خبر تفكيك العناصر الأولية- معاريف

الساعة 09:43 ص|18 مارس 2017

فلسطين اليوم

بقلم: اودي سيغل

          (المضمون: إن غياب خطة بديلة لحل الدولتين هو فشل سياسي لليمين. يمكن أن يكون من المفروض التفكير بخطة الفيدرالية التي قدمها رجل الموساد السابق عمانوئيل شاحف والتي تطلب تقسيم اسرائيل الى 30 كانتون - المصدر).

          من غير قبعة سوداء، ومن غير مؤتمرات صحفية واعلانات، زار جيسون غرينبلت، المستشار الخاص للرئيس الامريكي ترامب لشؤون المفاوضات الدولية، البلاد في هذا الاسبوع، جاء للتحدث عن تقدم السلام في المنطقة. وعند قراءت التصريحات التي اصدرتها السفارة الامريكية في اسرائيل يمكن رؤية فوارق كبيرة عن نقاشات مشابهة تمت في السابق. هذه المرة لم يصدر اعلان تنديد أو الطلب من اسرائيل تجميد البناء في المستوطنات. تم هذا في الغرف المغلقة. أي اعلان لم يطلب التطبيق الفوري لطلب الولايات المتحدة دولتين لشعبين. فعل ذلك المسؤولون الامريكيون في المحادثات التي اجروها مع ممثلين رفيعي المستوى في اسرائيل. هذا بالضبط ما سمعه وزير الدفاع ليبرمان من نظيره في واشنطن ومن وزير الخارجية تلرسون ومن المستشار الجديد للامن القومي ووزير الدفاع الامريكي جيمس « كلب مجنون »، ماتيس. هناك اتجاه عمل واضح لم يتغير.

          تصريحات غرينبلت لم تكشف عم تم الحديث. يمكن القول انهم تحدثوا اولا عن التفاهمات والتنسيق فيما يتعلق بالبناء في المستوطنات. في هذا الامر لم يتم الانتهاء من شيء، باستثناء مبدأ واحد متفق عليه: البناء في المستوطنات يجب ان يكون في اطار لا يسعى الى افشال اقامة الدولة الفلسطينية في المستقبل. نتنياهو قام باعداد مواد تفسير كثيرة اظهر فيها المعطيات التي تقول ان جميع المستوطنات اقيمت على 3 في المئة من الارض على الاكثر، بما في ذلك الخطط الهيكلية ومناطق البلدية. وقال ان البناء في المستوطنات القائمة لا يغير شيء جوهري في الميدان.

          في هذه الاثناء، هذا معطى مزعج واشكالي وليس دقيقا. ولكن اذا افترضنا انه صحيح فهو يتجاوز الاساس الاكثر اهمية لحركة الاستيطان في المناطق، الذي يعتبر ان البناء يهدف الى فرض الحقائق على الارض واعادة رسم حدود الدولة. اذا كان الحديث يدور فقط عن 3 في المئة فكيف يتساوق هذا مع الاقوال حول تغيير المعادلة؟ كل شيء قابل للتراجع وكل شيء مفتوح. ادعاء نتنياهو لا يلامس ايضا المشكلة التي هي عدد المستوطنين المتزايد باستمرار.

          الامر الحقيقي الذي صدر عن النقاشات هو الرغبة في القيام بخطوة. يتحدثون عن مؤتمر اقليمي، يتحدثون عن استئناف المفاوضات ويتحدثون عن السلام، لكنهم لا يتحدثون عن كيفية تحقيق ذلك. هذا هو التغيير. الادارة الجديدة لا تلتزم بخطة ثابتة بخصوص الدولتين لشعبين. هذا لا يعني ان الخيار غير موجود على الطاولة. وهذا لا يعني انها ليست الخطة الاكثر عقلانية ومنطقية. هذا يعني فقط انه اذا كان هناك احتكار لطبيعة وخريطة الحل، فقد دخلنا الان الى السوق الحرة. وضع حل الدولتين يشبه بيزك قليلا. ذات مرة كان هناك احتكار والآن توجد منافسة من قبل هوت وسلكوم ويس. ولكن هذا لا يعني انها ليست في الصدارة.

