الأرض لن تهتز -هآرتس
بقلم: أسرة التحرير
يقف رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت على رأس حزب من ثمانية مقاعد فقط. ولكنه في نظر نفسه هو رئيس الوزراء، بينما بنيامين نتنياهو هو سفيره في واشنطن. ولعل هذا هو السبب الذي جعله يجد من الصواب ان يسلح السفير نتنياهو بتهديد مفاده « اذا ذكر ترامب ونتنياهو الدولة الفلسطينية فالارض ستهتز ».
فضلا عن رؤية الواقع الشوهاء لبينيت، الذي يخيل أنه نسي قوته الانتخابية الحقيقية، ثمة في هذا التهديد إملاء على الرئيس الامريكي دونالد ترامب، يشرح له فيه بان من الافضل أن يعرف ما هو المسموح له وما هو المحظور عليه قوله في موضوع النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. يؤمن بينيت، في أنه بعد أن نجح في اخضاع نتنياهو في موضوع عمونه وقانون التسوية – حان الان دور ترامب في تلقي درسا للحياة من وزير التعليم الاسرائيلي.
بينيت معني بان يجر ترامب الى الجنون الاسرائيلي. فهو يسعى لان يحشر الفلسطينيين في الزاوية، ان يزرع في اوساطهم اليأس وان يبدد كل أمل بخطوة سياسية. اذا أنصت نتنياهو لهذه الترهات، فسيمس بشدة بعلاقات اسرائيل مع دول العالم ولا سيما مع الاتحاد الاوروبي، سيخرب على تقدم خطى السلام مع الدول العربية، وسيدفع اسرائيل في منزلق الهوة الفاشية، في ظل عدم وجود من يرفع أمامه شارة تحذير اخلاقية.
دولة اسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بان تتصرف حسب املاءات حزب قومي متطرف، معني بضم المناطق المحتلة، وتحويلها الى دولة ابرتهايد. نتنياهو يفهم هذا، ولكنه يخشى ردود فعل اليمين، سواء من جانب أجنحة الليكود الصقرية، أم من جانب حزب المستوطنين. ولكن دور رئيس الوزراء في مثل هذه الازمنة هو الوقوف صلبا وعدم الاستسلام للابتزاز الايديولوجي الهدام بل أن يعبر عن الموقف الوحيد الذي يحسن للدولة – حل الدولتين.
يأتي اللقاء مع ترامب بعد سلسلة من التصريحات الملتبسة من الرئيس الامريكي. فتبجحاته المؤيدة لليمين قبل الانتخابات استبدلت بصياغات معتدلة، تأخذ بالحسبان الطرف الفلسطيني أيضا. فالوعد بنقل السفارة الامريكية الى القدس جمد، وفي المقابلة التي منحها لـ « اسرائيل اليوم » قال ان « على اسرائيل أن تتصرف بشكل منطقي بالنسبة للمسيرة السياسية، كي تأتي بعد كل هذه السنين الطويل ».
هكذا بحيث أنه رغم الضغوط التي تمارس عليه من اليمين، يعرف نتنياهو جيدا بأن الارض لن تهتز اذا تلفظ بكلمة « الدولتين »، وشرح بان هذا هو الطريق الوحيد الممكن لتسوية النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، بل ودعا الرئيس الامريكي الى التدخل في المسيرة السياسية. الارض ستهتز حقا اذا ما استسلم نتنياهو لاملاءات بينيت وأعطى ريح اسناد لسياسة المستوطنين في الضم.