خبر معركة كبح - معاريف

الساعة 10:48 ص|11 مارس 2017

فلسطين اليوم

بقلم: الون بن دافيد

(المضمون: يجب على اسرائيل التأكد من ان سقوط داعش لن يؤدي الى تحويل الشرق الاوسط الى منطقة تأثير لايران. ولحسن حظ اسرائيل يبدو ان روسيا والولايات المتحدة شريكتان في هذا القلق - المصدر).

بحركة ملقط خرج هذا الاسبوع رئيس الحكومة ووزير الدفاع، واحد الى موسكو والثاني الى واشنطن، بخطوة منسقة. ايضا وراء فتحات الانف المغلقة نجح رئيس الحكومة في شم الفرصة التي نشأت الآن لكبح التهديد الحقيقي على اسرائيل الآن: التمدد الايراني في المنطقة. قبل تحرير مدينة الموصل بلحظة من داعش، يجب على اسرائيل التأكد من ان سقوط الدولة الاسلامية لن يؤدي الى انشاء الهلال الايراني من الخليج الفارسي وحتى البحر المتوسط.

الاتفاق النووي الذي وقعت عليه القوى العظمى مع ايران كان سيئا بحجم التنازلات فيه، ورغم ذلك أبعد عنا التهديد الوجودي النووي بعقد من السنين على الاقل. رغم ذلك منح دفعة للتهديد الذي تسميه الاجهزة الاستخبارية « ايران في المنطقة »: أي تعزيز مكانة ايران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ويحتمل في غزة ايضا. الآن تصل الاذرع الايرانية الى مياه البحر المتوسط على شواطيء لبنان وسوريا ومياه البحر الاحمر في مضائق باب المندب الاستراتيجية من خلال المتمردين الحوثيين في اليمن. بالنسبة لاسرائيل يوجد هنا عدم تناظر مؤلم: نحن ليست لدينا حدود مع ايران، ولكن لايران توجد حدود معنا وهي لبنان، وهي تريد حدود اخرى في سوريا. في قطاع غزة بالتحديد، جهود تقرب ايران من حماس غير ناجحة.

على مدى سنين يحاول القادة ورجال الاستخبارات في اسرائيل القول لروسيا ما هو الخطر من تمدد ايران. ووجهت هذه المحاولات حتى الاونة الاخيرة بنظرات منغلقة وتساؤلات من روسيا: ما الذي تريدونه من الشيعة؟، سألوا، « ان السنة هم الذين احضروا داعش والقاعدة الى العالم، هم الخطر الحقيقي ».

في السنوات الاخيرة وجد شركاء في هذه النظرة، ايضا في اوساط ادارة اوباما، لذلك فان الامريكيين ايضا لم يعارضوا الانضمام الدراماتيكي لروسيا الى الخط الشيعي. ولكن في الصيف حدث خلل لدى ايران. كشفت روسيا عن أن طائراتها القتالية تحلق من اجل القصف في سوريا من موقع سلاح الجو الايراني في حمدان. تم احراج ايران من هذا القول واعلنت بشكل حاسم انها تمنع روسيا من استخدام مطاراتها. يبدو ان طهران نسيت للحظة ان بوتين يحب الخطوات احادية الجانب وهو فقط الذي يقرر من اجلهم. بوتين الذي لا يغفر شعر بالاهانة من الخطوة الايرانية.

 

ردا على ذلك بدأت روسيا في تقليص دور ايران في الحرب السورية. تم استبعاد الجنرالات الايرانيين وقام جنرالات روسيا بقيادة معركة حلب والمليشيات الشيعية وقوات حزب الله وما بقي من جيش الاسد. وفي الوقت الذي سمح فيه الامريكيون للمليشيات الشيعية في العراق بارتكاب المذابح ضد السنة في الموصل، قامت روسيا في حلب بطرد القوات الايرانية بعد يومين من الاعتداء على المدنيين. قاسم سليماني، قائد قوة القدس في حرس الثورة، الذي كان المهندس وواضع خطوط الشرق الاوسط المستقبلية قبل سنة، تمت اقالته من منصب القائد العسكري الاعلى في المنطقة، واحتل مكانة الآن الجنرال الروسي الكسندر زورابلوف.

الجنرال الروسي و الرئيس الاسد لا يبدو انهما يهتمان باعادة السيطرة على الحدود مع اسرائيل. الجهد الاساسي القريب منا هو ضمان السيطرة على شارع درعا القنيطرة دمشق، وشارع مدينة درعا في حوران. هناك بدأ التمرد قبل ست سنوات. صحيح أن الاسد عاد في الشهر الماضي وقصف قريتين للمتمردين في شمال هضبة الجولان، لكن وجود حزب الله في المنطقة ضئيل وكذلك ايران لا تظهر هناك.

