خبر كحلون وتصدّع الائتلاف اليميني

الساعة 08:34 ص|19 مارس 2017

فلسطين اليوم


منذ انتخابها قبل عامين، وبالضبط في احتفالية وزرائها بمضي عامين على تشكيلها يوم الأربعاء الماضي، اختار نتنياهو شن هجوم على وزير ماليته، اختار أن يفجر معه أزمة علنية، اختار أن يهينه ويحمله مسؤولية فصل مئات الموظفين من سلطة البث، بتمسك كحلون بإطلاق بث اتحاد البث في الثلاثين من ابريل، وبعد ذلك الأزمة تطورت برغبة واضحة من طرف رئيس الوزراء. وبالرغم من نجاح الوساطة، مساء الخميس، في محاولة التوصل لحل؛ إلا ان نتنياهو - وحتى دون التشاور مع هيئات « الليكود » حسبما يؤكد وزير المخابرات والمواصلات من « الليكود » يسرائيل كاتس - أصر على مواصلة تحدي كحلون بالتهديد صراحة « إما تراجع كحلون أو الانتخابات العامة »، ومنذ تطور الأزمة وانفجارها، مساء السبت، ويحاول معظم المتابعين الإسرائيليين والسياسيين فهم الأسباب الحقيقية التي تقف خلف تهديد نتنياهو، وربما قراره الذي نضج لديه بالذهاب إلى الانتخابات العامة المبكرة.

ومن الواضح لكل من يتابع تطور دراما الأزمة أن شيئًا غير مفهوم ويغيب عن الأنظار قد حدث أو ربما يعرفه فقط نتنياهو، فمن غير المفهوم أن يحل الائتلاف الحكومي الأكثر انسجامًا بالرغم من ان معظم أعضائه لا مصلحة لهم في الانتخابات، حتى إن أكثر من نصف أعضاء الكنيست من « الليكود » ليس لديهم مصلحة في الانتخابات، لأنهم لن يكونوا في الكنيست القادمة، ولأن قانون « الليكود » يفرض عليهم التنافس على المستوى القطري، وليس لهم أدنى فرصة أمام زعامات « الليكود » وشخصياته المعروفة.

وزير المواصلات والمخابرات، الذي يرى نفسه واحدًا من أهم المتنافسين على خلافة نتنياهو، أعلن صبيحة اليوم أن أيًا من مؤسسات « الليكود » الهامة لم تناقش الأمر، واعتبر ان الانتخابات في ظل كل التهديدات والتحديات الداخلية والخارجية هي خطأ كبير، وأن سلطة البث لا تشكل سببًا جديًا لتفكيك أفضل ائتلاف لليمين.

يجمع معظم المتابعين على أن ثلاثة أسباب ربما تقف خلف الأزمة المفتعلة، وخلف رغبة نتنياهو بالذهاب للانتخابات، وهذه الأسباب تنحصر بين سارة نتنياهو التي أصرت على المحافظة على سلطة البث، وبين الهروب من لائحة الاتهام التي ربما تعكف الشرطة على تقديمها، وبين مخاوف نتنياهو من الصفقة المتبلورة لدى إدارة ترامب.

في غياب سبب واضح وقوي من الطبيعي ان تكثر التكهنات، ويمكن أن تضاف إليها أسباب أخرى، ويمكن ان تكون مجتمعة تشكل سببًا قويًا أو الخيار من بين الخيارات الأسوأ، أي نوع من المراهنة على ان الانتخابات قد تمنحه على الأقل فرصة أخرى، وتأتي بمخرجاتٍ يستطيع أن يناور بها بشكل أفضل.

ونعتقد أن من بين أسباب نتنياهو قطع الطريق على خصومه السياسيين داخل معسكر اليمين، وقطع الطريق على بلورة ائتلافات انتخابية قوية ضده، لاسيما وأن المشهد الانتخابي الحزبي القادم بدأ بالحراك، ولبيد يجمع قوة انتخابية متزايدة، ويركب ظهر موجة إيجابية تنطلق بدون عوائق، ويعلون بدأ هو الآخر حملته، وبحاجة إلى وقت طويل لانضاج خياراته وتشكيل قائمته، وليبرمان - الذي دخل منذ وقت قريب إلى وزارة الأمن - لم يحظَ بالوقت الكافي لتعزيز وترسيخ شخصيته وموقعه كوزير أمن، وعلى رأي المثل فإن نتنياهو ربما فكر أن « يتغذى بهم قبل أن يتعشوا به »، فأراد ان يفاجئهم قبل أن يفاجئوه، وهو يعرف مسبقًا أنهم جميعًا في حلبة صراع دائمة، فهكذا هي المصالح السياسية الحزبية في إسرائيل في حالة تقلب دائم.

هذا فضلًا عن أن حزب « العمل » يعيش في أسوأ لحظاته، وسيناريوهاته في الانتخابات القادمة سيئة جدًا؛ إلا في حالة قفز باراك إلى حلبة حزب « العمل » أو إلى إطار انتخابي آخر تشتغل عليه تسيبي ليفني ممّا يسمى بقوى المركز، وهنا أيضًا يكون نتنياهو قد استبقهم بخطوة هامة.

على كلّ فأن الكرة الآن في ملعب كحلون؛ فإما ان يتراجع ويذعن لتهديد نتنياهو وإما ان يتمسك بموقفه، كحلون - من جهته - لا يشعر أنه سيخسر انتخابيًا، فلديه الكثير من النجاحات على المستوى الاقتصادي أنجزها كوزير للمالية، ويعتبر من وزراء المالية الناجحين، ويمكنه ان ينضم لأي تشكيل انتخابي، فهو مرحب به جدًا لدى لبيد ولدي يعلون، ويمكنه ان يضم إليه ليبرمان. يدرك كحلون ان نتنياهو - الذي كان كريه نفسه قديمًا واضطره للاستقالة والخروج من « الليكود » - لم يتغير، وحسبما يقول رغم كل محاولاته للتعاون مع نتنياهو إلا ان الأخير يحضر فقط لقطف الإنجاز ويختفي في الأزمات، ويبدو ان كحلون أدرك ان العلاقة مع نتنياهو وصلت إلى نهايتها، وأنه لا يمكنه التراجع، وأن التهديد يجب أن يرد عليه بالتهديد، فعقد اجتماعًا مع هرتسوغ بحث فيه تشكيل حكومة بديلة لحكومة نتنياهو، وهو أمر يعتبر تصعيدًا في الأزمة.

حتى لو نجح التوسط في تسوية هذه الأزمة، فإن جميع شركاء الحكومة باتوا يعرفون أنهم دخلوا في سباق انتخابي، وأن كل يوم ربما سيأتي بأزمة مفتعلة من هذا الحزب أو ذاك على خلفية المنافسة الانتخابية، وأن قرار الانتخابات قد اتخذ، وبحاجة فقط للاتفاق على موعد إجرائها.

 

كلمات دلالية