          الملك عبد الله الثاني التقى مع غرينبلت في هذا الاسبوع وقال له ان هذا هو الحل الوحيد. وقال غرينبلت ان السلام بين اسرائيل والفلسطينيين سيؤثر على كل الشرق الاوسط. يمكن ان هناك عدد من اليمينيين قاموا بفرك عيونهم ورفعوا حواجبهم، لكن ذلك كان متوقعا. ومن المؤكد انهم بدأوا في الحك عندما غرد غرينبلت مع صورة للحرم بعد زيارته في المبكى، وبعد ذلك فورا صورة من « بيت صديق فلسطيني جديد، خمس دقائق سيرا من المبكى ». لديه صديق فلسطيني جديد؟.

          باختصار، من توقع أن رجال ترامب، مؤيدو نتنياهو، مؤيدو اليمين والسامرة، سيهجمون على التلال ويلقون الدولة الفلسطينية في سلة القمامة ويعلنون عن خطة نقل السفارة الامريكية الى القدس والبدء في صب الاساسات لاقامة الهيكل الثالث، خاب أملهم. معظم الاشخاص كانوا منطقيين وادركوا ان هذا ما سيحدث.

          لكن من وراء كل خيبات الامل وتحطم التوقعات يوجد هنا تلميح واحد: هذه الادارة ليست منغلقة. انها ليست صاروخ موجه الى الهدف. لقد حددت الهدف الذي هو تحقيق السلام والتهدئة بين الاطراف، لكنها لم تحدد طريقة واحدة من اجل تحقيقه. وهذه بداية لطرح خطط بديلة. كل من هو ضد الدولة الفلسطينية مطلوب منه لاول مرة منذ عشرين سنة ان يطرح خطة بديلة. هذا هو الوقت، وكما يقولون في الزواج الامريكي: تحدثوا الان أو اصمتوا الى الابد.

          كل من يعتقد أن اوسلو هو كارثة، مطلوب منه اخراج الورقة التي عمل عليها على مدى عقدين، وأن يقنع اصدقاءنا في البيت الابيض بأن هذا هو المسار الصحيح لاسرائيل والولايات المتحدة. اذا كان هناك تفويت للفرص من قبل اليمين الاسرائيلي وفي حكومة اسرائيل ونتنياهو وحركة الاستيطان – فهي هذه اللحظة، اللحظة التي فيها تفتح النافذة للحظة وهذا هو الوقت لتقديم الخطط البديلة. عدم وجودها هو فشل سياسي لنظرية اليمين الاسرائيلية. بقينا مع التباكي والاتهامات لليسار. لا جديد تحت الشمس.

          الدولة الفيدرالية

          هناك شخص واحد قام بفعل ذلك، يسمى عمانوئيل شاحف. انه رجل الموساد سابقا، الذي لديه قصة حياة لافتة. كان شاحف نشيطا في حزب العمل، وقبل بضعة اسابيع وصل الى واشنطن وقدم للادارة الامريكية خطته البديلة. لقد ذهب في المسار العادي الذي يستطيع السير فيه أي مواطن عادي وطرح الافكار السياسية، ويتبين انه يوجد مسار كهذا. شاحف التقى مع عدد من اعضاء المجلسين ووضع على الطاولة خطة الفيدرالية. وقد عرضها علي ايضا قبل بضعة اشهر. اعتقد انه ليس لها فرصة كبيرة، لكن انطباعي هو أن تفكيره ابداعي. الحديث يدور عن شخص يساري في الاصل، يقدم خطة تستجيب لكل مباديء اليمين. وهي هامة ايضا كتدريب في التفكير السياسي الابداعي.

