خبر « خاطبة الطالبات ».. مهام أخرى لمديرة المدرسة بغزة!

الساعة 08:58 ص|02 مارس 2017

فلسطين اليوم

بابتسامة خجولة واحمرار الوجنتين قالت « مروة »: « ما زالت دقات قلبي تتسارع كلما ذُكِر اسمها ولا أراها إلا مُديرة مدرستي رغم أنها أسدت لي أجمل مكافأة عندما رشحتني ككنّة لوالدة زوجي ».

يبقى مفهوم « مديرة المدرسة » ذات الشخصية الإدارية والقيادية المهولة هو الذي يسيطر على أذهان الطالبات مهما مر على تلك المرحلة من سنين أو أحداث اجتماعية مختلفة قادرة أن تستبدل هذه الفكرة بأخرى أكثر مرونة وأقل رهبة إلا أن النظرة تجاهها تبقى محتفظة بتلك الهالة المحيطة بها كونها « المديرة ».

ومن تلك الأحداث الاجتماعية التي قد تكون سببًا كبيرًا في تخفيف وهج قوة مركز الإدارة الذي تتمتع به المديرة هو مساعدتها لأولياء الأمور أو للسيدات في اختيار زوجات لأبنائهم من طالبات المدرسة، حيث تقول « دلال » أنها شهقت بصوتٍ مرتفع عندما علمت من « حماتها » أن مديرة مدرستها هي التي رشحتها لها لتخطبها لابنها « يا إلهي أصبت بصدمة وبقيت طوال الشهرين الدراسيين لا أستطيع أن أنظر للمديرة وجهًا لوجه ».

فيما تقول « فاطمة » بنبرة اعتزاز « على العكس كنت فخورة جدًا عندما عرفت أن المديرة هي من قدمتني لوالدة زوجي للخطبة وبقيت لسنوات أرى نفسي أمام زوجي بتميزي وشطارتي التي دفعت المديرة لتقدمني لوالدته »، لكنها لم تُخفي خجلها الشديد من مديرة مدرستها في ذلك الوقت والتهرب من مواجهتها في أي موقف وإذا ما تقابلتا صدفة فقد كانت تبعثر نظراتها عنها وتحبس أنفاسها طويلاً.

تقع على كاهل المدير في كافة المؤسسات إدارة عدد محدد من الموظفين فيما لا تهب من تأثير ثِقل شخصيته القيادية على العملاء أو الزوار أية نسمات لعدم احتكاكهم المباشر فيه أو لعدم وجود صلة بينهما، إلا أنه تجلى أن مفهوم إدارة « مدرسة » لا يعني إدارة عدد معين من الموظفين فقط بينما يقع على كاهل صاحب منصب الادارة مسؤولية إدارية نحو مئات الطلاب أيضًا.

منى أبو جهل « مديرة مدرسة » تقول: « المشكلة ليست في المسؤولية الإدارية فنحن كمديرات مدارس لم نصل لهذا المنصب إلا بدراية تامة في علم الإدارة والقيادة وضبط المؤسسة والمسؤولية الكبيرة تجاه الموظفين والطلاب، لكن ما اكتشفنا أنه من مسؤولياتنا أيضًا هو الدور المجتمعي الذي لم أكن أعييه تمامًا إلا بعد أن جاءت احدى السيدات تطلب مني أن أرشح لها طالبة ككنة فقد كانت تخطب لابنها وتبحث عن الفتاة المتميزة عِلمًا وأدبًا ».

تتابع: « في الحقيقة إن كون المديرة أنثى فهذا الأمر يجعل السيدات يُقبِلن على سؤالها عن فتيات خلوقات للخطبة في مدرستها دون تردد أو خجل »، وترى أبو جهل أن ذلك الأمر ليس عيبًا أو مُخجِلا على العكس، وفق قولها، فإنه من دلائل اهتمام النساء بأن يخطبن لأبنائهم الفتاة الأكثر أدبًا وذكاءً ورفعةً بالخُلق والعلم بعيدًا عن معايير اختيار الكنة حسب مقومات الجمال الشائعة مجتمعيًا في غزة.

ويبدو أمر الذكاء الاجتماعي أكثر ضرورة من الذكاء الإداري في مهمة « إدارة المدرسة » حيث توضح نجاح سليم « مديرة مدرسة » أن المديرة في موقعها هذا لا تتعامل فقط مع عدد من المعلمات والطالبات وإنما هي تتعامل مع المجتمع المحيط بأكمله، مبينة أن توجه السيدات إليها للمشورة في أمر الخِطبة يُمثل أنهن يضعنها في موضع الثقة والائتمان لأن مسؤولية الزواج مسؤولية كبيرة لا يتم النظر إليها من المظهر فقط فهو غالبًا ما يكون مُخادع.

تردف: « لا أرشح الفتيات الأكثر تحصيلًا دراسيًا غالبًا؛ وانما اللواتي أثق بأدبهن وأخلاقهن العالية ويكون لدي بعض المعلومات البسيطة عن طبيعة حياتهم الأُسرية أحيانًا »، مُشيرة إلى أنها في النهاية لا تريد أن تضر الفتاة بوضعها في مكان لا يليق بمستواها الأخلاقي والمادي _في بعض الأحيان_ بنفس الدرجة التي لا ترغب فيها بأن يكون اختيار هذه الفتاة للخاطبة اختيارًا غير موفق.

وفي السياق ذاته فإن مساهمة مديرات المدرسة بخطبة بعض الفتيات لا يُلخِص الدور المجتمعي الكبير الذي يقمن به، حيث تقع على كاهلهن العديد من المهام التي يتشارك بها مدراء المدارس جميعًا في بيئة العمل بغض النظر ع كونهم ذكور أو إناث، والتي تُعد من معايير نجاح منصب المدير الإداري داخل أسوار المدرسة أو خارجها.

ومن أهم أدوار المدير المجتمعية هو التعاون وخلق روح الفريق بينه وبين الموظفين الذي ينعكس ايجابًا بشكلٍ تلقائي على الطلاب ويُمرر من خلالهم إلى أولياء أمورهم، كما يُعد « مدير المدرسة » محل اقتداء للمجتمع من حوله وأنموذجًا تربويًا يحتذى به، بالإضافة إلى توليه مهمة بناء ثقافة تربوية تعتمد على رفع مستوى التعليم من خلال التواصل الفعّال والتعاون الهادف بين هيكل الإدارة وأولياء الأمور أو أفراد المجتمع المحلي بشكلٍ عام.

 

 

كلمات دلالية