خبر أمريكا وعيد المرأة والأم ..خالد صادق

الساعة 10:58 ص|16 مارس 2017

حتى يكتمل مسلسل الملاحقات الإسرائيلية لمحرري صفقة وفاء الأحرار, وإعادتهم إلى سجونها من جديد, وفق سياسة «الباب الدوار» التي تنتهجها, جندت الحكومة الصهيونية وزارة العدل الأمريكية لملاحقة واعتقال الأسيرة المحررة أحلام التميمي وذلك بزعم مسؤوليتها عن مقتل مواطنين أمريكيين في عملية وقعت عام 2001. وكانت المحكمة الصهيونية قد اتهمت الأسيرة التميمي بتوصيل منفذ العملية «عز الدين المصري» إلى مطعم «سبارو» وحكمت عليها بالسجن المؤبد 16مرة قبل أن يفرج عنها بعد 12عامًا ضمن صفقة «وفاء الأحرار», واليوم تطالب وزارة العدل الأمريكية المملكة الأردنية بتسليم المناضلة التميمي لها.

مصادر أردنية غير رسمية قالت إنها لن تنصاع للمطالب الأمريكية خاصة أن اتفاقية «تبادل المجرمين» بين الأردن والجانب الأمريكي غير سارية المفعول، ولم يصادق عليها مجلس النواب حسب المسئول الأردني. لكن وعلى ما يبدو ان الأردن لا زالت تنظر لجدية أو عدم جدية الإدارة الأمريكية في مطلبها بتسليم المناضلة التميمي, وهل من الممكن ان تضغط على الحكومة الأردنية من اجل تنفيذ مطلبها هذا, وما هي أساليب الضغط التي ستستخدمها, وهل من الممكن ان يكون لرفض الأردن تسليم المناضلة التميمي للأمريكان تأثير مستقبلي على العلاقة بينهما, كل هذا يؤخذ بعين الاعتبار لدى المملكة الأردنية, التي تسعى دائما لأن تبقى علاقتها وطيدة وعلى خير ما يرام مع الإدارة الأمريكية, وألا تتأثر بشخص مهما كان وزنه.

نحن على يقين ان وزارة العدل الأمريكية انصاعت لمطالب إسرائيلية بالضغط على الأردن لتسليم المناضلة أحلام التميمي لها, خاصة بعد إقدام الأردن على الإفراج عن المناضل الأردني أحمد الدقامسة الذي أطلق النار على مجندات إسرائيليات كن في رحلة قرب الحدود الأردنية الإسرائيلية فقتل 7 منهن وجرح خمس, ووفق سياسة «إسرائيل» المتبعة فان من يقتل أي إسرائيلي إما ان يقضي بقية حياته في السجون, أو يُقتل, هذا في عقيدتها وهو نهج لن تتخلى عنه أبدا, لذلك نجدها قد أعادت الكثير من الأسرى الذين أفرج عنهم في صفقة وفاء الأحرار إلى سجونها, وقتلت الأسير المحرر سمير القنطار, كما قتلت الجندي المصري سليمان خاطر, وقتلت الأسير المحرر عمر النايف في مقر السفارة الفلسطينية في بلغاريا, ومحمود المبحوح الذي اغتاله الموساد الصهيوني في احد فنادق دبي, وتلاحق أحلام التميمي, وستلاحق أحمد الدقامسة لأن «إسرائيل» تعتبر نفسها فوق القانون ولا يمكن ان يحاسبها احد على فعلها, ويدها ممتدة في كل مكان وسياستها نافذة, هذه هي الرسالة التي تقدمها «إسرائيل» للعالم كله في ظل العجز عن محاسبة «إسرائيل» على جرائمها البشعة.

أمريكا تحتفل بيوم المرأة العالمي بأسلوبها, وتريد ان تسجن المناضلة أحلام التميمي, كما سجنت الشيخ عمر عبد الرحمن من قبل حتى استشهد مؤخرا داخل سجونها, أمريكا تستقبل عيد الأم بالضغط على الأردن لتسليم أحلام التميمي, وفي نفس الوقت تحمي القتلة الصهاينة وتحبط أية محاولات تبذل لتقديمهم للعدالة, أمريكا التي تطالب باعتقال المناضلة أحلام التميمي, تتغافل عن المجازر التي ارتكبها الجيش الصهيوني في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق وسيناء, ان المشاهد التي بثت من غزة, والجرائم التي ارتكبها الاحتلال في حرب 2008م و 20012م , 2014م وحجم الدمار المهول نتيجة العدوان الصهيوني, لم يشغل بال الأمريكان, ولم يجعلهم يتوقفون للحظة أمام جرائم الاحتلال, بل ان الإدارة الأمريكية منحت الإسرائيليين الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين الفلسطينيين, حتى بلغ حجم التبجح بالمرشحة الأمريكية هيلاري كلينتون للحديث عن السماح لإسرائيل بقتل 250 ألف فلسطيني في أي حرب قادمة على القطاع, بينما زاد الرئيس الأمريكي على رقم كلينتون بمنح الإسرائيليين الضوء الأخضر لقتل من يشاؤون من المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة, دون النظر إلى أرقام, «إسرائيل» حسب وجهة نظر أمريكا تدافع عن نفسها ووجودها, ومن حقها ان تستخدم كل قوتها وكيفما تشاء ضد الفلسطينيين, والفيتو الأمريكي سيبقى حاضرا لحماية «إسرائيل» وتوفير الأمن والأمان لها, بل وتتويج كل هذه الجرائم بتاج «السلام» الذي تسعى إليه «إسرائيل» بمنطقها هي وبفهمها الخاص لمعنى السلام, وإقناع العالم اجمع بأن إسرائيل «دولة السلام» في المنطقة, وعلى جيرانها إقامة علاقات مباشرة معها دون قيد أو شرط, لأنها ليست عدواً للعرب والمسلمين, وان هناك أعداء جدداً يجب الالتفات إليهم وتوحد العرب مع»إسرائيل» لمواجهة أخطارهم.

أحلام التميمي في دائرة الاستهداف الأمريكية الإسرائيلية, والأردن مطالبة بالانصياع لأوامر الأمريكان والصهاينة, وقد تعودنا ان لا تصمد الدول العربية طويلا أمام رغبات أمريكا وإسرائيل ومطالبهم, لكن أحلام تبقى تحت حماية الشعب الأردني الذي لن يسمح بتسليمها للأمريكان, لأنها انتزعت حريتها بالتضحيات وبالقوة الجبرية, فالمقاومة الفلسطينية أرغمت الاحتلال على القبول بصفقة التبادل, ولا يجوز استخدام سياسة «الباب الدوار» لأجل إعادة اعتقال المحررين في صفقة وفاء الأحرار, لكن المسلسل الإسرائيلي لن ينتهي عند هذا الحد, وستتكرر محاولاتها في استهداف وملاحقة واعتقال محرري صفقة وفاء الأحرار, ولن تترك وسيلة إلا وستستخدمها, وبما ان الدول العربية «رسميا» مهزومة أمام  أمريكا وإسرائيل, فالواجب يقع على الشعوب العربية في حماية وحفظ مناضليهم وشرفائهم, مهما بلغ حجم التضحيات, فالشعب الأردني مطالب بأن يحافظ على أحلام التميمي, ومطالب بأن يحافظ على احمد الدقامسة, ومطالب بان يحافظ على كل الشرفاء والأحرار, فالتخلي عنهم سيبقى جريمة ووصمة عار في التاريخ سيحاسب عليها الشعب قبل النظام ان فرط في أحراره ومناضليه.

كلمات دلالية