          تطلب الخطة تغيير النظام في اسرائيل ليصبح نظام فيدرالي يشبه النظام في الولايات المتحدة وكندا وسويسرا و25 دولة اخرى. هذا نظام يركز على السلطة المناطقية التي تنقسم الى كانتونات، وفيما بينها قدر كبير من الاستقلال في ادارة الشؤون الداخلية. الحركة تطلب ايضا تفكيك السلطة الفلسطينية بالاتفاق وبداية سريان القانون الاسرائيلي على كل مناطق يهودا والسامرة وغور الاردن بالاتفاق، وابقاء السكان اليهود في يهودا والسامرة. وفي اطار هذه الخطوة يحصل السكان الفلسطينيون في يهودا والسامرة، اذا رغبوا، على المواطنة الاسرائيلية الكاملة مثل عرب اسرائيل. الفيدرالية الاسرائيلية لا تشمل قطاع غزة. من الناحية الديمغرافية، الغالبية الساحقة التي تبلغ ثلثي السكان تقريبا، ستكون من اليهود، والباقي من الفلسطينيين.

          في اطار خطة الفيدرالية يتم تقسيم الدولة الى 30 كانتون، وتكون الحكومة الاسرائيلية هي المسؤولة عن العلاقات الخارجية والامن والادارة العامة للاقتصاد. وتكون للكانتونات سلطات مستقلة لادارة التعليم والتخطيط والشريع والادارة المدنية للشؤون اليومية، وكل كانتون تكون له حكومة ومجلس تشريعي محلي خاص به.

          تجدر الاشارة الى أن الدولة الفيدرالية ستستمر كونها دولة اسرائيل. الجيش سيكون الجيش الاسرائيلي والبرلمان سيكون الكنيست الاسرائيلية والعلم والنشيد الوطني سيكونا علم ونشيد اسرائيل، وهي ستبقى مفتوحة امام هجرة اليهود حسب قانون العودة. اليهود سيشكلون ثلثي السكان. وفي الكانتونات سيعيش اليهود والعرب معا وستكون العبرية والعربية هما اللغتان الرسميتان.

          الفكرة بشكل عام هي التقسيم الداخلي للكانتونات. سيكون 30 كانتونا تقريبا: 20 فيها اغلبية واضحة لليهود، و10 فيها اغلبية فلسطينية. الحكم الذاتي الوظيفي بدون تحريك أحد. آريه هيس، احد رؤساء هذه الحركة، كتب ان هذا هو الوضع الراهن: « ارض اسرائيل الفيدرالية هنا. دولة اسرائيل مع يهودا والسامرة وغور الاردن بدون قطاع غزة، يسيرون نحو الدولة الفيدرالية الواحدة. وحسب هذه النظرة ستكون اسرائيل الدولة الفيدرالية الـ 28 في العالم، مع الدول المتقدمة ومنها سويسرا والولايات المتحدة واستراليا والمانيا وكندا وغيرها.

          »لتنسوا حلم ارض اسرائيل الكاملة مع حق التصويت لليهود فقط، انسوا حلم تقسيم البلاد الى دولتين عاصمتهما القدس، انسوا خطط الفصل بجميع انواعها. شئنا أم لا، أحببنا أم لا، ارض اسرائيل كلها تسير بثقة في طريق مليئة بالعقبات التي تؤدي الى نشوء وتشكل ارض اسرائيل الفيدرالية تحت سيادة دولة اسرائيل وقوانينها".

          لقد قررت التحدث عن الافكار في الخطة كتحد من اجل التفكير. والآن ليس مهما اذا كنتم مع أو ضد، اذا كنتم توافقون أو تسخرون. المهم هو انهم قدموا خطة بديلة. هذا هو التحدي الحقيقي لاسرائيل والحكومة ونتنياهو. قوموا بتقديم خطة، وإلا سنشاهد مرة اخرى الآخرين يفرضون علينا الواقع السياسي المتقلب للمنطقة.

كلمات دلالية