لعدم استعدادها سياسيًا للمُواجهة القادمة

خبر تل أبيب تُقّر بأنّها تتحاشى مُهاجمة مواقع ومعاقل حزب الله في لبنان

الساعة 08:49 ص|16 مارس 2017

فلسطين اليوم

 

تستعّر في الآونة الأخيرة الحرب النفسيّة بين « إسرائيل » وحزب الله، في ظلّ التعادل الإستراتيجيّ القائم بينهما، والذي، بحسب المصادر الحربية الرفيعة في دولة الاحتلال، يمنع صنّاع القرار في « تل أبيب » من الإقدام على مُغامرةٍ عسكريّةٍ جديدةٍ في بلاد الأرز.

مع ذلك، فإنّه أصبح واضحًا للجميع في « إسرائيل » والغرب، وأيضًا لدى المُقاومة الإسلاميّة في لبنان أنّ المُواجهة القادمة بين الطرفين هي مسألة وقت، ليس إلّا، ذلك أنّ دولة الاحتلال، لا يُمكنها بأيّ حالٍ من الأحوال، أنْ تُواصل التعايش مع التهديد القادم من الشمال، إنْ كان على الصعيد الإستراتيجيّ أوْ التكتيكيّ، كما أنّ تل أبيب تؤكّد مرّةً تلو الأخرى، أنّه لا يُعقل أنْ يبقى مُواطنيها أسرى ورهائن لنزوات حزب الله، وتهديدات أمينه العّام، السيّد حسن نصر الله، الذي أدخل « الإسرائيليين »، قادةً وشعبًا، في حالةٍ من الهلع والهستيريا، بعد تهديده باستهداف الأمونيا في حيفا والمفاعل الذريّ في ديمونا، علمًا أنّ تل أبيب تعترف بأنّ كلّ بقعةٍ فيها باتت في مرمى صواريخ المُقاومة اللبنانيّة.

في خضّم هذه المُستجدّات، يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: « إسرائيل »، الذي لا يختلف اثنان، بأنّها تملك الجيش الأقوى والأكثر تفوقًا في الشرق الأوسط، تقوم بين الفينة والأخرى بتوجيه ضرباتٍ عسكريّةٍ في سوريّة، دون أنْ تتحمّل المسؤولية، ويقوم الإعلام الغربيّ بالترويج لهذه الضربات على أنّها تأتي في سياق الحرب على الإرهاب ومنع حزب الله من الحصول على أسلحةٍ كاسرةٍ للتوازن، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه ليس فقط دول مجلس التعاون الخليجيّ تعتبر حزب الله منظمةً إرهابيّةً، بل أيضًا دول القارّة العجوز، التي أدرجت الحزب على قائمة الإرهاب.

ووفقًا لمُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، وهو صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب، فإنّ المنطق يقول إنّ استهداف شحنات الأسلحة المُعدّة لحزب الله في سوريّة، يمسّ بالسيادة السوريّة مسًّا سافرًا، ولكنّ الدولة السوريّة باتت دولةً ضعيفةً. ويتساءل: إذا كان الهدف الإسرائيليّ هو ضرب ترسانة الأسلحة المتعاظمة لحزب الله، لماذا لا تقوم إسرائيل باستهداف مواقع ومعاقل حزب الله في لبنان، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه في الفترة الأخيرة فقط، تمّ النشر عن أنّ حزب الله أقام العديد من المصانع تحت الأرض لإنتاج الأسلحة في مسعى منه للالتفاف على هجمات سلاح الجوّ الإسرائيليّ في سوريّة؟ ويُتابع المُحلل قائلاً إنّ بحسب المنطق، فإنّ الدولة تقوم بمهاجمة العدّو في كلّ مكانٍ لكي تعمل على ضعضعة قوتّه وتآكلها، ولكن من الناحية الأخرى، يُوضح، أنّ الهجوم على المواقع يتّم في المناطق التي تُريح المُهاجم، ولا تؤدّي لاندلاع حربٍ شاملةٍ، وهذا هو السبب في اختيار سوريّة كهدفٍ وليس لبنان.

وعليه، يُتابع المُحلل قائلاً: لماذا تتحاشى إسرائيل ضرب الحزب في عقر داره؟ الردّ على السؤال الذي طرحه فيشمان في تحليله المنشور اليوم الخميس، جاء على لسان كبار المسؤولين في المنظومة الأمنيّة في تل أبيب: الجيش الإسرائيليّ، قالت المصادر الرفيعة، بات جاهزًا ومُستعدًا لحرب لبنان الثالثة، ولكن، استدركت المصادر عينها، إنّ المُستوى السياسيّ لم يبلغ حتى الآن درجة النضوج لإصدار الأوامر للجيش ببدء العدوان على لبنان، على حدّ تعبيرها.

وتابعت المصادر ذاتها قائلةً إنّه في حال قيام إسرائيل باستهداف مواقع لحزب الله في العمق اللبنانيّ، فإنّ هذا الأمر سيكون بمثابة مؤشرٍ على استعداد الدولة العبريّة للجولة القادمة من الحرب، هذه الجولة، التي يُشدّد كبار المسؤولين في تل أبيب، على أنّها ستكون الحاسمة، وأنّ إسرائيل ستعتبر لبنان دولة عدو يجب استهدافها كلّها، وليس اقتصار الهجوم على حزب الله، متذّرعين بأقوال الرئيس اللبنانيّ، العماد ميشيل عون، الذي أكّد مؤخرًا على أنّه طالما هناك ارض تحتلها إسرائيل التي تطمع أيضًا بالثروات الطبيعية اللبنانيّة، وطالما أنّ الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة إسرائيل، فنحن نشعر بضرورة وجود سلاح حزب الله، لأنّه مكمل لعمل الجيش ولا يتعارض معه، بدليل عدم وجود مقاومة مسلحة في الحياة الداخلية.

وغنيٌ عن القول إنّ هذه التصريحات التُقطت في إسرائيل على أنّها بمثابة انضمام الدولة اللبنانيّة إلى الحرب ضدّ إسرائيل، الأمر الذي دفع العديد من السياسيين والعسكريين والمُحللين إلى اعتبار الدولة اللبنانيّة هدفًا مشروعًا للعدوان القادم.

وتبقى بحسب المصادر الإسرائيليّة، الجبهة الداخليّة الخاصرة الضعيفة، وبناءً على ذلك، تزاحمت الورش داخل عمق أراضي الدولة العبريّة لناحية توسيع الملاجئ وزيادة عددها، وتجهيزها لمواجهة قدرات تدميرية اكبر وعلى فترات زمنية أطول. كما أصبح واردًا وبنسبةٍ كبيرةٍ لدى قادة إسرائيل تنفيذ إخلاء كامل لمناطق واسعةٍ، بهدف إبعاد تأثير خطر صواريخ حزب الله أوْ خطر اختراقات وحداته الخاصة عن هذه المناطق وعن سكانها.

 

 

كلمات دلالية