تحليل أبو عبد الله وفتح العباسية

الساعة 07:52 ص|22 فبراير 2017

فلسطين اليوم

بقلم: عدلي صادق

سُمِعتْ أمس، فتح العباسية، وهي ترمي د. رمضان عبد الله شلّح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بأوصاف لم يتأهل لنيلها أحدٌ في تاريخ فلسطين المعاصر، مثلما تأهلت لها بجدارة أم لهب العباسية، التي في جيدها حبلٌ من مَسَدْ، حسب التسمية القرآنية للآثام.  ففي ردة فعلها على رأي لأخينا رمضان، قيل إن الرجل وقع في السقوط السياسي والأخلاقي. ولعلنا نلتمس عذراً للناطق البذيء، الذي ينتحل تمثيل فتح الشاسعة الوفية لإرثها الكفاحي وللمناضلين والمجاهدين، فنقول إنه لا يعرف الفارق بين الخلاف السياسي والسقوط السياسي. لكن واحدنا يعجب لهذه الوقاحة،  التي جعلت منشئي نصوص البيانات، في فتح العباسية، يتطاولون على أناس لم يزاحموا كبيرهم على شيء، ولم يكونوا طلاب سلطة، ولا مدمني مهاترات، وتحملوا من أمن  عباس كل أذية ووشاية، وضبطوا ردود أفعالهم ولغتهم، بينما هم قادرون على رد الصاع صاعين لأشخاص يلعبون أدواراً أمنية شائنة، تستهدف وتطال عناصر حركتهم، لكنهم اختاروا تنزيه أنفسهم عن كل سجال أو نزال داخلي، أو تشنيعات إعلامية، يمكن أن تردع الضالين وتضطرهم الى التزام جحورهم!

فمن العجيب، أن تأنس الحلقة العباسية التي تنتحل اسم فتح الشاسعة حاضنة الحركة الوطنية المعاصرة؛ في نفسها الأهلية  والجدارة في توصيف الآخرين، متناسية كل ما هي فيه من افتضاح!

فأي سقوط أخلاقي وسياسي رأيتموه،  يا فتح العباسية  وكتيبة أم لهب، في قول د. رمضان شلّح أن سلطة عباس شريكة في حصار الضفة؟ أليست هذه السلطة، هي التي تجاهر وتفاخر بالتنسيق الأمني، الذي هو الذراع الرئيس للحصار؟ ألم تتجاوز المهمة الأساسية لأمن عباس، مطاردة المقاومين، ووصلت الى المدارس لكي تفتش التلامذة بحثاً عن سكاكين؟ أم إن تشويه سمعة المدرسة والآباء والأمهات والمعلمين من خلال الإعلان عن كونهم هدفاً للتفتيش، ليس إعلانا عن نشاط في سياق الحصار؟ وماذا عن شباب ومناضلي فتح نفسها، اليسوا مستهدفين من خلال مراقبة آرائهم، على النحو الذي لم يفعله الاحتلال؟

كأن التنصت على الهواتف وترهيب الناس، وتلفيق القضايا لأصحاب الرأي وحبسهم، وإقصاء المناضلين، واحباط وحدة فتح، وإصدار قرارات الفصل والبتر والتعليق والتجميد، ومراقبة الحسابات المصرفية، وإحباط الصدقات، ومصادرة أغطية الشتاء الواردة للفقراء، وغير ذلك من أشكال الضغوط على المجتمع الفلسطيني، كلها، وسائل لمقاومة الحصار وتكريس الحرية، وليست ممارسات لإحكام الحصار، أو كأن هذه الأفاعيل، ليست هي التي تنم عن السقوط الأخلاقي بعد السقوط السياسي؟!

سنعتب على صديقنا د. رمضان، إن تعاطى مع مثل هذه السفاهة باعتبارها معبرة عن رأي فتح. فهو على علم بأن فتح تقدره وتقدر حركة الجهاد، بل إننا في أسوا الاحتمالات، لو اختلفنا مع قيادات حركات المقاومة، حول أي أمر، فلن يؤثر ذلك سلباً على تقديرنا للمقاومين ولقيادات المقاومة، فما بالنا والأمر يتصل بأخوة أعزاء تساموا عن كل مغنم، واستعدوا لكل مغرم!

 لنسخر معاً، من أولئك الخطائين الواهمين، الذين  يتخذون لأنفسهم منصة، يتحدثون منها عن الوحدة الوطنية واستقلالية القرار وعن التغريد خارج السرب والارتهان لأطراف إقليمية. فهؤلاء، عندما انتحلوا تمثيل فتح الشاسعة أم الشهداء، ونَصَبُوا السامر وافتعلوا بالهمروجة التي سموها مؤتمراً عاماً وسابعاً لحركة فتح، وانتخبوا مركزيتهم؛ استعصى عليهم لشهرين، توزيع ما يسمى المهام. ولما أحسوا أن في الأمر افتضاح، ارتجلوا التوزيع، فوقع التأزم بين أعضاء المجموعة التي استقلت مركباً صغيراً وسط الأنواء، وهي مضطرة لأن تتماسك وتحافظ على وحدتها، لكي تعبر مضرب المَوج. فلأدنى سبب، بدأ الغمز واللمز سريعاً، وكان من بين تعبيراته ما يمس الاستقامة في مسائل القرار المستقل والتغريد خارج السرب والارتهان للقوى الإقليمية. لعل أطرف الغمزات، أن واحداً منهم، حظي بدرجة أقل ظاهرياً من درجة واحد آخر، اندفع الى التشهير بالقارب كله، فقال إن التكليف جاء بموجب ضغوطات « إقليمية » ووضع كلمة إقليمية بين علامتي تنصيص، للإيحاء بأن إسرائيل، أي العدو،  هي مصدر هذه الضغوط. وهكذا انضربت فرضيات التغريد والارتهان لقوى اقليمية والقرار المستقل!

والأنكى، أن تتجرأ كتيبة أم لهب، بعدئذٍ، على إصدار بيان لتعليم الناس فضيلة القرار المستقل وذميمة التغريد خارج السرب من تهجو سقوطاً مزعوماً، وكأنها تكره السقوط المؤكد في كل يوم!           

كلمات دلالية