خبر مؤتمر اسطنبول وجدلية « الإطار البديل » عن منظمة التحرير

الساعة 07:16 م|22 فبراير 2017

فلسطين اليوم

تباينت وجهات النظر الفلسطينية، وبرز جدل واسع حول « المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج »، الذي سينعقد يومي 25 و26 شباط/فبراير الجاري في مدينة اسطنبول التركية، ما بين من اعتبره محاولة لإيجاد بديل عن منظمة التحرير، وبين من رأى فيه تفعيل لدور فلسطينيي الشتات في خدمة قضيتهم وتسليط الضوء عليها.

مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية « مسارات »، هاني المصري، رأى في المؤتمر خطوة مهمة في إطار محاولة إبراز دور فلسطينيي الخارج الذي لا يمكن التخلي عنه، للتواجد الكبير للجاليات الفلسطينية في مختلف أنحاء العالم.

إلا أن المحلل السياسي الفلسطيني، رأى خلال حديث مع « قدس برس »، أن الخطأ الذي وقع به منظمو المؤتمر جاء بسبب الآلية التي فيها ترتيب فعاليته، حيث تم ذلك بمعزل عن أطر منظمة التحرير الفلسطينية بالخارج.

وأضاف يجب أن تكون الترتيبات لهكذا مؤتمر وبهذا الحجم بشكل مشترك، وبوجود كل أطياف الشعب الفلسطيني، لأن تمثيل فلسطينيين الشتات لا يقتصر على طرف دون آخر.

وشدد على أن المؤتمر يجب أن يكون محطة مهمة لتحقيق الهدف من وراء انعقاده، وليس المساهمة في زيادة الشرذمة التي تعاني منها القضية الفلسطينية« .

وتابع المصري، أن »منظمة التحرير تتحمل المسؤولية بتخليها عن دورها المنوط بها، الأمر الذي خلق حالة من الفراغ، أوصلتنا إلى ما هي عليها الآن، فالمنظمة تعتبر ميتة منذ اتفاق اوسلو، بسبب تقصيرها الواضح بحق الفلسطينيين أينما وجدوا في الداخل والخارج« .

وأشار إلى أنه يجب من جميع الأطراف العمل على إعادة بناء المنظمة لتضم الكل الفلسطيني، مستدركا أن فعل ذلك يبدو صعب لأسباب محلية ودولية.

وشدد المحلل المصري على ضرورة، التركيز على ما يوحد الشعب الفلسطيني على قاعدة الأخطار والأهداف المشتركة، مضيفا أنه على الشعب الفلسطيني أن يتحرك بتغيير الواقع الموجود، بسبب ممارسات قياداته وتمسكهم بمواقفهم الفئوية الحزبية ».

من جهته، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية « حماس »، فايز وردة، إن من حق كل فلسطيني العمل أينما وُجد لخدمة قضيته، مشيرا إلى أن هناك قيادات فلسطينية في الخارج لديها درجة عالية من الوعي والدراية بواقع القضية الفلسطينية، وعندهم الخبرة التي تمكنهم من إقامة الفعاليات التي تساند شعبهم في الداخل.

وأضاف القيادي وردة، خلال حديث مع « قدس برس »، أنه كان على منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة « فتح »، العمل على استثمار المؤسسات والطاقات الفلسطينية في الخارج، لتحقيق أهداف القضية الفلسطينية، ودعم مؤسسات المنظمة في الخارج، كي تدب فيها الحياة من جديد، بدلا من انتقادها وتخوينها.

وقال إن « المنظمة بوضعها الحالي لا تمثل الشعب الفلسطيني بكليته، فهي ما زالت ناقصة في التمثيل بدون وجود حركتي حماس، والجهاد الإسلامي، تحت إطارها ».

وعبّر القيادي في حركة « حماس »، عن أسفه للسياسية التي تتبعها المنظمة في تخوين الآخرين الذين يعملون على خدمة القضية الفلسطينية، بدعوى أن كل جسم غير المنظمة هدفه أن يكون بديلا عنها.

وتساءل وردة: « هل قامت المنظمة بواجبها كي تحاسب الآخرين؟ وما الذي دفع القائمين على المؤتمر لإقامته لولا يأسهم من المنظمة التي فشلت في في تحقيق الأهداف التي انطلقت لإجلها؟ ».

ورأى أن « المنظمة ستبقى جسما ميتا وعبئا على الشعب الفلسطيني، إذا لم يتم العمل على إعادة بنائها وترتيب مؤسساتها، وفقا لما تم الاتفاق عليه بين فصائل وأطياف الشعب الفلسطيني.

من جانبه، لا يرى عضو اللجنة التنفيذية لـ »منظمة التحرير الفلسطينية« ، غسان الشكعة، في عقد »مؤتمر فلسطيني الشتات« ، أي مساس بشرعية المنظمة، بل اعتبر أن الجدل حول ذلك يندرج في أطار الخلافات الحزبية بين الفصائل الفلسطينية.

