خبر غزة - برميل على وشك الانفجار -اسرائيل اليوم

الساعة 10:51 ص|11 مارس 2017

فلسطين اليوم

بقلم: نداف شرغاي

(المضمون: عوامل عديدة تشجع على مواجهة جديدة مع حماس موجودة منذ الان وهي تضاف الى العوامل ذاتها التي أدت في حينه الى اندلاع الجرف الصامد وما سبقها أيضا من حملات في العقد الاخير - المصدر).

حساب الربح والخسارة الذي تجريه « حماس غزة » لنفسها، كي تقرر اذا ما، ولكن بالاساس متى، الخروج الى معركة أخرى ضد إسرائيل، هو أيضا « السبيل المرسوم » الذي تدرسه محافل التقدير في البلاد بسبع عيون، في محاولة لفهم نوايا العدو و « للدخول الى رأسه ».

السؤال ماذا ستربح حماس وماذا ستخسره من مواجهة أخرى مع اسرائيل هو – نظريا على الاقل – هو السؤال الاساس، الذي يفترض أن يساعد الاستخبارات في التقدير السليم لمستوى احتمالية معركة اخرى في الجنوب وبالاساس توقيتها.

عندما يصف رئيس شعبة الاستخبارات « أمان »، اللواء هيرتسي هليفي، أزمة اقتصادية شديدة في قطاع غزة، فهو يقصد عمليا القول ان ساعة الرمل تنفد؛ وأننا نقترب من اللحظة التي يكون فيها من شأن « حماس غزة » ان تقول لنفسها ان الوضع الاقتصادي في القطاع سيء جدا لدرجة أنه لم يعد لها ما تخسره.

غير أن بالمقابل، توجد معطيات معاكسة كفيلة بان تفيد بأنه لا يزال لحماس مع ذلك ما تخسره: الدول المانحة التي تعهدت بعد الجرف الصامد بان تحول الى غزة نحو 4 مليار دولار، كي تعيد بنائها، حولت حتى الان نحو خُمس المبلغ فقط. بعضها تطلب من حماس أدلة وضمانات على أن هذه الاموال لن تستخدم الا لاعادة البناء المدني، وليس لتنمية ذاتية للسلاح او لبناء الخنادق والانفاق. واذا بادرت حماس الان الى جولة اخرى، فهي تخاطر بفقدان الاحتمال، أو على الاقل التأجيل الكبير، بتلقي هذه الأموال.

وها هما متغيران معاكسان آخران، كل واحد منهما يمكنه أن يؤدي بحماس الى سلوك آخر: فجهاز الامن فكر، قبل بضعة اشهر فقط، العودة للسماح للعمال من غزة بالعمل ونيل الرزق في إسرائيل والحصول هنا على أجر يومي يفوق ضعفي وثلاثة اضعاف الاجر الذي يكسبونه في غزة. وتحدث وزير الدفاع ليبرمان عن ذلك علانية. فمعدل البطالة في غزة بلغ منذ الان 58 في المئة، وعدد حالات الانتحار هناك على هذه الخلفية ارتفع جدا في السنتين الاخيرتين.

اسرائيل، كما هو معروف، تنقل الى القطاع ايضا تموينا جاريا من الغذاء، المواد الاستهلاكية البيتية، الادوية، الوقود، بل وحتى قليلا من مواد البناء. والمواجهة الان ستقطع لفترة غير معروفة التوريد الاسرائيلي وربما أيضا المصري الى غزة، وبالتأكيد ستؤجل لزمن غير معروف القرار الذي لا يزال يوجد على جدول الاعمال – السماح للعمال من غزة العودة للعمل في إسرائيل.

من الجهة الاخرى – تلتقي صورة الواقع المحتملة هذه قيادة جديدة، ذات مزايا متطرفة، يقف على رأسها يحيى السنوار، من كبار الذراع العسكري لحماس سابقا. والى جانبه، في « المكتب

السياسي » الجديد للمنظمة، يوجد الان على الاقل خمسة أعضاء آخرين يتماثلون مع الذراع العسكري للمنظمة (كتائب عز الدين القسام) اثنان منهم محرران في صفقة شاليط قضيا فترات حبس في السجن الاسرائيلي. والتوجه الطبيعي لمركز القوة الجديد هذا في « المكتب السياسي » يميل الى التطرف والمواجهة.

