خبر تقرير مراقب الدولة يؤخر الحرب على غزة أم العكس؟

الساعة 08:25 ص|09 مارس 2017

فلسطين اليوم

بقلم _حسن لافي

بعد نشر التقرير النهائي لمراقب عام دولة الكيان « إسرائيل » النهائي, بما يتعلق بأداء الحكومة والجيش الإسرائيلي أثناء الحرب على غزة 2014, وما واكبه من تراشق للاتهامات و تقاذف بمسؤوليات الفشل بين قادة الكيان . وحرص الجميع التنصل من تحمل هذا الفشل. 

هذا الوضع يطرح تساؤلاً مهما حول ماهية  تأثير هذا التقرير على قرار الحرب أو السلم على غزة من قبل الحكومة الإسرائيلية ؟ إجابة هذا التساؤل تدفعنا  لرسم ملامح المشهد السياسي والعسكري الإسرائيلي العام.

على مستوى الحليف الأهم الولايات المتحدة الأمريكية, لأول مرة منذ ثمانية أعوام تحظى إسرائيل برئيس أمريكي في البيت الأبيض, لا يعتبر صديق لإسرائيل فقط بل صديق لليمين الاستيطاني فيها ,الذي حسب العقلية الإسرائيلية لابد من اختبار صداقته بطرق عملية, كان أولها مدى تصميم إدارته على حل الدولتين, ولن يكون آخرها مدى قدرته لتقبل أي عملية عسكرية إسرائيلية , وإمكانية إعطائها غطاءً دولياً, وخاصةً بعد الضربة الدبلوماسية التي وجهتها الإدارة الأمريكية المنصرمة برئاسة « باراك اوباما » بعدم استخدام حق نقض الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار« 2334 » الخاص بعدم  شرعية الاستيطان, والتي كانت تكليلاً لعلاقة متوترة بين اوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي « بنيامين نتنياهو ».

أما على المستوى الداخلي, فهناك تتداخل الصور وتتوزع على العديد من مستويات اتخاذ قرار الحرب والسلم في إسرائيل, بدئاً من رأس هرم النظام السياسي الإسرائيلي المتمثل بنتياهو رئيس الحكومة, و المسئول الأول عن اتخاذ القرارات الحاسمة, هذا الرئيس الذي يعيش أسوأ فترات حياته السياسية, حيث الإمكانية المتزايدة يوماً بعد يوم لتقديم لائحة اتهام ضده, قد تنهي مستقبله السياسي. وفي ظل هذه الأزمات يأتي تقرير مراقب عام الدولة لضرب صورته كرجل الأمن الأول في إسرائيل وحامي حماها, هذه الصورة التي تعتبر ركن أساسي في حملاته الانتخابية ,أضف على ذلك الحرب المكشوفة  بينه وبين الإعلام الإسرائيلي, هذه الأمور مجتمعة , قد تضطره للهروب إلى الأمام من خلال افتعال أزمة تحرف انتباه الرأي العام الإسرائيلي عن التداول بقضاياه الخاصة, ومن أفضل من غزة لانجاز ذلك.

وفي ذات السياق, يأتي التنافس حامي الوطيس داخل اليمين الإسرائيلي على وراثة نتنياهو , والمعركة المُستَعرة بين أقطابه وعلى رأسهم« نفتالي بنت » زعيم حزب « البيت اليهودي » ووزير التعليم, والشريك الائتلافي المشاكس داخل الحكومة ,  الباحث عن فرصة لإظهار قدراته العسكرية القيادية, ليضيفها لاستمارة ترشحه لرئاسة الوزراء, وخاصة أنه الذي دق ناقوس خطر الأنفاق قبل وأثناء الحرب, ولم يوجه له التقرير أي لوم بل بالعكس .

« أفيغدور ليبرمن » رئيس حزب « إسرائيل بيتنا »  وزير الحرب , الذي يعاني من فقدان السيرة العسكرية, التي أثارت الشكوك بقدرته لتولي هذا المنصب, لذا يسعى لإثبات إمكانياته كوزير دفاع جيد, يستطيع انجاز ما لم يستطع عليه دهاقلة العسكر في إسرائيل, من أمثال « ايهود باراك » و « بوجي يعلون », وهذا يصب في فرصه للتنافس على خلافة نتنياهو.

