'غوانتانامو فلسطين'.. هذا ما يحصل بالداخل

خبر روايات قاسية لمعتقلين سياسيين في سجن اريحا

الساعة 05:31 م|13 فبراير 2017

فلسطين اليوم

صراخ من كل حدبٍ وصوب، وضرب بشتى أدوات التعذيب، ويرمى المعتقل بزنزانة فردية لا تتجاوز مساحتها المتر الواحد.. مثبت في أعلاها مكيفان يضخان هواءً بارداً جداً، يجعل الزنزانة أشبه بثلاجة الموتى إضافة إلى أن المعتقلين يقضون حاجتهم في زجاجة، وفي الليل يستخدمها المعتقلون كوسادة لرؤوسهم.. هذا المشهد ليس في سجن غوانتنامو شرق كوبا أو أبو غريب في العراق.. وإنما في مدينة أريحا حيث أجهزة أمن السلطة وتعاملها مع المعتقلين السياسيين.

ويعاني المعتقلون السياسيون في سجون السلطة من أوضاع إنسانية صعبة في جميع السجون، وتزداد معاناتهم بشكل أكبر في مقر اللجنة الأمنية الواقع قرب جسر الأردن (الاستراحة)، والذي تشرف عليه اللجنة الأمنية المشكلة من 5 أجهزة أمنية.

ويحوي السجن أكثر من 120 معتقلاً سياسياً (ضم في إحدى المرات أكثر من 300 معتقل سياسي) إلى جانب جنائيين وعسكريين يعملون في أجهزة السلطة، ويتم في غرفه خلط السجناء السياسيين مع العسكريين إلى جانب الجنائيين، ويتكون السجن من 3 طوابق مقسمة لأكثر من 25 زنزانة انفرادية والعديد من السجون الجماعية.

يقول أحد المعتقلين المفرج عنهم تحفظ عن نشر اسمه خشية ملاحقته: اعتقلت لأسبابٍ سياسية، ووجهوا لي تهم جنائية، كحيازة سلاح، وتعرضت خلال فترة احتجازي لشتى صنوف العذاب.

يوضع المعتقل داخل ثلاجة 

وأضاف: عندما وصلت إلى مقر اللجنة في أريحا كنت مكبل اليدين وأنهال عليَّ أكثر من 10 عناصر مسلحة بالضرب بالهراوات في جميع أنحاء جسدي، ووجهوا لي الألفاظ النابية، ووضعوا كيساً قذراً على رأسي، لدرجة أن بعض الإخوة فقدوا وعيهم من شدة نتانته.

وقال سجين آخر: أثناء أيام التحقيق يتم وضع المعتقل داخل زنزانة مساحتها 1×1 بارتفاع 3 أمتار، مثبت في أعلاها مكيفات للهواء تضخ هواء بارد جداً، لدرجة أن المعتقل لا يستطيع أن ينام ولو دقيقة واحدة من شدة البرد، تخيل في ظل الأجواء الباردة أن المعتقل ينام على الأرض داخل ثلاجة!

ويوضح أن الغرفة فارغة تماماً من جميع المحتويات، « لا يوجد أغطية، أو فراش، فقط موجود زجاجة فارغة تستخدم لقضاء الحاجة، وعند النوم نستخدمها-  كوسادة للنوم، وفي بعض الأحيان يتم مصادرتها ».

وفي جلسات التحقيق يتم ممارسة أقسى صنوف العذاب على المعتقل، ويشرف على التحقيق ممثل عن الاستخبارات العسكرية، والأمن الوقائي، والشرطة، والمخابرات العامة، وبحراسة من جهاز الامن الوطني.

الطعام: الفطور بيضة مسلوقة والغداء صحن « مجدرة » لا يشبع طفلاً ضغيراً

وعن الوجبات الغذائية المقدمة، يقول « الوجبات سيئة للغاية، الفطور عبارة عن بيضة مسلوقة واحدة، ورغيف خبز فقط، أما وجبة الغداء فتكون عبارة عن صحن صغير من (المجدرة) لا تكاد تشبعُ طفلاً صغيراً، كذلك لا يوجد عشاء.

أما عن زيارات الأهل فيقول مسجون آخر، »الزيارات تكاد تكون ممنوعة، فكل 3 أو 4 شهور يتم السماح للأهل بالزيارة مرة واحدة« .

ونوه إلى أن الزنازين مراقبة بالكاميرات؛ بحيث إذا حاول المعتقل تغيير وضعيته وإراحة نفسه؛ يدخل عليه العساكر، وينهالوا عليه بالضرب، ويعيدوه إلى وضعيته السابقة.

