خبر نتنياهو - ترامب .. قمة على عتبة تغييرات عميقة

الساعة 10:56 ص|18 فبراير 2017

فلسطين اليوم

مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية

بات يمكن التقدير باطمئنان أن العالم يدخل مرحلة جديدة، أو على الأقل يقف على عتبتها، مرحلة تبلور وتشكل وجه القرن الحادي والعشرين، وهي تثير الكثير من القلق والفزع لأنها تأتي في إطار التعبير عن انفجار الأزمة، ولا تأتي في سياق البناء على ما تم، بل في إطار الانقلاب والتراجع عمّا كان من ثوابت شكلت أساس التطلعات والطموحات والتحالفات والسياسات الدولية والإقليمية، ويعتبر الإقليم الشرق أوسطي وقضية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي من أكثر المناطق والقضايا التي تقف على عتبة التغييرات الهامة والعميقة، حيث ثمة تغييرات عميقة في الإقليم.

فلسطينيًا؛ حركة فتح تقف على أبواب مرحلة جديدة، مع الكثير من علامات الاستفهام، تغيير يطال أهم مركبين للحركة، صراع الخلافة في ظل مشكلة القيادي المفصول وعضو التشريعي دحلان، وفشل مشروع التسوية. وإسرائيليًا فإن التغيير السياسي في إسرائيل يصل إلى ذروته مع تصدر اليمين الخلاصي للمشهد السياسي الإسرائيلي، وتبنيه علانية استكمال مشروع الضم والتهويد وشطب مشروع الدولة الفلسطينية. وفي حركة حماس نجحوا في ترتيب بيتهم للتفرغ للاستعداد للمرحلة الجديدة، وهذا يسجل لصالحهم، على الرغم من أنهم في إسرائيل يرون في قائد حماس الجديد في غزة، السنوار، فرصة للتحريض على حركة حماس وفرصة لتبرير أي عدوان متى أرادت ذلك، ومن غير المستبعد أن يستعرض نتنياهو أمام ترامب - في لقائهما - التقدير الإسرائيلي للسنوار وتوجهاته، وذلك تحسبًا للاحتمالات المستقبلية محتملة الوقوع.

كل هذا التغيير يتأثر برياح التغيير الكبرى التي تهب من إدارة ترامب وتشكل ريح إسناد قوية للبعض من جهة، وتثير قلق الكثيرين من جهة أخرى، وفي ظل هذه الأجواء سيحاول نتنياهو أن يستخلص من قمته مع ترامب أفضل ما يخدم مشروعه، مع الكثير من الحذر من المزاج الترامبي، حيث حذر وزراء الكابينت - الذين اجتمعوا لنقاش المطالب والمواقف التي يجب ان يحملها نتنياهو في لقائه الأول مع ترامب - بالقول « يجب أن نأخذ مزاجه بعين الاعتبار »، وردًا على مطالبات بينيت وبعض الوزراء بالضم وشطب التسوية القائمة على إقامة الدولة الفلسطينية، قال نتنياهو « أنا سأوجه، أنا سأقود السياسة الإسرائيلية »، ويبدو ان لدى نتنياهو بعض المخاوف من اندفاع ترامب وطاقمه لصالح موقف اليمين الإسرائيلي، ولا سيما وأن الملياردير اليهودي المتطرف، وسيد نتنياهو - كما يكنى في الصحافة الإسرائيلية - شيلدون أديلسون حل ضيفًا مع زوجته داخل البيت الأبيض، في لقاء شخصي جمع أسرته بأسرة ترامب قبل يومين من قمة نتنياهو - ترامب.

ولوصف هذه المخاوف، اقتبس كاتب إسرائيلي قصة يهودية، عن رجل يهودي عاش في بولندا، عاد لبيته متكدرًا، ولما سألته زوجته عن سبب عبوسه، وأجابها بأن أناسًا يتحدثون عن قرب عودة المسيح المخلص الذي سيعيدنا، وكيف لنا ان نترك كل ما بنينا وحققنا هنا، فترد زوجته « لا تقلق، فإن الله الذي خلصنا من هامان وفرعون قادر على أن ينقذنا من المسيح برحمته ». نتنياهو يقدر انه قد يكون لترامب وإدارته طاقة دفع هائلة ومزاج غير مستقر وغير متوقع، ربما يشكل خطرًا على استمرار نجاح المشروع الصهيوني، الذي أسس نجاحه على الخداع والتضليل والكثير من العلاقات العامة والعلاقات السرية وتحت مظلات مقبولة دوليًا وإقليميًا ساعدت على تواطؤهم الصامت، وساعدت على تقدم وتوسع المشروع الاستيطاني.

