بقلم: رفيف دروكر
(المضمون: يقوم نتنياهو باصدار توجيهاته واتخاذ القرارات التي لا يقوم بمتابعتها، لهذا لا يهتم ذوي الصلة بها كونهم يدركون عدم متابعته لها - المصدر).
منسق شؤون المناطق رفع راية حمراء في وجه المستوى السياسي الاعلى: ازمة انسانية في غزة، خطر الانفجار على الابواب. رئيس الحكومة أمر خطيا باجراء نقاش حول الامر في الكابنت، وهذا النقاش لم يتم. « الاولويات تغيرت »، قالوا في مكتب رئيس الحكومة. رئيس الشباك رفع في وجه المستوى السياسي الاعلى راية حمراء: لديه معلومات عن عملية شديدة لحماس. رئيس الحكومة طلب « ابلاغ الكابنت اليوم »، ولم يتم ابلاغ الكابنت. قال نتنياهو: « لقد قررت أن الموضوع مهم، ويمكنني التقرير أنه أقل أهمية ». في نهاية المطاف حصل وزراء الكابنت على قرارات تسببت بمواجهة لا يريدونها، دون معرفة أن هناك خطر بأن قراراتهم قد تدفع حماس الى التسريع في الاستعداد للعملية.
قادة الجيش والشباك جاءوا وحذروا من تهديد الانفاق. وفهم رئيس الحكومة: « سنختطف هذا ونستغله كتهديد استراتيجي، كمفاجأة استراتيجية في جميع الجبهات »، هذا ما قاله لرئيس الاركان بني غانتس. وما الذي فعله؟ لا شيء. لم يقم بأي محاولة لايجاد الحل. بعد أن بدأ التوتر الذي أدى الى عملية الجرف الصامد، أمر نتنياهو الجيش في جلسة الكابنت بأن يحضر له « حتى الغد » خطة للقضاء على الانفاق. وعرف نتنياهو أن التهديد موجود منذ أكثر من عقد. فهل كان من المنطقي حسب رأيه أنه خلال 24 ساعة سيتم ايجاد حل ناجع؟ وفي الغد كانت المفاجأة. ضباط الجيش لم يأتوا بالحل. فهل غضب نتنياهو؟ من الواضح أنه لم يغضب.
بعد ذلك بعشرة ايام كانت الحرب في ذروتها، وفكر نتنياهو أنه يمكن للجيش أن يقدم خطة كهذه للكابنت. وشملت الخطة القصف الجوي، لكن رئيس الاركان غانتس ووزير الدفاع موشيه يعلون عرفا أن هذا لن يساعد. وسألهما نتنياهو اذا كان هذا لن يضر. وهذا سؤال في مكانه. غانتس ماطل ويعلون لم يُجب. أي أن وزير الدفاع لم يكلف نفسه عناء الرد على رئيس الحكومة حول سؤال حساس: هل الخطة التنفيذية ستفيد أم تضر.
انتقل نتنياهو الى برنامج العمل اليومي. وإما أنه لم ينتبه وإما أنه شعر باستنفاد دوره بمجرد سؤاله السؤال الصحيح. وسواء كان هذا أو ذاك، فان القرار غير السليم تمت المصادقة عليه من قبل اشخاص عرفوا أنه غير سليم. وقد تسبب القرار بالضرر المتوقع.
الموضة الآن هي القول إن فحص العمليات العسكرية بأثر رجعي هو الضرر الحقيقي. هذا كلام فارغ. الأمر الذي يسبب الضرر هو أن رئيس الحكومة يدير شؤوننا الامنية الحساسة وكأنه مستشار خارجي للحكومة وليس القائد. هو « يعطي التوجيهات »، « يأمر »، « يقرر »، وعندها لا يحدث أي شيء. الاجهزة تعرف أنه لن تتم المتابعة بعد « اعطاء التوجيهات »، ويتم التعاطي بناء على ذلك. في المكان الاكثر استفزازا في تقرير مراقب الدولة حول الجرف الصامد يقوم مقربو نتنياهو باخفاء معلومة صغيرة لكنها هامة. عندما جرى نقاش استراتيجي حول غزة، فقط بعد نصف سنة من « قرار » نتنياهو – جاءت اليه ممثلة مجلس الامن القومي، وقالت للوزراء بأنها تطرح أمامهم فقط جزء من البدائل، وأن هناك بدائل اخرى مثل محاولة التوصل الى اتفاق مع حماس. وبعد ذلك على الفور، قامت بالغاء هذا الخيار. كل ذلك كتب في التقرير، وما لم يكتب هو أنه بين الطرح المتردد للبديل السياسي وبين الغاءه كانت هناك حركة يد رافضة لرئيس الحكومة، هذه الحركة التي أعادت الموظفة الى مسارها الصحيح.
لماذا إذا يُحتاج الى تقارير كهذه؟ لأنه بفضل تقرير فينوغراد حظيت ممثلة مجلس الامن القومي بطرح الخيار السياسي في اطار اتخاذ القرارات العليا. تقرير مراقب الدولة ضروري كي يوافق رئيس الحكومة في المرة القادمة على الاستماع ايضا للخيارات التي لا يرغب فيها. واذا لم يكن استماع حقيقي فسيكون على الأقل خوفا من التحقيق. ويمكن أنه اذا قاموا باجبار الكابنت على الاستماع، فان القرارات ستكون أفضل.