في الذكرى التاسعة للصحفي الثائر

خبر حسن شقورة.. قمرٌ في سماء فلسطين سيرته تسبق اسمه

الساعة 07:29 ص|15 مارس 2017

فلسطين اليوم

تسعةُ أعوام تمر على ذكراه العطرة، لم ينساه فيها أهله وأشقاؤه وأصحابه وزملاء عمله، فسيرتُه تسبق اسمه، وعملهُ المقاوم يُكتب على جبين كل شريف يُؤمن أن فلسطين لا تعود سوى على جثامين شهداءها، كيف لا وهم شباب بعمرٍ الزهور قدموا الغالي والنفيس من أجلها، وكانوا شعلةً تشع نوراً في أرجائها، لتكتبُ في سمائها أسماء أقمار ضحُوا بدمائهم، كأمثال حسن شقورة..

« حسن » ذلك القمر الذي طلع بتمام بدره في سماء فلسطين التي شعت نوراً يوم استشهاده في  15/3/2008 م، بعد أن اغتالته طائرات الاحتلال « الإسرائيلي » خلال تصويره لعملية إطلاق صواريخ على المغتصبات الصهيونية.

تناثرت أشلاؤه وأصدقائه الأقمار محمد الشاعر، وباسل شابط، وروَّت دماؤهم تراب فلسطين، دفاعاً عن الدين والحق والوطن.

أما « حسن » فكان له باع كبير في الإعلام المقاوم لحركة الجهاد الإسلامي حيث عمل في صحيفة الاستقلال وإذاعة صوت القدس ووكالة فلسطين اليوم الإخبارية ومسئولاً للإعلام الحربي التابع لسرايا القدس في غزة وشمال القطاع، كما أنشأ موقع سرايا القدس (الإعلام الحربي).

تطل علينا اليوم الثلاثاء الموافق (15-3) ذكرى رحيل الشهيد القائد « حسن زياد شقورة » فارس الكلمة والبندقية، ومسؤول الإعلام الحربي لسرايا القدس في لواء شمال قطاع غزة.

أبصر شهيدنا المجاهد حسن زياد شقورة النور فى مشروع بيت لاهيا بعد أن هُجِرت عائلته من مدينة المجدل المحتلة فتعهده أبناء مسجد القسام بالتربية فاحتضن حسن المسجد وأصبح من رواده  فكانت هذه النشأة بمثابة دروسٍ في الوعى والحس القوى الرافض للاحتلال الذي اغتصب الأرض وطرد الأهل ... ففي 16/11/1985 م عانق حسن الحياة المتلاطمة بأوجاعها حيث نشأ في كنف أسرة متواضعة متسربلة بكساء الإسلام و معتصمة بحبل الله  قوامها ثمانية أفراد وكان حسن الابن الثاني لوالده ... ترعرع حسن فى كنف هذه الأسرة التي تحمل الهم الفلسطيني بين أضلعها وثواني عمرها وكان حسن يكبر لتكبر في قلبه مأساة هذا الشعب المشرد فنهض حسن ليحمل الأمانة ويقوم بأعبائها حيث أن والده أحد كوادر الحركة الإسلامية المجاهدة « حركة الجهاد الإسلامي » والذي أثر كثيراً في تفكير حسن وضبط مساره فأنار له طريق المقاومة والجهاد.

درس حسن المرحلة الابتدائية في مدرسة بن رشد للاجئين وكان من الطلبة المتفوقين ثم التحق بمدرسة ذكور جباليا الإعدادية « ج » للاجئين ليواصل دأبه وتفوقه وبعدها التحق حسن بمدرسة أبو عبيدة بن الجراح الثانوية فأدرك حسن قدر العلم والعلماء وأصر على مواصلة رسالة الأنبياء فالتحق بجامعة الأزهر بغزة ليتخرج من قسم الملتميديا « تصميم ومونتاج » ثم انتقل حسن ليباشر حياته المهنية .

عرف حسن بدماثة خلقه القويم حيث كان محبوباً بين أفراد العائلة والحي والعمل... كان يداعب الجميع بابتسامته المرحة ... ظهرت عليه علامات الرجولة وقوة الشكيمة وحب الناس منذ الصغر ... كما كان ملتزماً بالصلوات الخمس والعبادات والنوافل في مسجد القسام « منارة الشهداء وقبلة العاشقين » متمسكاً بكتاب الله مخلصاً متواضعاً مما ساعده على صقل شخصيته فكان مرهف الحس ... دقيق الإدراك ... ذكياً لحد الإبداع ... عمل في صحيفة الاستقلال وإذاعة صوت القدس فكان مثالاً للموظف الملتزم كان حسن باراً بوالديه مطيعاً لهما لا يضجر ولا يتأفف من طاعتهما فقلب حسن العطوف يقبل الجميع حتى مع أخوته الصغار ... كان حسن يداعبهم ويعطف عليهم ويتودد لهم .. كان حسن شجاعاً رافضاً للظلم ينبري للتصدي للمواقف المتخاذلة فهو يصدع للحق صداحاً به ... كان حسن هادئاً جداً  ... مقداماً واثقاً بنفسه... أحبه كل من عرفه ... و هذا ما بدا ظاهراً خلال تشييع جثمانه الطاهر .