قمة ترامب - نتنياهو تحمل للإسرائيليين الكثير من التوقعات والتطلعات، ويراقبها الفلسطينيون بالكثير من الخوف والتوتر، والسؤال الأهم الذي يدور في أذهان الجميع: بأي وعود سيعود نتنياهو فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني؟ وعلى ماذا سيتفقان؟ وما مصير السفارة؟ وما هي صيغة الصفقة التي سيتحدث عنها ترامب؟، والسؤال الأهم: ما هو مصير مشروع الدولة الفلسطينية؟، وصبيحة اليوم تلقفت وسائل الإعلام تصريحات لمسؤول رفيع في البيت الأبيض تفيد بأن إدارة ترامب لا ترى في الدولة الفلسطينية حلًا وحيدًا ملزمًا لأي تسوية، وأنها تتبنى ما يتفق عليه طرفا الصراع.

لكن نتنياهو لدية أجندة خاصة به لاستثمار الانحياز الترامبي الكبير، وسيحاول توجيه دفة اللقاء باتجاه فرض المزيد من العقوبات على إيران وتبني سياسات متشددة حيالها فيما يتعلق ببرنامجها النووي والصاروخي وصناعاتها العسكرية، وأيضًا فيما يتعلق بسياساتها ونشاطاتها ونفوذها خارج إيران، وفي تقديرنا فإن الموضوع السوري سيحظى بأهمية كبيرة في محاولة مقاربة إسرائيلية أمريكية للملف السوري، وفي قلب هذه المقاربة أخذ المصالح الإسرائيلية في سوريا بعين الاعتبار، ومن بين هذه المصالح التسليم بالضم الإسرائيلي لهضبة الجولان، والاهتمام بعدم وجود نفوذ معادٍ لإسرائيل في شريط القنيطرة - درعا. نتنياهو يقدر بأن هذا هو الوقت المناسب لانتزاع إنجاز كبير وهام لإسرائيل، ويقدر بأن التسليم الأمريكي والتفهم الدولي للسيطرة والضم الإسرائيلي لهضبة الجولان والسيطرة على الضفة الشرقية لبحيرة طبريا أصبح ممكنًا وبات ثمرة ناضجه يمكن قطفها بعد ان كانت قبل سنوات أمرًا مستحيلًا، بل وفاوضت على الانسحاب منها.

أما في الملف الفلسطيني؛ فسيحاول نتنياهو أن يضع الموضوع الفلسطيني في مكانة تشاورية دون حسم، استعراض للمعيقات دون تقديم اقتراحات ورؤية متكاملة، وسيستثمر الوقت المخصص للموضوع الفلسطيني في الشكوى من الفلسطينيين والتحريض عليهم جميعًا، على سلطتي رام الله وغزة، واتهامهم بالتحريض على العنف والقتل ودعم وتشجيع « الإرهاب » وارتباطهم بـ « الإرهاب الإسلامي » الدولي، بحيث يحظى بضوء كبير وواسع يمنحه حرية فعل واسعة ومظللة لراحة نتنياهو، أيضًا بحديث عام عن السعي لتحقيق تسوية سياسية مقبولة على الطرفين، وعن ضرورة الحفاظ على ممكنات نجاح التسوية؛ نقول لراحة نتنياهو لأنه سيوظفه لكبح جماح اليمين الموتور.

بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين فإدارة ترامب وصلف اليمين الإسرائيلي ليس قدرنا الذي يحتكر تحديد مستقبلنا بشرط أن نستطيع ان نكون على قدر المسؤولية وعلى قدر التحديات الكبيرة، وهذا مرهون بقدرتنا على رؤية حجم التحديات وقناعتنا وقدرتنا على ترتيب بيتنا الداخلي بما يمكننا من توفير الحد الأدنى للصمود وفرض إرادتنا على دولة الاحتلال، وهو أمر لا ينطوي على معجزة، وليس دربًا من المستحيل كما يتخيل البعض؛ بل بحاجة إلى إرادة وطنية مخلصة.

 

حماس تقترب أكثر من إيران

بقلم: يوني بن مناحيم (نيوز 1)

ترجمة: مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية

الإعلان الذي نقل في تسريب لقناة الجزيرة من داخل الانتخابات الداخلية لحماس بأن يحيى السنوار تم اختياره ليكون قائدًا في قطاع غزة لم يكن مفاجئًا، فالخلاف بين السنوار، القائد الفعلي للذراع العسكرية لحماس، وبين رئيس المكتب السياسي خالد مشعل بدأ منذ الفترة التي كان فيها السنوار في السجون الإسرائيلية واكتسبت زخمًا خلال عملية « الجرف الصامد ».

كان الأمر مسألة وقت حتى قررت الذراع العسكرية لحماس الإملاء الذراع السياسية بعدم موافقتها على أن يواصل مشعل العمل في منصبه بعد قضائه فترتين متتاليتين في الحكم، لم تجدِ كل محاولات إقناع تركيا وقطر، حسب مصادر في حماس فإنهم حاولوا - بلا جدوى - الحصول على موافقة الذراع العسكرية بتمديد فترة حكم مشعل مقابل عشرات الملايين من الدولارات، وكان هذا هو الحافز وراء إجراء انتخابات داخلية في حماس.

