تأثيراتها كارثية على الاقتصاد

خبر « التكييش ».. ظاهرة تتنامى في قطاع غزة

الساعة 06:24 ص|11 مارس 2017

فلسطين اليوم

يستغل بعض أصحاب معارض السيارات حاجة المواطنين للسيولة النقدية لتحقيق أرباح هائلة لصالحهم من خلال ما يُعرفُ بظاهرة « التكييش »، التي بدأت تتنامى في مختلف أسواق قطاع غزة.

وتقوم فكرة « التكييش » على لجوء المواطنين إلى شراء سلعة معينة كالسيارات أو الأجهزة الكهربائية والالكترونية، عن طريق الشيكات أو الكمبيالات، ومن ثم بيعها لذات الشركة أو لشركة أخرى ليحصلوا بذلك على سيولة نقدية.

وتحمل الظاهرة الجديدة في طياتها آثار كارثية على الاقتصاد الفلسطيني، إذ تزيد من الفوارق الاقتصادية بين طبقات المجتمع، وتسحق الطبقة الوسطى، وفقاً لتقديرات خبراء في المجال الاقتصادي.

المحلل الاقتصادي ومدير العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية د. ماهر الطباع، يرى أن الأسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة « التكييش » تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، وقلة السيولة النقدية.

ويشير الطباع لـ« فلسطين اليوم »أن ظاهرة « التكييش » تنتشر في أسواق السيارات، والأدوات الكهربائية، والأدوات الإلكترونية، لافتاً أن الظاهرة تحمل مخاطر جمة على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة، وتؤدي إلى تعثر المواطنين وإفلاس التجار، وتعزز الطبقية الاجتماعية.

زيادة في الشيكات المرجعة

وذكر أن الظاهرة تسببت في زيادة أعداد الشيكات المرجعة، نظراً لعدم قدرة أصحابها على التسديد بسبب الديون المتراكمة، ويشير إلى أن بعض الموظفين العموميين يستخدمون تلك الطريقة لتحصيل السيولة النقدية من خلال بطاقة التقسيط المريح EasyLife مثال: يشترون من خلال البطاقة أدوات كهربائية بقيمة 4 آلاف شيكل،، ويبيعونها إما بالاتفاق مع صاحب المحل أو ببيعها لمحلات أخرى بـ 3 آلاف شيكل، مشيراً إلى ان البنوك لا تجد في ذلك الأمر إشكالية لأن البطاقة مضمونة براتب الموظف، لكن تأثيراتها تكون كبيرة على السوق.

وخلال العام الماضي 2015، بلغت قيمة الشيكات الراجعة في السوق المحلية (الضفة الغربية وقطاع غزة) 670.3 مليون دولار أمريكي، بعدد شيكات بلغت 538 ألف ورقة شيك، ومن إجمالي قيمة الشيكات الراجعة في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال 2015، كان هناك نحو 573.5 مليون دولار أمريكي، لعدم كفاية الرصيد، بعدد ورقات بلغت 466.7 ألف ورقة شيك، ولم تصدر –حتى اللحظة- سلطة النقد إحصائية لعدد الشيكات المرجعة لعام 2016.

ويمكن تعريف (الشيك المرتجع) بأنه أي شيك مسحوب على أي بنك ولا يتم صرفه لعدم وجود رصيد أو عدم كفايته، وفي هذه الحالة بإمكان حامل الشيك الاشتكاء على محرره لدى النيابة العامة.

وعن كيفية الحد من الظاهرة السلبية، ذكر الطباع أن البنوك تقوم بإجراءات عديدة يمكن من خلالها التخفيف من حدة « التكييش »، منها وضع أصحاب الشيكات المرتجعة في القائمة السوداء، والتشديد في إعطاء دفاتر الشيكات.

وشدد الطباع على أن جانب كبير من المسؤولية يقع على عاتق الأجهزة الرقابية الحكومية، والأجهزة القضائية، داعياً إياهم للتعامل بشكل حازم مع صاحب الشيك المرتجع لما يمثله من جريمة، وهي إصدار شيك دون رصيد.

