خبر عمارة تاريخية في روسيا مهددة بالهدم

الساعة 10:00 ص|13 مارس 2017

فلسطين اليوم

يشكل مركز « سنتروسويوز » رمزا لفن العمارة الحديث في موسكو وأول طلبية عامة تلقاها المهندس لو كوربوزييه، أحد رواد هذا التيار المعماري، غير أن برجا علوه 58 مترا قد يغطيه بظله قريبا.

هذه العمارة الفريدة من نوعها التي صممها المهندس الفرنسي السويسري بين 1928 و1936 لتكون مقرا لوزارة الصناعات الخفيفة في عهد النظام السوفياتي ليست معرضة لخطر الهدم، فهي مدرجة في قائمة المعالم التاريخية وقد رممت سنة 2013 وباتت تضم اليوم مكاتب المعهد الروسي للإحصاءات (روستات) الذي لا ينوي تغيير موقعه.

لكن قرار هدم بنايتين سكنيتين مجاورتين ترمزان إلى الأسلوب المعماري السائد في موسكو في نهاية القرن التاسع عشر، قد اتخذ. فقد أعرب فريق من الخبراء العام الماضي عن رأي مؤيد لهدم المبنيين المؤلفين من ثلاث طبقات وأربع نظرا إلى « التغيرات الكبيرة التي طرأت خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية » والتي جعلت من هاتين العمارتين باليتين. ولا يزال ينبغي أن تصادق لجنة بلدية على تقرير الخبراء هذا.

وأكدت الهيئة الثقافية لمدينة موسكو لوكالة فرانس برس أنه من الممكن تدمير المبنيين المجاورين لمركز « سنتروسويوز » لأنهما « غير مصنفين »، مشيرة إلى أنها « لم تتلق بعد أي طلبات لرخص بناء وهي لم تقم بمنح أي منها ».

وتعد المنطقة المحيطة بمركز « سنتروسويوز » الممتد على حوالى 39 مترا محمية من حيث المبدأ، غير أن البلدية لا تخفي نواياها، فقد نشر مشروع حول الأراضي والعقارات في كانون الأول تطرق إلى احتمال إبدال العمارتين القديمتين ببرج يبلغ علوه 58 مترا ومساحته الإجمالية 59 ألف متر مربع.

وبحسب جمعية « أرخنادزور » المعنية بالحفاظ على المباني التاريخية في موسكو، فالعقار الذي يضم المبنيين هو ملك لوزارة الدفاع التي تعاونت مع مجموعة « فين.كوم » العقارية لتشيد فيه مركز أعمال واسع.

وقد تعذر الحصول على أي تعليق من « فين.كوم ».

وصحيح أن هذه الفكرة لا تزال محط بحث، غير أنها دفعت أنتوان بيكون رئيس جمعية لو كوربوزييه إلى توجيه رسالة إلى رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين ووزير الثقافة الروسي فلاديمير ميدينسكي.

وكتب بيكون في هذه الرسالة الإلكترونية التي أرسلها في منتصف كانون الثاني والتي لم يتلق ردا عليها بعد « في حال نفذ هذا المشروع، فهو سيؤثر سلبا على البيئة المحيطة بالمركز الذي تم خلال تصمميه حسب حساب للعمارات المجاورة له في ذلك الوقت ».

ويجسد « سنتروسويوز » بواجهاته الزجاجية عدة قواعد من مبادئ التيار المعماري المعاصر وضعها لو كوربوزييه (1887-1965). وبالرغم من جدرانها المصنوعة من الصخرة الفليسية البركانية الحمراء، تتماشى هذه العمارة العملاقة الحديثة المعالم مع الأسلوب المعماري النيوكلاسيكي السائد في وسط موسكو.

وأكد كونستانتين ميخائيلوف المنسق في « أرخنادزور » أن « تشييد بناء إلى جانب المركز أعلى منه بمرتين ... يتسبب بكل بساطة بتشوية صورة الحي المشوه أصلا »، منددا بـ « تحريف فكرة لو كوربوزييه ».

وبحسب المدافعين عن هذا الإرث المعماري، المشكلة أكبر بكثير بعد، فهم يرون أن بناء مركز أعمال محاذ لهذه العمارة المدرجة في التراث التاريخي ينسف حظوط إدراجها في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

ففي تموز 2016، اختارت المنظمة الأممية 17 عملا من تصميم لو كوربوزييه في سبعة بلدان (فرنسا وسويسرا وبلجيكا وألمانيا والأرجنتين واليابان والهند) لتضمها إلى قائمة التراث العالمي. وغالبا ما « يطرح احتمال إضافة مركز +سنتروسويوز+ الذي يعد من العمارات الرئيسية في التيار المعاصر، إلى هذه القائمة »، على حد قول بيكون.

ولا يخفي أنتوان بيكون قلقه على التراث المعماري في موسكو، لا سيما أن السلطات لا تأبه كثيرا للمباني التاريخية في العاصمة الروسية.

وتزخر موسكو بالكنوز المعمارية المبنية وفق قواعد تيار التشييدية الذي أبصر النور عند تأسيس الاتحاد السوفياتي، لكن عدة مبان من هذا النوع قد هدمت وما بقي منها هو في حال سيئة في أغلب الأحيان.

وأوضح كونستانتين ميخائيلوف أن « موسكو هي موقع تكدس الثروات حيث الضغوطات كثيرة من قبل المستثمرين ...ويتعذر على سلطات المدينة مواجهة هذه الضغوطات في بعض الأحيان، حتى أنها تشجع للأسف ممارسات من هذا القبيل أحيانا ».

وختم قائلا « تقدمنا بملاحظاتنا لكننا لا نعلم كيف سيتم التعامل معها ... لكن في الأحوال جميعها كان من الضروري لفت انتباه المجتمع ».

كلمات دلالية