إن أحد الاعتبارات التي من شأنها ان تدفع قيادة حماس الجديدة الى المواجهة هو مدى صلاحية الانفاق الهجومية المجتازة للحدود – نحو 15 في عددها حسب المنشورات الاخيرة – والتي لا تزال في يد حماس بعد الجرف الصامد. كلما مر الوقت وساد الهدوء، يمكن لاسرائيل أن تتقدم بارتياح وبلا عراقيل في المشروع الهندسي والتكنولوجي المضاد للانفاق في حدود القطاع.

من زاوية نظر حماس، فان هذه الانفاق، كأدوات هجومية ضد إسرائيل، تعيش على « زمن مستقطع »؛ وهي حقيقة من شأنها أن تشجع حماس على استخدامها قبل أن تجعلها إسرائيل غير قابلة للاستخدام قبل القتال، او تنجح في خلق آليات تجعل استخدامها صعبا.

للميدان قوانين خاصة به

« لاعبان » آخران، كل واحد منهما يمكنه أن يؤثر على حماس بشكل مختلف، هما وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان من جهة وداعش من جهة اخرى: بخلاف موشيه بوغي يعلون، سلفه في المنصب، فان وزير الدفاع الحالي حذر حماس من انه اذا فتحت معركة اخرى في غزة، فستحرص اسرائيل على الا تبقى في نهايتها لتحكم في القطاع.

أما انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة فيمنح اسرائيل ظاهرا حبلا أطول مما في الماضي، كي تحقق هدف اسقاط حكم حماس في غزة. وفي حماس واعون لذلك، ولكن للميدان توجد، غير مرة، قوانين خاصة به.

 

أحد « اللاعبين » الذين من شأنهم أن يفاقموا الوضع هو داعش، او في صورته الغزية – رجال المنظمات والجماعات السلفية، من مؤيدي تنظيم الدولة الاسلامية في غزة وفي سيناء. حالتان من اطلاق الكاتيوشا من سيناء الى الاراضي الاسرائيلية في شباط الماضي – واحدة الى ايلات واخرى الى النقب – هما من فعل هذه المنظمات، وكذا أيضا اطلاق الصواريخ باتجاه شاعر هنيغف.

ترى إسرائيل في حماس مسؤولة عن كل اطلاق للنار من القطاع، وقواعد اللعب المتشددة في عهد وزير الدفاع ليبرمان أدت الى رد ناري « غير متوازن » على نار الكاتيوشا من المنظمات السلفية، والى اصابات مباشرة اكثر لاهداف حماس على طول خط الجدار.

وصعد الرد الاسرائيلي الشديد لفظيا على الاقل التهديد الحماسي. فقد أعلن قادة المنظمة علنا بانهم لن يحتووا بعد اليوم « المعادلة الجديدة » لليبرمان، واذا ما قصفوا مرة اخرى – فسيردون بشدة. فهل التسلق على « شجرة عالية » كهذه ملزم حيال الجمهور الفلسطيني؟

من زاوية نظر متشائمة – ومحافل التقدير ملزمون بان يأخذوا في الحسبان الامكانية الاسوأ وعرضها امام اصحاب القرار – فان بعضا من العوامل التي جرت اسرائيل وحماس الى المواجهة في تموز 2014 موجودة هنا مرة اخرى، وانضمت اليها الان عوامل خطر اخرى.

ان ضائقة السكان في غزة، عشية الجرف الصامد، هي أحد الامثلة التي ذكرها تقرير المراقب الاسبوع الماضي، وليس صدفة أن رئيس « امان » هيرتسي هليفي يتحدث الان بالذات عن ضائقة مشابهة.