تميز حسن بالتفاعل مع محيطه الاجتماعي فكان له أصدقاء كثر يلتفون حوله ... كان يتذلل لأمه وأبيه ويخفض لهما جناح الذل من الرحمة ... يصل الرحم ويزور إخوانه كما تميز بأنه أحاط نفسه بثلة من الشباب الملتزم والواعي فكان مثالاً فى التكافل الاجتماعي في أسرته ومسجده وأصدقائه كما تميز حسن بعلاقاته التنظيمية الواسعة مع كل التنظيمات والفصائل المجاهدة حتى التى تخالفه فى الفكر فكان ينسج بحراً من العلاقات الاجتماعية ... يشارك الجميع أفراحهم ... ويشاطرهم أحزانهم... تزوج حسن قبل سنة ونصف من صحفية زميلة له في صحيفة الاستقلال ...  فطوبى لمن يألفون ويؤلفون

تربى حسن على موائد القرآن الكريم في قلعة الجهاد والمقاومة مسجد القسام منذ أن تفتحت عيناه على الدنيا فاحتضنه شباب المسجد وتعهدوه بالتنشئة الإسلامية الرائدة فكان يمارس رياضية الكاراتيه بصحبة الشهيدين علاء الكحلوت وأنور الشبرواي الذين تعلق حسن بهما كثيراً والتحق بحركة الجهاد الإسلامي التي آمن حسن بأطروحاتها واستشعر مصداقيتها وآمن بالوحدة كضرورة حتمية ثم انتقل للعمل في صفوف الاتحاد الإسلامى الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامى وبعد ذلك ألح حسن على إخوانه فى قيادة سرايا القدس أن يلتحق بهذا الركب الطاهر والخيار الأمل فقبل الأخوة بعد جهد كبير واصرار حثيث من قبل حسن فانتمى لسرايا القدس المظفرة مع بداية انتفاضة الأقصى حيث برع فى مجال الهندسة والتقنية فلاحظ ذلك قادته فألحقوه بوحدة الهندسة والتطوير التابعة لسرايا القدس كما ظهرت أيضاً القدرات الإعلامية الفائقة لحسن فتولى فيما بعد إدراة الإعلام الحربي لسرايا القدس في قطاع غزة  ... شارك حسن فى صد العديد من الاجتياحات لشمال القطاع حتى أنه أصيب إصابة طفيفة في أحد المرات ... وشارك أيضاً في تطوير وتصنيع المنظومة الصاروخية في سرايا القدس وقاد حملات إطلاق الصواريخ على مستوطنات الاحتلال وكان حسن المسؤول المباشر عن إطلاق حملة تتضمن 40 صاروخاً على تلك المغتصبات رداً على اغتيال القائد محمد شحادة  ... وتفيد المصادر الخاصة في سرايا القدس أنه كان مشاركاً في عملية إيريز البطولية برفقة الشهيد محمود المقيد مما أدى لمقتل 3 جنود صهاينة وإصابة العديد منهم وكذلك مقتل مستوطن ومستوطنة في سيديروت جراء القصف الصاروخى للبلدة حيث كان حسن أميراً لتلك المجموعات المجاهدة  كل ذلك وحسن يعمل بصمت تحت جنح الليل . 

استشهد شهيدنا القائد حسن شقورة أبو إسلام يوم السبت الموافق 15/3/2008 م في مثل هذا اليوم المبارك أثناء توثيقه لإحدى المهام الإعلامية لسرايا القدس شرق مدينة غزة، حيث أطلقت طائرات الغدر الصهيونية صواريخها تجاه المجاهد « حسن » مما أدى لارتقائه واثنين من إخوانه المجاهدين « محمد الشاعر » و« باسل شابط » فهنيئاً لكم الجنة يا فرسان الكرامة في زمن امتلأت فيه السراديب بالخائفين وأصحاب أنصاف الحلول.

تروي أسرة حسن أنه عندما كان طفلاً ذهب لصالة القسام الرياضية لممارسة ألعاب القوى وكان يشرف على تدريبه الشهيدين أنور الشبراوي وعلاء الكحلوت الذين مَن الله عليهما بالشهادة وتقول بأنه عندما كان في العاشرة من عمره رأى الشهيدين في السماء وتخيل له بأنهما يطلبانه فبكي حسن وأقسم أن يلحق بهما ... وها هو اليوم يرتحل لهما بعد رحلة جهاد عنيدة في مقارعة الكيان البغيض .

كلمات دلالية