خبر تراجع مشروع الاستيطان- هآرتس

الساعة 08:14 ص|04 مارس 2017

فلسطين اليوم

بقلم: شاؤول اريئيلي

(المضمون: إن هالة مشروع الاستيطان جميعها تعتمد الآن على التكاثر الطبيعي في مدينتين حريديتين سيتم ضمهما أصلا الى اسرائيل في اتفاق الحل الدائم - المصدر).

إنسوا كل ما عرفتوه حول الحقائق البديلة. نحن نعود الى التفسيرات البديلة. أي نعتمد على الحقائق، لكننا نفسرها كما نشاء. الصورة ستكون مختلفة، لكن البلاد لن تهتز ولن تشتعل. قبل أن نتبنى أحد برامج الرئيس دونالد ترامب لحل الصراع، لا توجد مثل معطيات السجل السكاني في الادارة المدنية حول ازدياد عدد المستوطنين في النصف الثاني من العام 2016 من اجل تمزيق قناع التضليل عن مشروع الاستيطان والكشف عن وضعه الحقيقي والاعلان عن تراجعه وفشله.

هذا الفشل سبب ردود يائسة في اوساط المعسكر القومي المتطرف المسيحاني برئاسة نفتالي بينيت واوري اريئيل واييلت شكيد وزملاءهم في الليكود. هؤلاء الذين يحاولون اخفاء الفشل في الخطوات والبرامج المختلفة مثل « قانون المصادرة » وضم معاليه ادوميم وضم الكتل الاستيطانية ومناطق ج أو ضم الضفة الغربية جميعها.

هذه الخطوات تريد للوهلة الاولى ترتيب واقع حياة المستوطنين بذريعة أنه وصل الى مرحلة النمو وأن تواجد المستوطنين في الضفة الغربية هو أمر لا رجعة عنه وأخضع الفلسطينيين وطموحاتهم القومية. هذا الادعاء الخاطيء يريد تبرير تدفق عشرات ملايين الشواقل للمعتدين على الاراضي في عمونة وعشرات الملايين من وزارة التعليم لخطط مختلفة لجولات الطلاب في المستوطنات التي تعمل تحت الاسم المتهكم « تعرف على المختلف والآخر »، وملايين اخرى للاستوديوهات في المدن الاسرائيلية، التي هدفها « الاستيطان في القلوب ». ولم نقل شيء بعد عن المليارات التي تسكب مثل الماء من اجل البنى التحتية والامن والثمن السياسي والاخلاقي والاجتماعي الذي يدفعه المجتمع الاسرائيلي بسبب هذه الاحلام المشوهة.

بعد كل ذلك، ما الذي تكشفه لنا المعطيات؟ في النصف الثاني من العام 2016 تمت اضافة 7.053 اسرائيليا لمنطقة يهودا والسامرة. هل يبدو هذا ملفتا؟ بنظرة اخرى يتبين أن عدد منهم، 43 في المئة، تمت اضافتهم للمدينتين الحريديتين بيتار عيليت وموديعين عيليت، واغلبيتهم الساحقة نتيجة التكاثر الطبيعي. في هاتين المدينتين اللتين تقترحان الحل التهكمي لضائقة السكن في الوسط الحريدي، والذين يسمون انفسهم « مستوطنون رغم أنوفنا » هناك يعيش ثلث الاسرائيليين في يهودا والسامرة.

أي أن هالة « ازدياد » مشروع الاستيطان يعتمد على التكاثر الطبيعي في هاتين المدينتين الحريديتين. هذه مدن فقيرة جدا ومدعومة من الحكومة، والتي يفترض أن تنضم الى اسرائيل في أي اتفاق دائم وتبادل للاراضي. واذا كان هناك من لا يفهم الحقائق بشكل عميق، أقول مجددا: إن هالة مشروع الاستيطان، مشروع اخفاء الفلسطينيين وطموحهم القومي، تعتمد على التكاثر الطبيعي في مدينتين حريديتين سيتم ضمهما في الاتفاق الدائم.