« غراوند زيرو » (المنطقة المدمرة بعد قنبلة نووية)

في الوقت الحالي، الخطوة الاسرائيلية لمأسسة المساعدات الانسانية للسوريين وراء الحدود تثبت نفسها. في سنوات الحرب الستة كان هناك حدث واحد لاطلاق نار موجه من قبل المتمردين نحو اسرائيل. وحظي الجولان الاسرائيلي على الهدوء والامن. في سوريا يوجد الآن حوالي 2.800 سوري حصلوا على العلاج في اسرائيل. وبالنسبة للكثيرين منهم هذا انقذ حياتهم. ومن انقذت حياته اسرائيل سيكون هو وابناء عائلته سفيرا افضل من أي عميل تقوم الاجهزة الاستخبارية بتجنيده.

الكثير من المصابين والمرضى السوريين الذين جاءوا الى اسرائيل كانت هذه تجربة غيرت مواقفهم. طفلة بدون قدمين وصلت في يوم ما الى اسرائيل، لم تكف عن البكاء اثناء علاج الطاقم الطبي لها. وعندما سألوا والدها لماذا تبكي قال هذا ذنبي. دائما كنت بتخويفها من أنها اذا لم تنه طعامها فسيأتي اليهود. ضابط هرب من جيش الاسد وانضم للمتمردين وصل الى الحدود مع قدم مبتورة ومتعفنة. ساله الطبيب الاسرائيلي: أنت انسان مثقف، كيف سمحت لنفسك ان تصل الى هذا الوضع حتى قررت المجيء الى هنا. « أنت لا تعرف » قال السوري، « علموني أن لكم قرون وذيل شيطان ».

اختارت اسرائيل بحكمة عدم التاييد العلني لاي طرف في الحرب انطلاقا من الفهم بأن أي مساعدة لمنظمة ما، ستضر بها. المساعدات الانسانية تمنح بالذات لسكان الجولان السوري بغض النظر عن انتمائهم التنظيمي. لكن محظور ان تسمح اسرائيل لايران والاسد السيطرة على الطرف السوري للحدود واقامة دولة شيعية. الان حين بدأ يتعزز حكم ترامب كمعارض لايران، توجد فرصة لضمان ذلك. ان مستقبل سوريا ومكانة ايران سيكونان بندان اساسيان في الصفقة التي يريد ترامب عقدها مع روسيا، لذلك هذا هو الوقت المناسب لاقناع الطرفين.

ايران تفهم ذلك وخرجت عن طورها في الاسابيع الاخيرة للتصالح مع روسيا. انها تتصرف بحذر في كل ما يتعلق بترامب، الى حين معرفة سبر غوره. تفهم طهران انه حينما تحاول روسيا تخيل الوضع النهائي للحرب في سوريا فهم يرون امامهم دولة مقربة من روسيا في الجزء الغربي لما كان سوريا ذات مرة. لكن مع توجه سني. واضح لروسيا ان محاولة فرض دولة شيعية على الاغلبية السنية في سوريا ستضمن استمرار الحرب. توجد لروسيا مصلحة واضحة في الحفاظ على المواقع المائية والجوية لها في سوريا، لكنها لا تشعر انها تزوجت من الاسد، ومع الوقت ستكون مستعدة لاستبداله بشخص آخر، وقد يكون سني، بلا تردد.

 

سوريا تحولت في السنوات الاخيرة الى « غراوند زيرو » لكل العالم. تصدير اللاجئين والارهاب من سوريا ساهم بشكل حقيقي في تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، واثر ايضا على الانتخابات الامريكية، ويمكن أن انظمة اخرى في اوروبا سيتم استبدالها هذا العام. جميع القوى العظمى في المنطقة – ايران وتركيا والسعودية ومصر ايضا – على صلة بهذه المعركة. روسيا تدير هذه المعركة ومنذ بداية الاسبوع توجد ايضا قوات برية امريكية في سوريا – انضمت الى القوات الكردية في معركة الرقة. وهناك قوات جوية لستين دولة مشاركة في التحالف ضد داعش. واضح لكل العالم ان نتيجة الحرب في سوريا ستدوي الى ما وراء حدود الشرق الاوسط.

 

 

 

 

 

كلمات دلالية