 أما القادم الجديد على السباق « يسرائيل كاتس » وزير المواصلات, واحد أهم أركان حزب الليكود, والباحث عن الأضواء من خلال تسعير المجتمع الإسرائيلي ضد غزة, ليخفي فشله كوزير لشؤون الاستخبارات الأمنية أثناء الحرب ,والذي طاله انتقاد المراقب.هؤلاء الثلاثة هم من الأعضاء المؤثرين في الحكومة الإسرائيلية و« الكبينت », الدائرة الأهم باتخاذ قرار الحرب والسلم.

 وإذا أخذنا في الحسبان, استطلاعات الرأي داخل « إسرائيل » نجد أن اليمين الإسرائيلي باختلاف أطيافه_ ورغم تعدد أهدافه_ له مصلحة صريحة في إطالة عمر حكومتهم اليمينية ,رغم التنافس على وراثة نتنياهو، الجميع له مصلحة بالإبقاء عليها حتى لا يتجاوزهم« يائير لبيد » رئيس حزب « هناك مستقبل », التي تعطيه الاستطلاعات تقدما ملحوظاً , والذي لم يؤثر عليه التقرير كثيرا, ومن الممكن افتعال مواجهة مع غزة يساهم في تحقيق هذا الهدف.

أما على مستوى المؤسسة العسكرية, فجيش الاحتلال الإسرائيلي صاحب مصلحة واضحة بتحسين هيئته أمام الجمهور الإسرائيلي, وخاصة بعد التقرير الذي ممكن نعته بإعلان الفشل للجيش بحرب 2014, وليس فقط في موضوع معالجة أنفاق غزة , ولكن على مستويات عدة أقلها عدم الجهوزية المناسبة لتلك الحرب, ناهيك عن الحملة التي طالت سمعة الجيش وقادته من قبل اليمين الإسرائيلي  في موضوع الجندي « ألون ازاريا », الذي قتل الشهيد « عبد الفتاح الشريف » في الخليل, وما صاحبها من ضرب أهم مسلمة داخل المجتمع الإسرائيلي, المتمثلة بالإجماع شبة التام على شرعية الجيش كممثل للكل اليهودي الصهيوني  والحامي لمشروعه.

أضف إلى ذلك , الانجازات التكنولوجية للمشروع العسكري الخاص بمحاربة الأنفاق « القبة الحديدة الأرضية » والتي سُرب عن بعضها في الآونة الأخيرة, والميزانيات الهائلة التي ضخت بها بعد حرب 2014 , هذه المنظومة تحتاج للفحص والاختبار وقياس مدى نجاعتها في التعامل مع أنفاق المقاومة في غزة, أو حتى في تسويق هذه المنظومة التكنولوجية الجديدة لدول العالم.

وفي نفس المستوى هناك الحاجة الماسة لتقييم خطة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي « جادي ايزن كوت », الهادفة لرفع أداء الجيش وخاصة جنود الاحتياط  به, والتي كانت شغله الشاغل طوال فترة توليه منصبه -والذي شارفت على الانتهاء-,وخاصة أنها تدخل في سياق الإعداد لأي مواجهة مقبلة مع حزب الله في الشمال.

المشهد السياسي والعسكري في إسرائيل يشي باحتمالية قيام عملية عسكرية إسرائيلية محدودة تستهدف الأنفاق, وبعض الأسلحة النوعية لدى المقاومة وكوادرها تحت نظرية « جز العشب », مع الأخذ بعين الاعتبار أن ضرب هذه الأهداف لا تُسهم في إطالة زمن الحرب أو فرص الفشل العسكري.

 ولكن يبقى العامل الأهم في المعادلة, و الذي يمكن أن يغير تلك القراءة , هو الخوف الإسرائيلي من مفاجآت المقاومة التي لا تتوقعها إسرائيل,والتي ممكن أن تكون المسمار الأخير في نعش الكثير من السياسيين والعسكريين.

كلمات دلالية