انعدام السيولة أحد أسبابها

الخبير الاقتصادي نهاد نشوان أتفق مع سابقه في تداعيات ظاهرة « التكييش » على السوق الفلسطيني في قطاع غزة، والتي ارجع انتشارها إلى أسبابٍ عدة منها، انعدام السيولة، وتحديد سقف التسهيلات المقدمة إلى قطاع غزة من قبل سلطة النقد في رام الله.

ومن الأسباب التي أدت إلى انتشار الظاهرة التي سردها نشوان، الحصار والحروب التي جاءت على قطاع غزة خلال العقد الماضي، وزيادة الواردات وانعدام الصادرات -بمعنى أن العملة الخارجة من قطاع غزة أكثر من الداخلة بسبب الاستيراد الكثيف- يُضاف إلى ذلك قلة المنح والهبات المقدمة لغزة، وتحويلها لرام الله بسبب الحصار والانقسام.

كذلك من الأسباب التي أدت لقلة السيولة النقدية أن غالبية الموظفين العموميين (المستنكفين) لا يتلقون رواتبهم بشكلٍ كامل؛ نتيجة مرورهم بتسويات بنكية مثل القروض، الأمر الذي أضعف السيولة النقدية في الأسواق الغزية.

وساهم تزايد أعمال البناء في العامين الأخيرين بخفض السيولة النقدية من السوق، إذ تحولت من مخزون نقدي إلى أبنية، يُضاف إلى ذلك عدم اطمئنان أصحاب الأموال للأوضاع الحالية وتوقعاتهم السلبية للاستثمار في القطاع؛ بسبب الأزمات والحروب، الامر الذي دفع عدد كبير منهم لادخار الأموال دون استثمارها.

يقول نشوان: نتيجة الأوضاع السابقة بدء التجار في انتهاج سبل جديدة للحصول على السيولة ممن يمتلك تلك السيولة، ومنها العمل بـ « التكييش » وتسييل الشيكات المؤجلة، الأمر الذي ساهم في انتشار محال الصرافة في غزة، والتي تقوم بصرف الشيكات المؤجلة، بقيمة منخفضة عن القيمة الواردة في الشيك تحت بند تبديل عملات.

وأشار الخبير نشوان إلى أن الاستفادة من تسييل الشيكات المؤجلة تقدر بحوالي 10% من قيمة الشيك المُسيل، لافتاً إلى أن ذلك زاد من الشيكات الراجعة الأمر الذي أرهق الجسم القضائي نتيجة كثرة قضايا من هذا النوع.

وبين أن ظاهرتي « التكييش » و« تسييل الشيكات » ارهقتا الاقتصاد الفلسطيني، وعززت مبدأ الطبقية، وساهمتا في زياد ثراء فئة المستفيدين، وزيادة فقر فئة المتضررين وهم أصحاب الشيكات المؤجلة.

للابتعاد عن الربوية

وأوضح أن المواطنين في غزة يلجؤون إلى تلك الطريقة للحصول على السيولة النقدية دون اللجوء إلى المؤسسات الربوية، لأسبابٍ عدة منها، صعوبة الإجراءات والشروط والتي تتطلب وجود كفلاء يعملون في الوظيفة العمومية، وتلك الشروط عير متوفرة بسبٍ كبيرة، لأن غالبية من يعملون في الوظيفة العمومية عليهم التزامات مالية.

ودعا نشوان المواطنين إلى الابتعاد عن العمل بـ« التكييش » واللجوء إلى الاستدانة وفتح المشاريع من خلال « الرهن العقاري » أو بضمان المشروع، حتى وإن لم يستطع المواطن التسديد يكون هناك حل يكفل لصاحب الرهن تسديد المبلغ وعدم التعثر أو اللجوء للهرب أو الدخول في السجن.

كلمات دلالية