إن الوضع الاقتصادي في غزة في حالة سيئة للغاية. فقبل سنتين توقعت الامم المتحدة بانه حتى العام 2020 لن تكون في غزة مياه ملائمة للشرب. فالخزانات الجوفية في غزة استنفدت نفسها في أعقاب النهل الزائد. ومنشأة التحلية الوحيدة لا تزود الا نحو 10 في المئة من استهلاك المياه في القطاع، واسعار المياه ترتفع. الاغنياء يدفعون مالا طائلا على المياه المحلاة، ولكن معظم الجمهور يستهلك مياها ذات درجة ملوحة أعلى لاهداف ليست الشرب، كالغسيل، النظافة والاغتسال.

كما ان توريد الكهرباء الى غزة يتعثر، رغم المساعدة الاسرائيلية والمصرية. فالبيوت في قطاع غزة لا تتلقى الكهرباء الا لسبع ساعات بالمتوسط في اليوم.

واذا لم يكن هذا بكاف – فالبطالة ايضا في القطاع تتصاعد وتقترب من 60 في المئة؛ نحو ثلث سكان القطاع لا يرتبطون بشبكة المجاري. وقنوات المجاري ضيقة ومفتوحة، وجور الامتصاص، ترفع مستوى الاصابة بالامراض النابعة من التلوث. وفي شواطيء السباحة في عسقلان يمكن غير مرة رؤية بواقي المجاري والمياه العادة التي حملتها التيارات البحرية من شواطيء غزة شمالا. ويمك

كما أسلفنا ان يضاف الى ذلك التأخيرات والتجميدات لاموال « الدول المانحة »، ومواد البناء التي تنقل الى غزة بالتقنين، واذا بكم تتلقون مفجر آخرفي برميل البارود الذي يسمى غزة.

منطق مقلوب

كيف يؤثر كل هذا على حماس؟ صحيح أن المنطق يستوجب توجيه كل مساعدة وميزانيات اعادة البناء في صالح السكان، ولكن « منطق » « حماس غزة »، ليس بالضرورة المنطق السائد. فحماس تستثمر الكثير من الاموال ووسائل المساعدة في اعادة بناء قوتها العسكرية. من زاوية نظر المنظمة – ينبغي تنفيذ الواجب الديني لفكرة المقاومة، حتى لو لم يكن احتمال النصر في اطار هذه المقاومة، عاليا.

صحيح أن السنتين والنصف الاخيرة كانت هي الاهدأ في العقد العير – 45 صاروخا فقط اطلق من القطاع، ومنها 4 فقط سقطت في مناطق مأهولة. غير أن هذا الهدوء تستغله حماس كي تستعيد قسما على الاقل مما فقدته في الرصاص المصبوب

أما الانفاق الهجومية، كما تعرفنا فقط، فلا تزال هنا. فالمواد الخام التي هي ضرورية لاعادة البناء المدني، وجهت لانتاج وسائل قتالية واعادة بناء شبكة الانفاق. فقد سيطرت حماس على المواد الخام هذه – من اسمنت، حديد وخشب – حتى قبل أن تصل الى اهدافها المدنية، وفي بعض الحالات صادرت أو اشترت هذه المواد من المواطنين.

في جنازة عصام عمر سعيد القطناني، نشيط حماس الذي قتل في انهيار نفق في الشجاعية، خطب خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحماس، وقال ان نشطاء كتائب عز الدين القسام سيواصلون حفر الانفاق ليل نهار، لان الانفاق هي « السلاح الافضل الذي سيهزم إسرائيل ».

كان لدى حماس عشية حملة الجرف الصامد نحو 11 الف صاروخ، معظمها لمسافات قصيرة والقليل منها لمسافات بعيدة (حتى 160كيلو متر). في نهاية الحملة بقي لدى حماس نحو ثلث كمية الصواريخ، بعد أن اطلقت نحو 4 الاف منها الى اسرائيل، وفقدت جزءا آخر في الهجمات الاسرائيلية.

ويقول خبراء « مركز معلومات الاستخبارات والارهاب » ان حماس تعطي الان اهمية عالية لزيادة مخزون الصواريخ ومخزون قذائف الهاون لديها وتشدد على السلاح الصاروخي للمدى البعيد.

كلمات دلالية