وأشار إلى أن الحديث عن أن مؤتمر اسطنبول يهدف لتشكيل جسم بديل لمنظمة التحرير أو المس بشرعيتها لا رصيد له على الواقع، وأن طبيعة الانتقادات الموجهة للمؤتمر ذات طابع فصائلي وحزبي تتعلق بحالة الانقسام.

وأعرب الشكعة خلال حديث مع »قدس برس« ، عن ترحيبه بأي لقاء فلسطيني في الخارج أو الداخل، يساهم في وحدة الموقف من القضية الفلسطينية، التي يرى أنها تمر في أخطر مراحلها، مضيفا أنه »لا بد من تجميع القوى الوطنية في أي مكان أو لقاء، بحثاً عن طوق انقاذ للفلسطينيين إزاء ما ينتظرهم من مخاطر« .

وشدد الشكعة على أن أي »مؤتمر أو لقاء في الخارج لن يستطيع المس بشرعية منظمة التحرير، ولن يكون هناك أي جسم بديلاً عنها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، واعترفت بها دول العالم« .

وطالب الشكعة، بأن يكون المؤتمر فرصة للتوصل إلى موقف فلسطيني وحدوي، وانطلاقة لإنهاء حالة الخلاف والانقسام بين الضفة وغزة، وداخل الفصائل الفلسطينية نفسها.

أما القيادي في حركة »فتح« نبيل عمرو، رأى أن غياب قوة وفاعلية منظمة التحرير وتحلل مؤسساتها وتراجع نفوذها على الفلسطينيين في الوطن والشتات، أدى لاستفحال ظاهرة المؤتمرات والتجمعات التي لا صلة للمنظمة بها.

وتابع عمرو في مقال صحفي له، أنه »حينما تكون المنظمة قوية وحاضرة كمؤسسات وكتيار وطني جارف، فإن أية محاولة لتجاوزها أو القيام بأي فعالية من وراء ظهرها، ستتحجم تلقائيا، ففي زمن قوة المنظمة واتساع نفوذها كانت دول وازنة لا تقوى على الاقتراب منها« .

وكانت حركة »فتح« ، قد أعلنت على لسان المتحدث باسمها في أوروبا جمال نزال، رفضها مؤتمر اسطنبول المقرر يوم 25 شباط 2017 بمشاركة فلسطينيين من أنحاء مختلفة من العالم.

وقال نزال في بيان صحفي، »لم يتم تنسيق المؤتمر لا مضمونا ولا شكلا مع الجهة الوطنية الفلسطينية الشرعية صاحبة القرار النهائي في تمثيل الشعب الفلسطيني أي منظمة التحرير الفلسطينية« .

وأضاف »يجب التحذير من اي نشاطات تهدد ولو من بعيد وحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية شعبها بصفة حصرية صارمة، فيما هو حق سياسي تاريخي مكتسب بالنضال والدماء التي سالت لنيل وتكريس القرار الوطني المستقل مفهوما وتطبيقا« .

تجدر الإشارة إلى أن القائمين على تنظيم هذا الحدث، أكدوا في بيان صحفي وقّعت عليه نحو 70 شخصية فلسطينية، على أن الحاجة لعقد »المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج« تأتي في ظل التطوّرات التي تشهدها المنطقة العربية، واستمرار استهداف حقوق الشعب الفلسطيني، وبعد مرور 50 عاما على احتلال القدس، ومائة عام على صدور »وعد بلفور« .

وبحسب ما جاء في البيان؛ فإن المؤتمر شعبي، فلسطيني، وطني، جامع، يهدف إلى إطلاق حراك شعبي، وطني، واسع، يحقق تفعيل دور الفلسطينيين في الخارج من أجل الدفاع عن قضيتهم وحقوقهم في تحرير أراضيهم والعودة إليها، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

كما أكد المتحدث الرسمي باسم »المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج« ، زياد العالول في حديث لـ »قدس برس« ، على أن »أحد أهم أهداف المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج يمكن القول بأنه تحقق قبل انعقاد المؤتمر أصلا، ويتعلق الأمر بحجم التفاعل من مختلف الأطراف المحلية والإقليمية والدولية مع صوت فلسطينيي الخارج الذين تم تغييبهم قسرا منذ اتفاق أوسلو« .

وذكر العالول »أن كثيرا من المخاوف التي عبر عنها البعض لجهة أن يكون المؤتمر بديلا أو منافسا لأي إطار تنظيمي سابق بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية، قد تبددت مع تنوع الانتماءات الفصائلية والفكرية للمشاركين والفاعلين الرئيسيين في المؤتمر« .

وأضاف: »الهدف الأهم للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج يفوق التنظيمات والأطر إلى جوهر القضية الفلسطينية، الذي يتعرض لمحاولات تصفية غير مسبوقة تتصل بالثوابت، يمكن أن يصل الصمت حيالها إلى مستوى الخيانة الوطنية، وهو مستوى يرفض المشاركون في مؤتمر اسطنبول أن يكونوا جزءا منه".

كلمات دلالية