبعاث ثاني اكسيد الكربون. هذا قول يعبر عن عدم ثقة تامة بحقيقة علمية يكاد لا يكون خلافا حولها اليوم: فالتغييرات المناخية ترتبط بافعال البشر، بالثورة الصناعية وما تلاها. وقد تبدد الشكاكون في السنوات الاخيرة وأخلوا مكانهم لاجماع متسع عن المصيبة البيئية العالمية.

ثمة اليوم طلب اقل على الفحم في الصناعة الامريكية كنتيجة للثمن الزهيد للغاز الطبيعي (نعم، في الولايات المتحدة هو زهيد بالذات). اضافة الى ذلك، فقد بذلت الادارة جهدا في العقد الاخير لتقليص الاستخدام للفحم بسبب امكانيات التلوث الواسعة فيه. ويوشك ترامب على الغاء هذه الخطط، ويحتمل أن يسمح بالتنقيب من مناجم فحم جديدة. قبل بضعة اشهر جلست في صالون عائلة منجمي فحم من بنسلفانيا قالوا انه لاول مرة في حياتهم يصوتون لترامب على أمل أن يعيد الفرع للعمل ويوقف اغلاق المناجم. كان يمكن أن نفهم يأسهم وألمهم. فترامب يريد أن يرد لهم الجميل، والى الجحيم بجودة الهواء والبيئة بشكل عام.

          إن ميزانية الوكالة الامريكية لحماية البيئة ستتقلص بشكل كاسح، بـ 30 في المئة تقريبا، والالاف من موظفيها سيقالون. وميزانية الوكالة تتناقص على أي حال برعاية الكونغرس الجمهوري ومجموعات ضغط الصناعيين فيه، وبعد التقليص المتوقع ستكون « ظل ذاتها فقط »، على حد ما يقوله المسؤولون هناك. ففكر ترامب يرى في الوكالة جزءا من الانظمة الادارية المتشددة التي تفرض المصاعب امام الصناعة للنمو، ولكن الواقع هو أن إدارة اوباما أنفقت مليارات الدولارات في أرجاء أمريكا، بما  في ذلك في المناطق القروية في جنوب كارولاينا، انديانا والسكا كي تبني « صناعة بيئية » تنظف وتطهر المناطق الملوثة، تبحث في جودة البيئة وتحث مشاريع الطاقة المتجددة. اما الان فبات ممكنا وداع « الصناعة البيئية » ومعها التزام الادارة باتفاقات باريس، لتخفيض كمية انبعاث غاز الدفيئة.

          الهدف الاعلى ليس تخفيض الحرارة المتزايدة بل ابطاء التغيير البيئي المصيبي. فقد ادعى ترامب في حينه بان الاحترار العالمي هو مؤامرة صينية، هدفها المس بنمو الصناعة الامريكية، ولكن الوقاحة الحقيقية هي أنه زعيم دولة تسببت للعالم الذي نعيش فيه بضرر اكبر من أي دولة أخرى. فلو كان كل شخص في العالم يعيش مثل الامريكي العادي، لكان مطلوبا خمس كرات ارضية كي تكفي احتياجاتهم الوهمية.

          حتى نهاية القرن من المتوقع لسطح البحر أن يرتفع 17 حتى 58 سنتمتر، اكثر من 3 مليار نسمة يعيشون على مسافة نحو 50 كيلو متر من الشاطيء، بما في ذلك في المدن الكبرى في العالم. اذا لم يقل انبعاث غاز الدفيئة، فان كل الجليد في دائرة المحيط المتجمد الشمالي سيختفي في صيف 2040. واحترار البحر يؤدي الى تردي جودة المياه، تقليص التنوع البيولوجي وانقراض الانواع؛ 27 في المئة من انواع من الطحالب البحرية في العالم اختفت منذ الان، وربع كل أنواع السمك في المحيطات يعيشون في هذه الطحالب.

          يقول ترامب انه قلق من الهجرة، ولكن النوع الجديد من اللاجئين، من آسيا حتى افريقيا هو أناس يفرون من الآثار البيئية المتعاظمة في أعقاب الاحترار العالمي. في العقود القريبة سيسعى عشرات ملايين البشر الى البحث عن ملجأ من الطوفان، الجفاف والجوع، الامراض، تلوث مصادر المياه وفقدان القدرة على كسب العيش. الولايات المتحدة ليست فقط زعيمة العالم الحر، بل هي لا تزال زعيمة العالم. وتنكرها لهذا الوضع يضمن الشر ليس فقط لسكان العالم بل وأيضا لابنائهم واحفادهم.

كلمات دلالية