فوز السنوار في انتخابات قيادة حماس في قطاع غزة هو بالتأكيد فوز لإيران. خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحماس، انتخب ليكون نائبه. محمود الزهار، الموالي لإيران، أيضًا انتخب ليكون ضمن القيادة الجديدة في القطاع. حسب مصادر في القطاع، انتخب حوالي 13 مسؤولًا من الحركة ليكونوا أيضًا ضمن القيادة الجديدة، جزء منهم من الذراع العسكرية للحركة.

موقف إيران من حماس متوقع أن يقوى الآن، هذا الأمر يعتبر مهمًا بالنسبة لإيران التي تخوض مواجهة مع الرئيس الجديد دونالد ترامب. تشديد العلاقات مع حركة حماس سيسمح لها بتشغيل دون مشاكل - إذا لزم الأمر - ترسانة الصواريخ لحركة حماس في قطاع غزة ضد دولة إسرائيل في حال اندلاع مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة، كما إنها تسيطر على مخازن الصواريخ والقذائف لتنظيم حزب الله في لبنان.

حتى بعد أن ساءت العلاقات بينها وبين رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، على خلفية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، استمرت إيران بدعم الذراع العسكرية لحماس بالأموال والمواد القتالية، وانتظرت بصبر حتى ينجح السنوار بقلب ميزان القوى داخل القطاع.

إسماعيل هنية، المرشح لانتخابه لمنصب رئيس المكتب السياسي، لا يشكل مشكلة بالنسبة لإيران. حسب مصادر في حماس، السنوار سيسيطر على هنية من وراء الكواليس، وتوزيع الأدوار بينهما واضح.

هنية سيكون في مقدمة المنصة السياسية والإعلامية، لكن السنوار هو الملك الجديد بلا منازع لقطاع غزة وصاحب القرارات، حتى هنية يعرف ذلك جيدًا.

السنوار هو المبادر للاستراتيجية الجديدة للذراع العسكرية لحماس، ببناء قوة هجومية كبيرة ضد إسرائيل عن طريق الأنفاق، تجديد الصواريخ، إقامة وحدة كوماندوز بحرية، إقامة وحدة تكنولوجية لإنتاج طائرات بدون طيار ومقاتلي سايبر. السنوار هو المسؤول عن إعادة بناء جميع القوات العسكرية لحركة حماس التي تضررت خلال عملية « الجرف الصامد »، وعلى مدار حوالي عامين ونصف على القتال ترأس هو المهمة وأعاد الذراع العسكرية لحماس لنفس الوضع من الكفاءة العملية التي كانت عليه قبل « الجرف الصامد ».

جاهزية الذراع العسكرية مفترض أن تزداد أكثر، من المرجح أن الإيرانيين حولوا أموالًا طائلة لقطاع غزة في الأسابيع الماضية من أجل الانتخابات الداخلية، والآن سينقلون آليات قتال متطورة للذراع العسكرية من أجل حشد مزيد من القوة أمام إسرائيل.

التغير في ميزان القوى الداخلية لحماس مفترض أن يؤثر على التقارب الذي حدث مؤخرًا مع مصر، وعلى استمرار طبيعة العلاقات بين القيادة السياسية مع قطر وتركيا. وفق مسؤولين في حماس، السنوار عبر عن غضبه من نائب رئيس حكومة تركيا الذي أدان الهجوم الذي نفذه فادي القنبر في القدس وقتل فيه 4 جنود من الجيش الإسرائيلي.

ليس كل من في حماس راضين عن انتخاب السنوار كقائد في القطاع، أحمد يوسف، مسؤول في حركة حماس سابقًا، كتب على صفحته الخاصة في « فيسبوك » في 13 فبراير « عندما ترى إنسانًا فاشلًا يتقدم في صفوف الحركة، شخص جر حركته للإحباط على مدار السنوات؛ تعرف أن عقارب الساعة تتحرك للوراء ».

في قطاع غزة لم ينسوا مقتل محمد شتيوي، الذي كان قائد منطقة الزيتون في مدينة غزة خلال « الجرف الصامد »، وتم قتله بأمر من السنوار بتهمة الخيانة والإبلاغ عن مكان اختباء الضيف لإسرائيل، في حين أن الخلفية كانت خلافًا شخصيًا بينه وبين السنوار على خلفية ولائه لمشعل.

انتخاب السنوار ليس الكلمة الأخيرة، مفترض أن يثير مزيد من الصراعات الداخلية داخل الحركة، الانتخابات الداخلية في حماس لم تنتهِ بعد، ومتوقع أن نصطدم بمزيد من المفاجآت.

كلمات دلالية