خبر دراسة الفتاة للماجستير والدكتوراه.. كاريزما اجتماعية أم تعبئة فراغ

الساعة 08:18 ص|21 فبراير 2017

فلسطين اليوم

سؤال يتبادر للذهن، هل أصبح نيل الدراسات العليا بريستيج اجتماعي؟ وهل تصنع الماجستير والدكتوراه للفتاة كاريزما اجتماعية..؟ وماذا عن « هدى فهل لو كانت متزوجة ستفكر بدراسة الماجستير؟.. الأمر لا يتعلق بالزواج من دونه على شكلٍ خاص؛ وإنما يتعلق بكونها متفرغة ولديها دخل شهري أم لا، حيث تشهد الفترة الأخيرة إقبال غير معهود من الفتيات على إكمال الدراسات العليا بالحصول على درجات الماجستير والدكتوراه بشكل متضخم حتى بات الأمر أشبه بـ »موضة« ، والدوافع وراء ذلك تنحصر في أسباب مجتمعية غالبًا أكثر من كونها تعليمية أو علمية.

تعبئة فراغ

تقول »هدى _26 عاماً_« : »بعد تخرجي من التعليم الأساسي وخروجي من تجربة زوجية فاشلة لم يكن أمامي إلا التفكير في دراسة الماجستير« ، تصمت ثم تتابع بإطراق: »الشهادة تحمي الفتاة أكثر من الذهب، شو بدي أعمل بذهبي وأنا قاعدة بين أربع حيطان؟« كان هذا السبب الذي دفعها للتفكير في دراسة الماجستير فلولا حاجتها لقتل الفراغ من حولها لما اتخذت تلك الخطوة بالإضافة لامتلاكها المؤهلات المادية التي تساعدها في إتمام ذلك.

وليس حال الآنسة »منى« ببعيد عن سابقتها وهي خريجة تخصص اللغة العربية، تقول  »وكالة فلسطين اليوم الإخبارية« : »فترة ما بعد التخرج فاصلة في حياة الفتاة وإذا لم تحاول اشغال نفسها حتى يأتي ما يشغلها فحتمًا ستجن« ، وفي حديثها »حتى يأتي ما يشغلها« أثناء مواراتها ضحكتها إشارة غير مصرحة بـ »قدوم سعيد الحظ« ، حيث ترى أغلب الفتيات البيت عبارة عن سجن طالما هُن غير متزوجات وغير عاملات ولا يدرسن.

»أكمل ماجستير ولا أعلم بروضة أطفال؟« سؤال تطرحه »ولاء _28 عام« بجدية تامة مبينةً أن الدراسة أو العمل لا تفكر فيهما الفتاة لتحصيل دخل شهري عالٍ وإنما لتفريغ طاقاتهم وإشغال الفراغ في حياتهم ففكرة أن تتخرج البنت من الجامعة وتجلس لتتعلم الطبيخ وتدبير الشؤون المنزلية غير واردة هذه الأيام بتاتًا وقد نضطر للتداين طالما نحن آنسات لتحصيل درجات دراسية عليا، على حدِ قولها.
لوظائف مرموقة

وقد لا يكون السبب الرئيس هو إشغال الوقت أو مُجاراة ما يشيع مجتمعيًا في سعي الفتيات لنيل درجات عليا بعد اكتفائهم الذاتي وتخرجهم الجامعي، حيث تدرس »أمل قاسم _34 عام_« آخر فصل بالماجستير وهي موظفة وتتلقى راتب شهري »مُرضِي« ، حسبما تقول: »لن أضع يدي على خدي وأنتظر عريسًا حتى هذا العُمر فراتبي الشهري يكفيني وأرى أنه من السذاجة ألا أقدم على دراسة الماجستير وأنا أمتلك المال حتى لو كانت الدراسة صعبة أو أثر ذلك على متابعتي لعملي« .

في المقابل فإن زميلتها »أحلام الفرا« في ذات المكتب متزوجة وبدأت في دراسة الماجستير مع بدأ ابنتها في الدراسة الجامعية، تقول: »الأبناء أصبحوا كبارًا ويعتمدون على أنفسهم ومن الجميل مواكبة عجلة الحياة التعليمية والتكنولوجية خاصة أن الفجوة بين الجيلين أصبحت كبيرة مؤخرًا، وربما أستفيد كثيرًا من شهادة الماجستير في حصولي على فرصة عمل أفضل ونحن لن نوقف طموحنا ما دمنا قادرين على ذلك.. هذه وجهة نظري« .

ترسل »رانية« الرمز الضاحك عبر محادثة مراسلة »وكالة فلسطين اليوم الإخبارية«  معها على حسابها الشخصي في فيسبوك، وهي تتحدث من أنقرة قائلة: »بعد منتصف الثلاثين دون زواج لم يعد للوالدين حُكم علينا ومهما حاولوا في حدّنا عن السفر فسيستلمون في النهاية« ، فهي تُعِد رسالة الدكتوراه بعد نيلها درجة الماجستير في »علم النفس" قبل عام والتي كانت تأمل بعدها بوظيفة مرموقة إلا أن رسالتها لم تؤتي ثمارها، وفق قولها؛ ما جعلها تسعى للحصول على منحة دراسية لنيل الدكتوراه بالخارج.

كاريزما اجتماعية

وتتوقف أغلب الفتيات برهة بعد حصولهن على درجة الماجستير حتى تبدأن بالتفكير في دراسة الدكتوراه حيث يقل عدد المقبلين على الدكتوراه بشكل كبير من الاناث مقابل الذكور.

وأجمع المسؤولون عن الدراسات العليا بالجامعات الفلسطينية المختلفة على أن الأسباب وراء اقبال الاناث على التسجيل للدراسات العليا هي عديدة ومتشابكة ومنها أن بعض المؤسسات الحكومية والخاصة تُفضل تعيين الذكور على الإناث بعد الحصول على البكالوريوس وعدم إيجادهم لفرص عمل تناسب تخصصاتهم بدرجة البكالوريوس، بالإضافة تطلع الفتيات إلى تولي مناصب وزارية و حكومية و أكاديمية و إعلامية مميزة.

أما من وجهة نظر اجتماعية فإن ازدياد اقبال الإناث على الدراسات العليا كونها تعطي الشخص كاريزما اجتماعية ولوجود الامكانيات المادية لدى الأهل دون الحاجة للعمل، أيضًا توافقًا مع الحضور المتصاعد للمرأة في مجالات عديدة وخروجًا من إطار المهام المنزلية إلى طموحات علمية وقيادية ووظيفية مرموقة ومحاولة الفتيات الهروب اجتماعيا من انحسار فرص الزواج، لاسيما المتكافئة.

 

كلمات دلالية