يقول أحد الضحايا: بمجرد وصولي إلى سجن أريحا تم تكبيلي، واعتدي عليَّ بالضرب المبرح، وعندما دخلت غرفة التحقيق قال لي المحققين، لماذا جئت إلى هنا؟.. وماذا جئت تقول؟ .. فقلت أنكم أنتم من أتيتم بي.. فانهالوا عليَّ بالضرب، وتم ضربي على طريقة (الفلقة) لأكثر من 15 دقيقة.

يضيف: شاهدت حالات إغماء للعديد من المعتقلين داخل السجن، كلها نتيجة ضعف التغذية، ونتيجة التعذيب الشديد.

يتابع: فقدت 40 كيلو من وزني في أقل من 55 يوماً، وكذلك جميع المعتقلين فقدوا كميات كبيرة من أوزانهم.

شابٌ آخر تحدث عن تجربته التي وصفها بالأصعب، قائلا: »أنا اعتقلت في مدينتي لأكثر من ست مرات خلال السنوات السابقة، ورغم مرارة تلك الاعتقالات إلا أن الاعتقال الأخير في أريحا كان أصعب مرحلة أذوقها« .

وتحدث الشاب عن »الفلقة« كأحد أساليب التعذيب المتابعة، قائلا: »يجلس المعتقل على الأرض، وتوضع قدماه على كرسي بعد أن يخلع حذاءه وجواربه، ويقف أحد المحققين عند رأس المعتقل، وآخر يثبت قدمي المعتقل، والثالث يمسك بربيش بلاستيكي معبأ بالرمل، وبعد ذلك يبدأ المحقق الذي يقف عند رأس المعتقل بضرب المعتقل بالكف على وجهه، وكذلك يبدأ المحقق الآخر بضرب المعتقل بالبريش على مؤخرة قدميه، ويستمر ذلك لعدة ساعات، وتكرر في بعض الأحيان في نفس اليوم أكثر من جلسة.

وزاد: « في بعض الأحيان يوقف المعتقل أمام جدار وهو مغطى العينين ومكبل اليدين للخلف، ويطلب منه أن يصعد على الدرج أو السلم، وفي الأساس لا يوجد درج ولا سلم، إنما حائط فقط، وبعد ذلك يعتدى عليه بالضرب المبرح ».

وأردف يكمل رحلة التعذيب: « يوضع قضيب حديدي عريض بين الركبتين، ويجبر المعتقل على جلوس القرفصاء، ويطلب منه أن يقف ويجلس لمدة طويلة ».

ويقول المعتقلون أن اللجنة الأمنية تزيف الواقع المأسوي أمام هيئات حقوق الإنسان إذ يحسنون من كمية الطعام، وينقلون المعتقلين من غرف العزل إلى الغرف الجماعية، ويحسنوا من واقع المعتقل ككل عند علمهم بموعد قدوم الهيئات الحقوقية.

مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) د. عمار الدويك أكد أن الهيئة زارت العديد من مراكز التوقيف التابعة للسلطة في أريحا من بينها مقر اللجنة الأمنية، وأنها تتواصل في بعض الأحيان مع وزير الداخلية، والنائب العام والجهات المختصة لمعالجة بعض القضايا.

ورفض خلال حديثه لـ « فلسطين اليوم » التعقيب على وجود معتقلين سياسيين داخل مقر اللجنة الأمنية، وتعرضهم للتعذيب الشديد في تلك المراكز، قائلاً « أي شكاوى يتقدم بها الموقوف إلى الهيئة يتم معالجتها مع الجهات المختصة ».

خريشة: المعتقلون السياسيون في سجن اريحا يتعرضون لتعذيب شديد

النائب في المجلس التشريعي د. حسن خريشة أكد أن سجن أريحا (مقر اللجنة الأمنية) يضم عدد كبير من المعتقلين على خلفية الرأي والتعبير، وأن الأجهزة الأمنية تمارس عليهم شتى صنوف العذاب.

وقال خريشة: كثير من المعتقلين السياسيين يتم تحويلهم من مناطق مختلفة في الضفة إلى مقر اللجنة الأمنية، وهناك يتم التحقيق المركزي معهم، ويتم تعذيبهم دون وجه حق، كان آخرهم اعتقال الصحفيين: سامي الساعي، محرر الأخبار في تلفزيون الفجر الجديد بطولكرم (صدر قرار بإطلاق سراحه بكفالة يوم الأربعاء)، ومحمد سعيد جهابشة، مقدم البرامج في اذاعة مرح بالخليل« .

واشار خريشة في تصريحٍ لـ »فلسطين اليوم" إلى ارتفاع وتيرة الاعتقالات السياسية في الضفة المحتلة، وغالبيتها تتم على خلفية الرأي والتعبير.

وذكر أن دور المؤسسات الحقوقية ولجان الحريات لازالت ضعيفة في التعاطي مع ملف الحريات.

كلمات دلالية