خبر نحن في ستار من الدخان -معاريف

الساعة 10:45 ص|23 فبراير 2017

فلسطين اليوم

نحن في ستار من الدخان -معاريف

بقلم: عاموس جلبوع

 (المضمون: كل من يحلم بوضع السلام والهدوء، ينبغي أن يعرف كيف يثبطه. هذا هو زمن الحذر، التفكر، الامتناع عن المغامرات او الشعارات الحماسية من اليمين ومن اليسار. ومرة اخرى، لا ينبغي باي حال أن ندس أنفسنا في المعمعان الاقليمي ولا حتى الفلسطيني الداخلي الا اذا لم يكن حقا مفر - المصدر).

          بأي قدر نجيد نحن معرفة الشرق الاوسط الاسلامي. بأي قدر نفهم نحن ما يجري فيه منذ 2011؟ وفي هذا السياق، هل ترامب وفريقه يفهمون؟ لا أدري. ولكن بوسعي أن أوصي الرئيس وكل ذي رأي أن يقرأ كتابا جديدا صدر هذه الايام. وعنوان الكتاب هو « الشرق الاوسط: الازمة الاكبر منذ محمد ». وكتبه البروفيسور حجاي ايرلخ، من عظماء المستشرقين لدينا، برأيي.

نقطة المنطلق هي أنه من أجل فهم افضل لما يجري في منطقتنا منذ 2011، ينبغي معرفة الماضي السحيق والتقلبات التي مرت على منطقتنا. فالماضي السحيق للمنطقة ذو صلة الان، حين تكون فكرة دولة الاسلام والخلافة تحرك تنظيمات مثل داعش، وعناصر المجتمع الاسلامي التقليدي، مثل القبيلة، العائلة، الملة الدينية والطائفة، فتعود لتلعب أدوارا رئيسة. منذ بدأت الامبراطورية العثمانية تنزل من عظمتها في القرن الثاني عشر، مر الشرق الاوسط ومحيطه بـ 12 أزمة – انعطافة كبرى فبل 2011. والحدثان اللذان وقعا في أعقاب حرب الايام الستة في 1967: صعود انظمة عربية دكتاتورية منحت المنطقة استقرارا بثمن القمع؛ والى جانب ذلك دخلت الى الساحة العربية قوتان عظميان غير عربيتان ذات تنوع ديني اسلامي: ايران وتركيا.

الازمة الحالية هي رقم 13 في عددها، وهي الاصعب، الاعمق والاكثر عنفا من الـ 12 أزمة الماضية التي مرت على المنطقة. هذه أزمة تفكك الدول القومية العربية التي نشأت في بداية القرن العشرين. هذه أزمة دينية يحاول فيها الاسلام السياسي احتلال مكان الدولة القومية، بينما هو نفسه منقسم ومتنازع في صراعات دموية؛ هذه هي أزمة العروبة حيال القوى غير العربية: الاتراك والايرانيين. الى هذه الازمة الكبرى يمكن أن نضيف « ازمتين » أخريين يمكنهما ان تشكلا بوصلة تفكير للمستقبل: الاولى، الغرب الذي احتل المنطقة في حينه أخطأ في امرين مركزيين في التفكير: بانه يمكنه اقامة دولة قومية في البلدان العربية، مثلما في اوروبا، وترسيم حدود لها، وأنها ستؤدي مهامها مثلما في اوروبا؛ وأنه يمكن اقامة أنظمة ديمقراطية، والمجتمع والحكم سيتبنيانها، وكأن بها أنظمة في دول غربية. يجدر بالذكر ان الامريكيين هم الذين ضغطوا علينا لنسمح لحماس بالمشاركة في الانتخابات للسلطة الفلسطينية باسم الديمقراطية.

الثانية، لا الاستخبارات، لا الاكاديمية، لا الاعلام، لا السياسيين ولا الحزبيين (ربما باستثناء أفراد معدودين) توقعوا هذه الازمة، مثلما لم يتوقعوا في الماضي الازمات المختلفة التي مرت على المنطقة. ومثلما لم يتوقعوا الازمة الكبرى التي حلت بسقوط الاتحاد السوفياتي. يبدو أن سحابة الغبار التي تخفي عنا المستقبل كثيفة، ولا يزال لا توجد تكنولوجيا يمكنها أن تخترقها لترى المستقبل.

 

          ولكن لا يمكن للدولة الا تحاول رسم سيناريوهات المستقبل، رغم الوعي بان ما يحصل سيكون هو السيناريو غير المتوقع. أمر واحد مركزي، اعتقد، يجب ان يوجه مقرري السياسة لدينا، كائنا من كانوا: انعدام الاستقرار، الفوضى والعنف في الازمة ستبقى تميز المنطقة، مع انعدام يقين شديد عما سيلده اليوم. كل من يحلم بوضع السلام والهدوء، ينبغي أن يعرف كيف يثبطه. هذا هو زمن الحذر، التفكر، الامتناع عن المغامرات او الشعارات الحماسية من اليمين ومن اليسار. ومرة اخرى، لا ينبغي باي حال أن ندس أنفسنا في المعمعان الاقليمي ولا حتى الفلسطيني الداخلي الا اذا لم يكن حقا مفر.

كلمات دلالية