وماذا عن « أختهما » العلمانية معاليه ادوميم التي يتحمسون في اليمين لضمها؟ إن سكانها يصوتون منذ فترة طويلة بالاقدام، وعددهم في النصف الثاني من العام 2016 تراجع بثمانية اشخاص. أي اذا قمنا بخصم التكاثر الطبيعي فان عشرات العائلات غادرت معاليه ادوميم. اذا بدل الركض من اجل بناء مفسيرت ادوميم في إي 1 وبدل سكب الاموال على السكن الرخيص للسكان الضعفاء في المناطق، يجدر أن نحرف المصادر الثمينة لبناء سكن داخل اسرائيل.

وماذا عن اريئيل البعيدة، عاصمة السامرة؟ لقد بقيت المدينة اليهودية الاصغر في المناطق، والزيادة فيها تبلغ 4.5 في المئة فقط من اجمالي الزيادة نصف السنوية في يهودا والسامرة.

وفيما يتعلق باقي المنضمين ليهودا والسامرة، اغلبيتهم وصلت الى الحاضرات العلمانية القريبة من الخط الاخضر التي ستضم لاسرائيل في الحل الدائم: جفعات زئيف (4.7 في المئة)، الحديث هنا عن حريديين انضموا الى حي أغان هأيلوت وسببوا تراجع التصنيف الاجتماعي الاقتصادي للحاضرة، من اشكول 6 الى اشكول 5، ألفيه منشه (2.5 في المئة)، اورانيت (1 في المئة)، هار أدار (0.6 في المئة) وافرات (4.8 في المئة). المعاقل القومية المسيحانية فقدت من سكانها وتراجعت: بيت ايل تقلصت بـ 34 شخص، الكنا تقلصت بـ 50 شخص، وكريات اربع تقلصت بـ 6 اشخاص، واللجنة اليهودية في الخليل تقلصت ايضا بشخص واحد.

هذه المعطيات تشير الى سيرورات معروفة تستمر منذ عقدين رغم جهود كبحها واخفائها (من خلال اموال دافع الضرائب في اسرائيل). هناك تراجع يبلغ 60 في المئة في الزيادة السنوية للاسرائيليين في الضفة الغربية. وهناك انعكاس في مصادر الزيادة – التي لا تنبع من الهجرة، وحوالي 80 في المئة منه تنبع من التكاثر الطبيعي، حوالي نصف التكاثر في يهودا والسامرة هو في مدينتين حريديتين، وهناك تراجع مستمر في عدد الاسرائيليين في بعض المستوطنات وخصوصا النائية والبعيدة.

الاستنتاج المطلوب على ضوء الواقع المذكور أعلاه هو أن فرصة ضمان مستقبل معظم الاسرائيليين الموجودين في الضفة (بما في ذلك الاحياء اليهودية في شرقي القدس) يكمن في التوصل الى اتفاق دائم يضمن ابقاء 80 في المئة منهم في بيوتهم تحت السيادة الاسرائيلية. لذلك فان سكان « الكتل » القريبة من الخط الاخضر يجب أن يطالبوا بحل كهذا. كل حل آخر سيزيد من تفاقم الوضع ويؤدي الى اندلاع العنف والضغط الاقتصادي ويدفع السكان الى مغادرة المستوطنات. المليارات التي تريد حكومة اسرائيل المسيحانية منحها للمستوطنات ستجذب السكان الضعفاء الذين لا توجد لهم فرصة التقدم الاقتصادي بسبب غياب البنى الصناعية في المستوطنات. وهؤلاء سينضمون الى 60 في المئة من قوة العمل الاسرائيلية في المناطق، الذين يسافرون كل يوم الى داخل الخط الاخضر لكسب الرزق، أو الى دائرة الحاصلين على المساعدات في المدن الحريدية.

الحقائق تتحدث عن نفسها. وتفسير الحقائق هو أمر آخر. دائما يمكن الجدل حوله، لكن وجبة زائدة من حبوب الفانتازيا والتريب التي تسبب الهذيان المسيحاني ليست وصفة للحياة الطويلة. من الافضل أن تبدأ اسرائيل بالعمل على الفطام والاستعداد لبديل الدولتين.

كلمات دلالية