خبر مبارك يتجه الى شرم الشيخ – يديعوت

الساعة 11:47 ص|05 مارس 2017

فلسطين اليوم

بقلم: سمدار بيري

كانت هناك مؤشرات سابقة من أن حسني مبارك، الرئيس الرابع والمخلوع لمصر، سيعلن بريئا. وهذه هي المرة الاولى التي يغادر فيها قضاة المحكمة العليا مقرهم الدائم في القاهرة كي يجتمعوا تحت حراسة مشددة في اكاديمية الشرطة. هنا، في قاعة يتوسطها قفص الاتهام، دارت 46 جلسة في قضية مبارك بعد أن رفض العرض السخي لمغادرة البلاد، واغلق على نفسه في شرم الشيخ واعتقل.

  « محاكمة القرن » انطوت على دراما كبيرة أكبر من الحياة. أي من ثلاثة أسلاف مبارك لم ينهي حكمه وهو على قيد الحياة، وأي منهم لم يجتز هزة كهذه: من حكم المؤبد الذي فرض عليه، وحكم الاعدام تقريبا، ست سنوات في قسم محمي في المستشفى، ويوم الخميس الماضي التبرئة التامة التي لا مجال للاستئناف عليها.

   ملف مبارك شبه مغلق. فهو لم يعد مسؤولا عن قتل 800 متظاهر ضده في ميادين مصر. بعد أن اعلن عن وزير داخليته، حبيب العدلي، الذي هو الاخر اطيح به واعتقل، بريئا – المسؤولية عن موت شباب الثورة بقيت معلقة في الهواء. بقيت فقط قضيتان غير مغلقتين: قضية الهدايا باهظة الثمن التي تلقاها مبارك من صحيفة « الاهرام » وقضية استغلال مكانته لجني ارباح مالية بعشرات ملايين الدولارات، التي ستبقى مختبئة في حسابات مجهولة في الخارج.

  من الان فصاعدا، حسب القانون الجاف، فان من حق مبارك ان يغادر الجناح في الطابق الثالث من المستشفى العسكري في حي المعادي. هذا لم يكن الحبس في ظروف متشددة الذي ارسل اليه عشرات الاف المتظاهرين ضده. فقد حظي الرئيس المخلوع بزيارات عائلية متواترة، بعلاج طبي ثابت، بارساليات ورود من محبه، بل وكان بوسعه أن يوصي بالطعام من المطاعم الفاخرة في القاهرة. وبعد أن برئت ساحته فانه يستحق حراسة ثابتة، ولكن حسب احساس الشارع، فان هذه ستكون حملة باعثة على التحدي. من الصعب أن نرى الرئيس السيسي يخصص مئات افراد الشرطة على مدار الساعة للتصدي لموجات الغضب المفاجئة. فللحكم الحالي توجد مشاكل حراسة تصل حتى الرأس وداعش يتربص بالفرص.

وبالاجمال، فقد مرت التبرئة بهدوء. هنا وهناك حرص المتحدثون باسم المعارضة على التعبير عن استيائهم، والتلميح بان السيسي كان يمسك بالخيوط من خلف الكواليس، وان في السجون لم تبقى « الفلول » الفاسدة من عصر مبارك. في أزمة الحنين التي يتميز بها جدا ابناء الشعب المصري من السهل ان نشخص الاشواق للحكم السابق. فاذا كانوا في عصر السادات اشتاقوا لوعاء اللحوم في عهد جمال عبدالناصر، ففي عهد السيسي يتذكرون بان الوضع في أثناء الحكم « المخلوع » لم يكن سيئا مقارنة بالازمات الاقتصادية اليوم.

فجأة تسمع أصوات تطالب بتعويض مبارك، واعادة تعليق صوره في محطة الميترو الرئاسية. وبعيون اسرائيلية يمكنهم ان يشخصوا بان هناك من يسمونه مجددا « بطل الحرب والسلام » ويتذكرون له تطوير المشاريع الاقتصادية بالتعاون مع أسرة الاعمال التجارية الاسرائيلية.

  إذا كان سيخرج – بالتنسيق مع محافل الامن – شيخ ابن 88، مريض ومنقطع، بعد اعتقال طويل، من السهل التخمين بان مبارك سيسعى الى انهاء حياته في فيللته في شرم الشيخ. هنا، في النطاق المغلق في الفندق الذي اختفى ضيوفه مع موت السياحة، فان مهامة الحراسة ستكون اسهل. فالقانون سيمنعه، كمن اتهم بتلقي الرشوة (ورتب لنفسه صفقة) التنافس على منصب سياسي. لا يبدو أن لديه، في عمره، خططا من هذا النوع.

ان تبرئة مبارك هي مرحلة حيوية في منافسة السيسي على ولاية رئاسية ثانية في السنة القادمة.  مبارك لن يزعج، وعندما ستنتهي حياته، ستجرى له جنازة رسمية، في طقوس عسكرية كاملة، والأوسمة ستوضع على تابوته الملفوف بالعلم الوطني. هذا بالضبط ما قصده حين أعلن عن مغادرته القصر إذ قال « انا وطني مصري، وهنا سأعيش حتى يومي الاخير ».

 

 

 

كلمات دلالية